نجح الرئيس الكوري الجنوبي، مون جاي إن، في التحدي. انتهت القمة التي جمعته إلى الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، بنتائج إيجابية، تضمنت عدة قرارات من شأنها أن تدفع إلى إحلال السلام في شبه الجزيرة الكورية. وأعلن مون أن بيونغ يانغ وافقت على إشراف مفتشين دوليين على «تفكيكٍ دائم لمنشآتها الصاروخية الأساسية... وإغلاق المجمع النووي الرئيسي في يونغ بيون، إذا اتخذت الولايات المتحدة إجراءات متبادلة». ولفت إلى أن بيونغ يانغ وافقت على أن «تغلق نهائياً منشأة تونغ تشانغ ري لتجارب محركات الصواريخ ومنصات إطلاق الصواريخ، بحضور خبراء من الدول المعنية».وبين المفاجآت الكثيرة، التي دلّت على تقارب الكوريتين السريع بعد عقودٍ من القطيعة، أعلن كيم أنه سيقوم في المستقبل القريب بزيارة رسمية للعاصمة الجنوبية، في خطوة ستكون الأولى من نوعها منذ تقسيم شبه الجزيرة الكورية. وفي اختتام القمة التي استمرت يومين، وقع الجانبان ورقة تفاهم أُطلق عليها «إعلان بيونغ يانغ المشترك»، ما عُدّ إعلاناً رسمياً لنهاية الحرب الكورية التي دارت عسكرياً بين عامي 1950 و1953. وعلى الرغم من أن ذلك لم يرد حرفياً في متن الإعلان، فإن التأكيد جاء على لسان المكتب الرئاسي الجنوبي الذي أوضح أن الرئيسين «أعلنا في الواقع نهاية الحرب الكورية من خلال تبني إعلان بيونغ يانغ المشترك، وطرحا خطة عمل ملموسة للازدهار المشترك القائم على السلام».
رحّبت كل من روسيا والصين بنتائج القمة الكورية


وتضمن الإعلان تطبيعاً دبلوماسياً واقتصادياً بين البلدين من خلال اتفاقيات، فوقّعت وزارتا الدفاع في البلدين ميثاقاً يهدف إلى خفض التوتر وينصّ على أن تفكك كل دولة 11 مركز حراسة بحلول نهاية السنة، إضافة إلى وقف التدريبات العسكرية على الحدود اعتباراً من الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر. كذلك تقررت إقامة منطقة عازلة في البحر الأصفر، عند الحدود البحرية المتنازع عليها، وتعليق التدريبات والنيران البحرية وإقامة منطقة حظر جوي على الحدود لتجنب مواجهات عرضية. واتفق الجانبان على تدشين مشروع، هذه السنة، لربط شبكتي سكك الحديد والطرقات و«تطبيع» الوضع في كايسونغ (المنطقة الصناعية المشتركة المغلقة حالياً في كوريا الشمالية). وقرر الجانبان أيضاً، أن تستأنف الرحلات التي تنظم للسياح الكوريين الجنوبيين إلى جبل كومغانغ «إذا سمحت الظروف بذلك». إضافة إلى ذلك، سيتقدم البلدان بملف ترشيح مشترك لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2032. وأخيراً، وبهدف حلّ قضية الأسر المشتتة، اتفق الرئيسان على افتتاح مرفق دائم للمّ شمل الأسر المشتتة في منطقة جبل كومكانغ في أسرع وقت ممكن.
وسرعان ما لاقت القمة ردود فعل دولية، كان أولها من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي رحّب بالتطورات، واصفاً إيّاها بأنها «مثيرة للغاية». وقال ترامب في تغريدة له أمس، على موقع «تويتر»، إن «كيم وافق على السماح بعمليات تفتيش نووية على أساس مفاوضات نهائية وعلى تفكيك نهائي لموقع تجارب ومنصة إطلاق في وجود خبراء دوليين»، مضيفاً: «في الوقت نفسه، لن تكون هناك تجارب صاروخية أو نووية». غير أن السيناتور الأميركي ليندسي غراهام، انتقد زيارة مون لبيونغ يانغ، مساء أول من أمس، قائلاً إنها «تخاطر بتقويض سياسة الولايات المتحدة المتمثلة بممارسة أقصى قدر من الضغوط على بيونغ يانغ حتى تتخلى عن برامجها لتطوير الأسلحة النووية والصاروخية». وأضاف غراهام من على منصة «تويتر» أنه «في الوقت الذي توقفت فيه كوريا الشمالية عن اختبار الصواريخ والأجهزة النووية، فإنها لم تتحرك نحو نزع السلاح النووي... يجب ألّا يلعب كيم جونغ أون بكوريا الجنوبية». من الجانب الروسي، أعلن الكرملين أنه «يؤيد الاتفاقات التي توصل إليها كيم ومون»، ووصفها بأنها خطوات فعالة نحو تسوية سياسية. أمّا بكين، فقد رحبت بنتائج القمة، مشيرة إلى أنها «ستواصل دعم الجانبين في مزيد من المحادثات حول الحدّ من التوتر». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جينغ شوانغ، أمس، إن بلاده «لاحظت التأثير الإيجابي للاجتماع على تخفيف التوترات العسكرية وتعزيز محادثات السلام وعملية نزع السلاح النووي».