ما نعرفه حتى الآن هو أن اللعبة المثيرة للجدل تسببت، حتى الآن، بانتحار ما لا يقل عن 130 مراهقاً في أنحاء روسيا. أما في الدول العربية، فقد سُجّلت حتى الآن ستّ حالات وفاة، كان آخرها في مصر، حيث أعلن عن انتحار نجل النائب البرلماني المصري السابق، حمدي الفخراني، بسبب اللعبة الخطرة التي تبين أنها وصلت أخيراً إلى لبنان!
ما هي لعبة الحوت الأزرق؟
تحدي «الحوت الأزرق» (Blue Whale Challenge) هو تطبيق يُحمّل على أجهزة الهواتف الذكية، ويستهدف المراهقين بين 12 و16 عاماً. أبصرت اللعبة النور عام 2013 من قبل أشخاص مجهولين على وسيلة «في كونتاكت» (موقع vk.com) للتواصل الاجتماعي في روسيا، والتي تضم نحو 410 مليون عضو مسجل، لتكون بذلك وسيلة التواصل الخامسة في العالم من حيث الشعبية والانتشار. بقيت اللعبة محدودة الانتشار حتى عام 2016، قبل أن يتم اتهام الروسي فيليب بوديكين (21 عاماً)، مخترع هذه اللعبة، بتحريض نحو 16 مراهقة على الانتحار. الأخير، وبعدما ألقت السلطات الروسية القبض عليه، اعترف بالجرائم التي تسبب بحدوثها، قائلاً: «أحاول تنظيف المجتمع من النفايات البيولوجية التي كانت ستؤذي المجتمع لاحقاً». وبحسب ما نقلت وكالة «الأناضول» عن المعالجة النفسية ريبيكا اسبانيولي، فإنّ اللعبة التي تستمد اسمها من أسطورة قديمة تقول إن سمك الحوت قادر على الانتحار بالخروج من الماء والجنوح عمداً نحو الشاطئ، ولدت «بهدف القضاء على الأشخاص غير المنتجين في المجتمع».

«شروط» ما قبل الانتحار
يتكون التحدي من 50 مهمة. بعد أن يقوم المراهق بالتسجيل لخوض التحدي، يُطلب منه نقش الرمز التالي «F57» أو رسم الحوت الأزرق على ذراعه بأداة حادة، ومن ثم إرسال صورة للمسؤول للتأكد من أن الشخص قد دخل في اللعبة فعلاً. ومن ثم تتوالى المهمات والتحديات في إطار السيطرة على اللاعب من خلال اتباع بعض التعليمات الغريبة التي تعتبر جزءاً من طقوسها. ومنها: الاستيقاظ في وقتٍ مبكر، مشاهدة بعض الأفلام التي تضم مشاهد مرعبة، سماع أنواع معينة من الموسيقى، إلى جانب العزلة التامة وعدم محادثة الأشخاص، لضمان وصول اللاعب إلى حالة نفسية سيئة تمهيداً للمرحلة الأخيرة وهي تنفيذ التحدي الأخير وهو الانتحار! ومن شروط اللعبة، مثلاً، أن يضع الطفل أو المراهق حبلاً حول عنقه ويرفع قدميه، حيث يتعين عليه أن يتحمل الألم حتى يغيب عن الوعي. وقد يسبق الانتحار علامات تشير إلى ممارسة المراهق لهذه اللعبة، حيث تلاحظ أحياناً ندوب على جسد الطفل.

كيف يتعرف المراهق إلى اللعبة؟

تكون وسائل التواصل الاجتماعي هي الطريق للتعرف إلى هذه اللعبة، حيث يتم إرسال التحديات إلى اللاعبين من خلال حسابات وهمية. ومن شروط اللعبة عدم إخبار أي أحد بما يحدث والقيام بالمهمة المطلوبة أو التحدي مهما كلّف ذلك من ثمن.

الشعور بـ«الانتماء»
تستند تلك اللعبة إلى العلاقة بين المشاركين، حيث تنطوي على سلسلة من الواجبات، التي تعطى من جانب المشرفين، مع حث اللاعبين على إتمامها، لتنتهي بتحدٍّ أخير هو «الانتحار». وفق المعالجة النفسية ريبيكا اسبانيولي، يعدُّ «الفضول وحب اكتشاف تحديات اللعبة، والأشخاص الذين يعانون حالات نفسية خاصة، مثل العزلة والاكتئاب، من أسباب إدمان اللعبة»، ذلك أن التحدي يستهدف «الأشخاص دون الـ 18 عاماً، الذين يتأثرون بالمحيط بشكلٍ لا إرادي، ومن السهل أن يتعايشوا مع اللعبة تعايشاً كاملاً». وهو ما يدفعهم إلى تنفيذ أي طلب يطلبه القائمون عليها.


