اسطنبول | تشهد تركيا نقاشاً مثيراً على الصعيدين العسكري والسياسي، وقد يحدد مسار الخيارات التكتيكية والاستراتيجية للدولة التركية التي تواجه تحديات جدية بسبب تعاونها المثير والشامل مع موسكو، والذي انطلق على قاعدة التنسيق والتعاون في الملف السوري. فقد أكد وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو «حق بلاده في الحصول على طائرات أف 35، خلال فترة أقصاها نهاية هذا العام»، مضيفاً أنه إذا رفضت الولايات المتحدة الأميركية تسليم هذه الطائرات، فإن أنقرة سوف تبحث عن خيارات أخرى، و«قد تكون روسيا من بين هذه الخيارات».كلام الوزير هذا جاء بعد معلومات تحدثت عن مساع إسرائيلية لعرقلة تسليم هذه الطائرات المتطورة إلى تركيا. وكانت أوساط حكومية تركية قد تحدثت عن استعداد أنقرة للحديث مع موسكو لشراء طائرات سو 57، كبديل لطائرات أف 35 التي وصل سعر الواحدة منها إلى قرابة 100 مليون دولار. واكتسبت كل تلك المعلومات أهمية إضافية لكونها جاءت بعد توقيع أنقرة على الاتفاقية النهائية لشراء منظومة الدفاع الجوية الروسية «أس 400»، بعد أن رفضت الولايات المتحدة بيعها منظومة «باتريوت». وكان القرار التركي بشراء «أس 400» كافياً لتوليد ردود فعل أميركية و«أطلسية»، على اعتبار أن تركيا دولة في «حلف شمال الأطلسي» وجزء من منظومته الدفاعية، وبالتالي لن يكون سهلاً التأقلم مع النظام الدفاعي الذي سيعتبر كل طائرات «الحلف» أهدافاً معادية. وفشلت جميع المساعي والضغوط على أنقرة لإلغاء تلك الصفقة، وسط معلومات تتحدث عن تعاون عسكري منتظر بين تركيا وروسيا، قد يصل إلى تصنيع «أس 400» وبعض الدبابات الروسية في تركيا.
تتوقع الأوساط الحكومية مزيداً من التوتر مع واشنطن بشأن صفقة الطائرات


وتتوقع الأوساط الحكومية المزيد من التوتر في العلاقات التركية مع واشنطن، في حال رفضها تسليم طائرات «أف 35»، باعتبار تركيا واحدة من الدول المساهمة في تصنيع هذه الطائرة، ومعها الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وهولندا والنروج وأستراليا وكندا والدنمارك. وكان الجيش الإسرائيلي هو أول من امتلك هذه الطائرات بعد نظيره الأميركي، بعد أن أسهمت شركات إسرائيلية في تصنيع الأنظمة الأمنية لهذا الطراز.
وتشهد علاقات أنقرة مع واشنطن فتوراً وتوتراً جدياً، بسبب الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية في الشمال السوري. وسبق للرئيس رجب طيب أردوغان أن هدّد وتوعّد واشنطن، من دون أن يحالفه الحظ في إقناع الرئيس دونالد ترامب، بوقف هذا الدعم الذي يقول عنه أردوغان إنه يشكل خطراً على أمن تركيا، طالما أنه سيؤدي إلى تقسيم سوريا وإقامة كيان كردي مستقل في شمالها. وهو ما اعتبره الجنرال المتقاعد حلمي صولماز تورك تطوراً مقبولاً من أردوغان، الذي سيتستخدم ذلك حجّة لطرح كيان تركماني تابع له في الشمال السوري غرب الفرات، وحيث زاد عدد مسلحي الفصائل المختلفة في هذه المنطقة الممتدة من جرابلس الى عفرين، وجنوباً إلى إدلب، عن 100 ألف مسلح.
وكان الوزير جاويش أوغلو قد تحدث عن اتفاق تركي ـــ أميركي لإخراج الميليشيات الكردية من غرب الفرات، أي مدينة منبج، وتشكيل إدارة محلية بمساهمة البلدين في المدينة، من دون أن يوضح موقف أنقرة المحتمل تجاه استمرار الوجود العسكري الأميركي في الشمال السوري، وهو وجود سيكون كافياً لتأمين الحماية للقوات الكردية غرب الفرات.