فور إعلان فوز دونالد ترامب بالرئاسة الاميركية، توالت اتصالات التهنئة التي ضمّت مكالمات الرئيسين المصري والتركي، عبد الفتاح السيسي ورجب طيب إردوغان، وقبلهما الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز. هذه الاتصالات حملت دلالات مهمة مرتبطة بعلاقات الزعماء الثلاثة بعضهم ببعض، وعلاقتهم بالرئاسة الاميركية الجديدة تالياً.فمن المعروف أن إردوغان أعلن السيسي في السنوات الماضية عدواً لدوداً له، بعدما أطاح الجنرال المصري الرئيس محمد مرسي في تموز 2013، كما عدّ إردوغان الملك عبدالله آنذاك، «صديقاً غبر موثوق به»، بعدما أعلن تأييده للسيسي وقدم له مساعدات مالية كبرى، معلناً تنظيم «الإخوان المسلمين» تنظيماً إرهابياً، الأمر الذي أزعج إردوغان.
طلب إردوغان من شريك الرئيس الأميركي في تركيا تغيير اسم «أبراج ترامب»

وجاء انتخاب ترامب رئيساً لأميركا ليدفع هذا الثلاثي إلى الاستعجال في القيام بخطوات لكسب واشنطن إلى جانب سياساتهم الداخلية والخارجية. وكان ترامب قد زار الرئيس السيسي في مقر إقامته في نيويورك خلال مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنه لم يلتقِ إردوغان أو أي مسؤول سعودي بعد. ووصف ترامب آنذاك السيسي بـ«الزعيم العظيم»، واعداً بإقامة علاقات استراتيجية مع القاهرة بعد فوزه بالرئاسة، إذ قال له خلال المكالمة الهاتفية الأخيرة إن مصر ستكون محطته الأولى في زيارته للشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ودفع هذا الكلام إردوغان إلى توجيه دعوة رسمية لترامب لزيارة تركيا كأول محطة في زيارته العالم الإسلامي، وهو ما قاله إردوغان يوم أمس، للإعلاميين الأتراك المرافقين له خلال زيارته لروسيا البيضاء. كما قال إردوغان إن «وجهات نظره متطابقة مع ترامب في موضوع سوريا، وخصوصاً في موضوع الحظر الجوي»، وهو ما أثار العديد من التساؤلات باعتبار أن ترامب ومستشاريه قالوا أكثر من مرة إن المهم هو محاربة «داعش» والإرهابيين الإسلاميين بمن فيهم المعتدلون، وليس محاربة الرئيس الأسد الذي يحارب هؤلاء.
في المقابل، لم تتحدث المعلومات عن أي تفاصيل من حديث الملك سلمان مع ترامب، إلا أن الجميع يراهن على قرار ترامب الذي سيحدد بزيارته مصر أو تركيا، الدولة الأكثر أهمية بالنسبة إليه في حساباته المستقبلية الخاصة بالمنطقة والعالم الإسلامي، وخصوصاً أن السيسي يحارب «الإخوان المسلمين». وكان ترامب قد قال إن الكونغرس سيتخذ قراراً بإعلان «الإخوان» منظمة إرهابية وكذلك جميع قياداتها في تركيا.
تجدر الإشارة الى زيارة الرئيس باراك أوباما تركيا في الخامس من نيسان ٢٠٠٩ كأول دولة إسلامية، وكانت القاهرة محطته الثانية وزارها في الخامس من حزيران ٢٠٠٩، ليلقي كلمته الشهيرة في جامعة القاهرة، معلناً بشكل غير مباشر انطلاق مسيرة «الربيع العربي». وكان أوباما قد مرّ بالسعودية في طريقه إلى القاهرة، حيث قلده الملك عبدالله «وسام المملكة»، علماً بأن أوباما كان قد هاجم أكثر من مرة السعودية قبل انتخابه، حاله في ذلك حال ترامب.
وفي الوقت الذي تشهد فيه علاقات إردوغان مع ترامب فتوراً ملحوظاً بسبب تصريحاته المعادية للإسلام، دعا إردوغان شريك ترامب في تركيا، رجل الأعمال أيدين دوغان، لتغيير اسم «أبراج ترامب» في اسطنبول، علماً بأن إردوغان هو من افتتح هذه الأبراج عندما كان رئيساً للوزراء وكان إلى جانبه آنذاك ابنة ترامب. ويذكر أن دوغان يملك مؤسسة إعلامية كبيرة تضم «سي أن أن ــ تورك» وصحيفة «حرييت» التي نجح أردوغان أخيراً في ترويضها بعدما كانت معارضة له. وتتوقع الأوساط السياسية للرئيس إردوغان أن يكلّف دوغان للوساطة بينه وبين ترامب وإقناعه بضرورة زيارة تركيا قبل مصر لأهمية ذلك بالنسبة إليه، سياسياً ومعنوياً، وبالتالي التخلي عن رأيه في ما يتعلق بـ«الإخوان المسلمين» وسوريا.