من روسيا إلى فرنسا وكل أوروبا
الحديث عن اللعبة بدأ في أيار/ مايو الـ2016 إثر تحقيق أجرته صحيفة «نوفايا غازيتا» الروسية، التي اهتمت بظاهرة الانتحار في صفوف المراهقين الروس.
وحين عكفت الصحيفة على دراسة الإحصائيات، وجدت أن أكثر من مئة طفل روسي انتحروا بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 ونيسان/ أبريل 2016 وكانوا جميعهم أعضاء في مجموعات افتراضية على علاقة بلعبة «الحوت الأزرق» بشكلٍ أو بآخر.

من أوروبا إلى دول عربية
وبما أن العالم أصبح عبارة عن قرية صغيرة بفعل وسائل التواصل وشبكة الانترنت، فإنّ شرر اللعبة امتد إلى دول عربية على رأسها الجزائر، حيث سُجّلت خمس حالات انتحار لمراهقين، بينهم ثلاثة قضوا في أسبوع واحد في مدينة سطيف شرق الجزائر. وقد روى أحد الأطباء أن الضحية الأولى كان طفلاً في التاسعة من عمره. وفق الطبيب نفسه، تم لاحقاً إنقاذ طفل (13 عاماً) بعد محاولة انتحار، عمد خلالها الأخير إلى شرب مادة البنزين.
وفي شباط/ فبراير الماضي، حذّرت منظمات مدافعة عن الطفولة في تونس من تنامي خطر لعبة «الحوت الأزرق» مع رابع حالة انتحار بين الأطفال بسببها. حينذاك، تدخلت الشرطة في مدينة سوسة لإنقاذ طفلة (12 عاماً) من الموت حينما كانت تهم بالغوص في مياه البحر بملابسها تنفيذاً لتعليمات لعبة على هاتفها المحمول.
في مطلع نيسان/ أبريل الحالي، ظهرت في مصر ضحية جديدة بعدما حاولت طالبة تبلغ 15 عاماً الانتحار، وذلك بعد أيام فقط من انتحار نجل النائب المصري السابق. ووفقاً لصحف مصرية، فإنّ الفتاة وصلت إلى أحد مستشفيات محافظة الإسكندرية في حالة إعياء شديدة جرّاء تناولها مادة سامة تنفيذاً لتعليمات اللعبة.

تنطوي اللعبة على سلسلة من الواجبات، تنتهي بتحدٍ أخير هو انتحار اللاعبين (عن الويب)

«الحوت الأزرق» يصل إلى لبنان؟
الجديد في اللعبة الإلكترونية التي تدفع المراهقين إلى الانتحار، هو أنها وصلت إلى لبنان. فالتقرير الأخير الذي نشرته «الأناضول» اليوم، يشير إلى أن المراهق اللبناني، مصطفى الفار، أدمن لعبة «الحوت الأزرق» لفترة، لكنه تمكن من الإفلات من براثنها في آخر لحظة.
الفار قال لـ«الأناضول»: «دخلت اللعبة بسبب الفضول وحب الاستكشاف، بعدما سمعت أصدقائي يتحدثون عن دهاليزها. المشرف على اللعبة يوزع تحديات مختلفة على المشاركين، تبدأ بطلبات بريئة، مثل رسم حوت على قصاصة من الورق، ثم يوسع قاعدة تحدياته لتصل إلى مراحل الصعوبة، مثل قطع الشفتين أو نحت الجسم وتشويهه».
ووفق تصريحات الفار، فقط طلب منه المشرف «الاستماع إلى موسيقى غريبة»، وتحداه بمشاهدة فيديو مرعب في منتصف الليل، قبل أن يسأله إذا كان قادراً على قتل شقيقه، مهدداً إياه بقتل والدته ما لم يفعل ذلك. وتابع المراهق قائلاً: «عندما رفضت، أرسل لي عنوان سكني وتاريخ وفاتي، ما أدخلني في حالة هستيرية وبكاء حاد. وبعدما اكتشف والدي الموضوع منعني من استخدام هاتفي لمدة شهر وعرض حالتي على معالج نفسي».