على موسيقى أغنية Dancing Queen (الملكة الراقصة) للفريق البريطاني الشهير «آبا»، دخلت رئيسة الوزراء تيريزا ماي القاعة في اليوم الأخير لمؤتمر «حزب المحافظين»، في محاولة لتوجيه رسالة إلى منتقديها، وفي مقدمتهم وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، مفادها: أنا الملكة هنا.فبعد يوم واحد من وصفها جونسون بأنه «شخص استعراضي... يريد دائماً أن يقدّم عرضاً مشوقاً» بينما تركز هي على «الهموم الحياتية اليومية»، رقصت ماي على أنغام الأغنية التي صدرت عام 1976، وسط تصفيق الحضور في برمنغهام أمس، مقدمة عرضاً لا يقل «شعبوية» عن عرض الـ35 دقيقة الذي قدّمه غريمها ومزج فيه بين الفكاهة والسخرية والانتقاد. ولجأت رئيسة الوزراء إلى «الاستراتيجية» نفسها، فبدأت كلمتها خلال الحفل الختامي بطريقة ساخرة، قائلة إنها ظلت مستيقظة طوال الليل لتختار الخلفية الأنسب للمسرح، في إشارة إلى الخلفية التي سقطت خلال خطابها أمام المؤتمر العام الماضي.
وتحاول ماي جذب اهتمام «الجيل الجديد» في «حزب المحافظين»، الذي قالت إنه يجب أن يشغل «الأرضية الوسطية» للمعترك السياسي البريطاني، وذلك من أجل «توحيد البلاد» بعد تفاقم الانقسامات العميقة جراء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ودعت أعضاء الحزب إلى الوقوف في صفها والوثوق بها للتوصل إلى اتفاق جيد حول «بريكست»، مؤكدة أن اقتراحاتها «تصب في مصلحة» بريطانيا وتهدف إلى «حماية» البلاد من تداعيات الخروج. وفي هذا السياق، استعرضت ماي رؤيتها للخروج «المثالي» من دون إحداث أي ضرر في القطاع الاقتصادي للبلاد، مؤكدة أن «لا أحد يرغب في التوصل إلى اتفاق جيد أكثر مني، إلا أن ذلك لا يعني التوصل إلى اتفاق بأي ثمن».
وعدت بإنهاء سياسات التقشف عقب «بريكست»


وتواجه خطتها التي تعرف باسم «خطة تشيكرز»، وتدعو إلى إقامة علاقة تجارية وثيقة مع الاتحاد الأوروبي عبر إبقاء القواعد المشتركة، معارضة شرسة من داخل الحزب، وسط تصاعد الأصوات المطالبة بقطيعة كاملة وواضحة مع المفوضية الأوروبية. كذلك، فإن القادة الأوروبيين رفضوا الخطة، وطلبوا من ماي مراجعتها قبل القمة الأوروبية المقبلة في 18 و19 تشرين الأول/ اكتوبر.
وتأتي كلمة ماي بعد يوم من شنّ وزير الخارجية السابق هجوماً حاداً على «تشيكرز»، التي وصفها بالخطة «الخطيرة وغير المستقرة»، كما أنها «ذل سياسي»، داعياً رئيسة الوزراء إلى «العودة عن محاولاتها للإبقاء على العلاقات الاقتصادية الوثيقة مع الاتحاد». وفي كلمة ألقاها أمام المؤتمر، الثلاثاء، تخللتها الضحكات وصيحات الابتهاج، قال جونسون «رفاقي المحافظين، هذه ليست ديموقراطية. ليس هذا ما صوّتنا لأجله. هذا أمر فظيع». واستمع إلى كلمة جونسون، التي اعتبرتها الصحف محاولة لسحب منصب رئاسة الوزراء من ماي، نحو 150 شخصاً اكتظت بهم قاعة المؤتمرات بعد اصطفافهم لساعات للاستماع إلى كلمة السياسي الذي استقال من الحكومة في تموز/ يوليو الماضي.
ويأتي هذا التخبّط داخل صف «المحافظين» مع اقتراب القمة الأوروبية، وفيها سيحدد مصير البلاد عقب «بريكست».

هاجس كوربن
بعد دعوتها إلى «وحدة الصف» داخل حزبها، لعبت ماي على وتر الانقسامات داخل «حزب العمال» المعارض، وحثّت كوادر المحافظين على التقرب من اليساريين غير الراضين عن زعيم الحزب جيريمي كوربن. ولا يمكن لماي الاعتماد على دعم «حزب العمال» الذي قال إنه سيرفض كل مشروع للحكومة لا يبقي امتيازات السوق الأوروبية الواحدة والاتحاد الجمركي. وفي هذا الصدد، اتهمت ماي كوربن برفض «القيم المشتركة التي كانت تسد سابقاً انقسامنا السياسي»، وبالعمل من أجل تحقيق «مكاسب سياسية خاصة وليس من أجل المصلحة العامة». وأضافت: «يجب أن نكون حزباً للدولة بأسرها... ليس للأقلية ولا للأكثرية، لكن للجميع الذين يستعدون للعمل الجاد وبذل قصارى جهدهم».
وردّاً على انتقادات كوربن لما سمّاه «ثماني سنوات من التقشف المدمر» تحت حكم المحافظين، أعلنت رئيسة الوزراء عزم حكومتها على إنهاء سياسات خفض العجز والديون التي اتبعتها الحكومة بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، وذلك بعد أن أثبتت «نجاحها». وأوضحت أنه عقب خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي في آذار/ مارس 2019، «سنضع سياستنا للمستقبل... وسنقوم بزيادة النفقات على الخدمات العامة»، مؤكدة «نهاية» عصر التقشف.