وافقت الولايات المتحدة الأميركية على السماح لمتعاقدين أميركيين بمساعدة تايوان في بناء غواصات، وذلك كما أعلنت تايبيه التي رحبت بـ«الاختراق الكبير» في طموحها المزمن لتكوين أسطولها البحري في مواجهة التهديد الصيني. وكانت تايوان قد أطلقت العام الفائت خطة لتصنيع غواصاتها مع تدهور علاقاتها مع الصين، إثر فشل مساعيها في شراء غواصات من الولايات المتحدة.والآن وافقت الخارجية الأميركية على منح الرخص اللازمة لبيع تايوان التكنولوجيا التي تحتاج إليها في مشروعها العسكري، إذ صرّح مسؤول في الوزارة بأن «سياستنا تجاه الاتفاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة وتايوان متفقة مع سياسات الإدارات السابقة». وأضاف المسؤول نفسه أن«سياستنا طويلة الأمد بشأن مبيعات الأسلحة لتايوان... ساهمت في الحفاظ على أمن تايوان ودعمت أيضاً الحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان».
أما المتحدث باسم وزارة الدفاع تايوانية، شين شونغ شي، فقال إن «الموافقة الأميركية تعتبر اختراقاً في هذا الملف»، في وقت نقلت فيه وكالة «فرانس برس» عن شين أن الموافقة «جزء من عملية... سنرافقها خطوة بخطوة». أيضاً، أعلنت تايوان العام الماضي نيتها بناء ثماني غواصات جديدة قبل وقت قصير من زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، للولايات المتحدة. ومن المرجح أن تغضب هذه الاتفاقية بكين التي تعتبر الجزيرة الأسيوية جزءاً من أراضيها رغم أن البلدين حكما بشكل منفصل منذ نهاية الحرب الأهلية في 1949.
ومنذ وصول الرئيسة التايوانية، تساي اينغ وين، إلى الحكم في أيار 2016، اعتمدت نهجاً يدعو إلى تطوير بلادها أسلحتها وبنائها بنفسها، وهنا عبّر مكتب تساي عن «الامتنان» لواشنطن جراء منح تايبيه رخصة بناء الغواصات. وقال بيان للمكتب صدر أول من أمس، إن «قرار الحكومة الأميركية لن يساعد فقط تايوان في زيادة قدراتها الدفاعية، فهو سيفيد أيضاً بشكل كبير الأمن والاستقرار في المنطقة».
ستدخل أول غواصة مصنعة محلياً الخدمة في غضون 10 سنوات


وفي نيسان 2001، وافق الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش، على بيع ثماني غواصات تقليدية لتايوان، لكن لم يُحرَز أي تقدم في الصفقة مذّاك، ما دفع تايبيه إلى بناء غواصاتها بنفسها، علماً أن الولايات المتحدة لم تبنِ غواصات تقليدية منذ 40 عاماً، فيما رفضت ألمانيا وأسبانيا تقديم تصميماتهما إلى تايوان خشية غضب الصين.
وحالياً لدى البحرية التايوانية أربع غواصات اشتُريت من الخارج، لكن يمكن استخدام اثنتين فقط في حالة الحرب. وشيدت الولايات المتحدة الغواصتين الأخريين إبان أربعينيات القرن الماضي، لكنهما الآن في حالة متردية لا تسمح بنشرهما في حالة الحرب، وتستخدمان في التدريبات فقط، فيما من المقرر أن تدخل أول غواصة مصنعة محلياً في تايوان الخدمة في غضون 10 سنوات.
وتأتي الموافقة على مساعدة تايوان في الحصول على مثل هذه التكنولوجيا الدفاعية في الوقت الذي وقّع فيه ترامب على فرض تعريفات جمركية هائلة على السلع الصينية بقيمة مليارات الدولارات، إذ تصاعدت حرب الرسوم الجمركية بين البلدين على نحو غير مسبوق خلال الأسبوع الماضي، وذلك بعد أن كشفت بكين عن قائمة صادرات أميركية تبلغ قيمتها نحو 50 مليار دولار من المخطط استهدافها بمجموعة جديدة من الرسوم الجمركية. وجاءت تلك الخطوة بعد ساعات فقط من كشف إدارة ترامب عن قائمة بالصادرات الصينية تقترب قيمتها من نفس المبلغ المقرر فرض رسوم جمركية عليها.
ولم تكن هذه الحلقة الأولى من استغلال واشنطن علاقاتها مع تايوان للضغط على بكين، إذ أقرت واشنطن في 16 آذار «قانون السفر إلى تايوان» الذي يسمح للمسؤولين الأميركيين بالسفر إلى تايوان للقاء نظرائهم التايوانيين رغم اعترافها بمبدأ «صين واحدة»، وهو القرار الذي أثار غضب السلطات الصينية، إذ قالت وزارة الدفاع الصينية في بيانٍ إن هذا القرار يعد تدخلاً في الشؤون الداخلية للصين. واحتجت الوزارة على ذلك مطالبة الأميركيين بالتوقف عن تبادل الزيارات لتفادي «الإضرار بالعلاقات الصينية ــ الأميركية».
وكانت واشنطن قد حولت اعترافها الدبلوماسي من تايوان إلى الصين في 1979، لكنها تحتفظ بعلاقات تجارية مع الجزيرة، كذلك فإنها من أبرز مصدري السلاح إليها.