في ظل تجدد التوترات بين الغرب وروسيا، عقدت موسكو و«حلف شمال الأطلسي» (الناتو)، اجتماعاً هو الأول بين الطرفين منذ أيار/ مايو الماضي لمناقشة التدريبات العسكرية الواسعة النطاق التي يجريها كل منهما، بالإضافة إلى المعاهدة «النووية المتوسطة والقصيرة المدى»، والتي تعود إلى حقبة الحرب الباردة، وكانت الولايات المتحدة قد تعهدت بالانسحاب منها بسبب اتهامات بعدم التزام روسيا بها. وأفاد بيان صدر أمس عن «الناتو» بأن الجانبين «تبادلا وجهات النظر بشكل منفتح بشأن أوكرانيا وتدريبات روسيا العسكرية في فوستوك وتدريبات (ترايدنت جنكتشر) التي يجريها الحلف، بالإضافة إلى الوضع في أفغانستان والمخاطر الأمنية».ويجري «الأطلسي» أكبر تدريبات عسكرية له منذ الحرب الباردة في النرويج، ويقوم جنود الحلف بمناورات بالقرب من حدود روسيا التي أجرت تدريبات «فوستوك» العسكرية بالاشتراك مع الجيش الصيني، وكانت الأكبر من نوعها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991، في أيلول/ سبتمبر الماضي. ويشعر كِلا الطرفين بالانزعاج من تدريبات الآخر التي يلعب فيها استعراض القوة وقدرات الردع دوراً كبيراً. واتسع نطاق التدريبات في السنوات الأخيرة مع تنامي أجواء المواجهة بين روسيا والغرب.
وعقب الاجتماع، قال الأمين العام لـ«الأطلسي» ينس ستولتنبرغ، إن «الجميع متفق على أن معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى تتسم بأهمية حاسمة بالنسبة إلى الأمن الأوروبي والأطلسي»، مؤكداً «استعداد الحلف لمواصلة الحوار مع روسيا حول المعاهدة». كذلك أشار إلى أن «الأطلسي ملتزم باتخاذ إجراءات فعالة لضمان أمن كافة الحلفاء». وأضاف أن الحلفاء في «الناتو» دعوا روسيا إلى «ضمان الالتزام الكامل بالمعاهدة»، واعتبر الصاروخ الروسي الجديد من نوع «9 أم 729» أو «SSC 8»، وفق تصنيف الناتو، «خطراً جدياً» على استقرار المنطقة الأوروبية والأطلسية.
من جانبها، أكدت روسيا، خلال الاجتماع، أهمية المعاهدة باعتبارها «عامل الحفاظ على الاستقرار» في أوروبا والعالم. وأشارت البعثة الروسية لدى «الناتو»، في بيان، إلى أنه جرت «مناقشة القضايا الملحة المتعلقة بضرورة التخفيف من التوتر العسكري بين روسيا والناتو وتفادي وقوع حوادث خطيرة، وتم تبادل الآراء حول مناورات الحلف والمناورات الروسية».
يُذكر أن مجلس «روسيا ــ الناتو» تأسس عام 2002 لمعالجة القضايا الأمنية والمشاريع المشتركة. يتطور التعاون بين روسيا وحلف الناتو الآن في العديد من القطاعات الرئيسية، بما فيها: مكافحة الإرهاب، والتعاون العسكري، والتعاون في أفغانستان، ومكافحة إنتاج المخدرات، والتعاون الصناعي، وعدم انتشار الأسلحة. وفي الأول من نيسان/ أبريل 2014، قرر «الأطلسي» بالإجماع تعليق التعاون مع الاتحاد الروسي، وذلك على خلفية الأزمة الأوكرانية، وظلّ معلّقاً حتى اجتمع المجلس قبل انعقاد مؤتمر وزراء خارجية الحلف في بروكسل، أواخر آذار/ مارس 2017.