اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مناسبة الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة، ليضرب عصفورين بحجر واحد: تأكيد أنه «أنجز» ما وعد به الجمهور من «تدفيع» الخليج مزيداً من المال مقابل «الحماية»، وكذلك للقول بصراحة إن ما دفعته مشيخات الخليج ليس كافياً. بلع آل سعود، المعنيون أولاً بصراخ ترامب خلف منبر التجمع الانتخابي في ساوثافن بولاية ميسيسيبي، ألسنتهم أمام إهانة الملك سلمان بن عبد العزيز، التي كررها الرجل مرّتين في أسبوع واحد، بعد خطابه في فرجينيا الغربية على وقع ارتفاع أسعار النفط. بلع القوم ألسنتهم بعد أن تنمروا على كندا، جارة ترامب الشمالية، فقط لأنها قالت للرياض إن عليها «الإفراج فوراً» عن بعض المعتقلين. فوفق وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، لا يمكن مخاطبة المملكة بعبارة «فوراً»، فهذا يستدعي قطع العلاقات الدبلوماسية، و«فوراً» أيضاً.يختلف الأمر حين يكون المخاطِب ترامب، وهو يتوجه إلى الملك سلمان مباشرة: «أيها الملك، نحن نحميك، قد لا تتمكن من البقاء لأسبوعين من دوننا، عليك أن تدفع لجيشك». قبلها بأيام فقط، بدأ ترامب استعادة لغته إبان حملاته الانتخابية عن الخليج، بلغة أشد ابتزازاً، ذاكراً أنه تحدّث مع الملك سلمان في اتصاله الأخير معه حول «جهود الحفاظ على الإمدادات لضمان استقرار سوق النفط»، مستطرداً بالقول: «قلت له (سلمان): قد لا تكون قادراً على الاحتفاظ بطائراتك، لأن السعودية ستتعرض للهجوم، لكن معنا أنتم في أمان تام، لكننا لا نحصل في المقابل على ما يجب أن نحصل عليه». وتابع ترامب في الحفل الانتخابي: «ملك السعودية يمتلك تريليونات من الدولارات، من دون الولايات المتحدة لا أحد يعلم ماذا سيحدث».
الفالح: نخطط لزيادة إنتاج النفط أكثر الشهر المقبل


يدسّ النظام السعودي رأسه في الرمال مع كل إهانة، لكنه يعلم أن ترامب جاد في ما يقول، ما يدفعه إلى التحرك سريعاً. كلام ترامب يأتي في وقت يرغب في تأكيد سياسته بشأن عدم الإغداق على «الحلفاء» بكلفة زهيدة، تحت شعار «أميركا أولاً». كذلك يريد إيجاد حل سريع بأيّ ثمن لملف النفط عبر زيادة الإنتاج لتقوية العقوبات على إيران، وفي الوقت نفسه خفض الأسعار التي بلغت هذا الأسبوع أعلى مستوى لها منذ عام 2014 (85 دولاراً للبرميل). وأمس، دخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الخط، في مؤتمر الطاقة، بالقول: «دونالد، إذا كنت تريد أن تجد المسؤول عن ارتفاع الأسعار، تحتاج إلى النظر في المرآة» من خلال «التوقعات بفرض عقوبات على إيران».
وسارع وزير النفط السعودي خالد الفالح، أثناء مشاركته في مؤتمر الطاقة في روسيا، إلى تأكيد أن بلاده رفعت إنتاجها إلى 10.7 ملايين برميل يومياً في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وتخطط لزيادة الإنتاج أكثر في نوفمبر/ تشرين الثاني لتغطية الطلب المتزايد، وهو ما أسهم في كبح جماح الارتفاع بالأسعار، أمس، خصوصاً بعد معلومات عن اتفاق بين الرياض وموسكو على زيادة الإنتاج. لكن العقبة الأكبر تبقى عدم نجاح السعودية، رغم زيادة حقولها (وهو ما لا يكفي لتلبية طلبات ترامب)، في حل أزمتها مع الكويت بعد الزيارة الفاشلة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتوقّف المحادثات بين الرياض والكويت لاستئناف تشغيل حقلي الخفجي والوفرة.