يتوج الاتفاق الذي وقّع أول من أمس مساراً طويلاً من المفاوضات
من جهة ثانية، سيقدم نموذج من وثيقة الاتفاق المؤلفة من 297 صفحة إلى كل رئيس دولة ممن شاركوا في الاحتفال وللأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وقد حضر توقيع الاتفاق رؤساء 15 دولة أميركية لاتينية، من بينهم الكوبي راوول كاسترو الذي استضافت بلاده لأربع سنوات مفاوضات السلام التي جرت برعاية النروج وفنزويلا وتشيلي، وأفضت إلى هذا الاتفاق في 24 آب. وصدّقت حركة «فارك» على اتفاق السلام نهاية الأسبوع الماضي، خلال مؤتمر وطني نظم في الـ«ديامانتي» في قلب معقلها التاريخي في كاغوان (جنوب شرق).
ويتوج الاتفاق الذي وقع أول من أمس مساراً طويلاً من المفاوضات، بدأ عام 2012 في هافانا، بعدما فشل في ثلاث محاولات سابقة في أعوام 1984 و1991 و1999. وبموجب الاتفاق، تلتزم «فارك»، التي انبثقت عام 1964 من حركة تمرد فلاحية، تجميعَ مقاتليها، الذين يُقدَّر عددهم بنحو 7 آلاف، في 31 منطقة محددة في كولومبيا لتسليم أسلحتهم، في عملية يُفترض أن تستمر ستة أشهر، وتشرف عليها الأمم المتحدة. وينص أحد البنود الستة للاتفاق على أن تصدر بوغوتا عفواً عن المقاتلين غير المتهمين بارتكاب أعمال عنف خطيرة، «أي عن معظم المتمردين»، بحسب أحد المراقبين. وينص الاتفاق أيضاً على أن تقدّم الحكومة الكولومبية ضمانات قانونية وأمنية للمتمردين ليتمكنوا من إشغال وظائف عامة ومشاركتهم في الحياة السياسية، دون أن يكونوا معرّضين للقتل كما في السابق. وتتعهد الحكومة كذلك اتخاذها إجراءات مختلفة تتعلق بالقطاع الزراعي، أهمها برنامج لتوفير بدائل للزراعات غير القانونية التي تشكل راهناً مصادر تمويل للمجموعات المسلحة.
أما الخطوة التالية، فستكون استفتاءً شعبياً على الاتفاق يوم الأحد المقبل. ووفق استطلاعات الرأي، من المرجح أن تصوت أغلبية الكولوميين بالموافقة على الاتفاق، على الرغم من وجود حملة معارضة له. إذ لا يلقى اتفاق السلام هذا ترحيب جميع الكولومبيين، ولا سيما جزء من الرأي العام يقوده الرئيس السابق ألفارو أوريبي، الذي يرى أن الاتفاق يفتح الطريق لإفلات متمردين ارتكبوا «فظائع» من العقاب.
دولياً، شطب الاتحاد الأوروبي منظمة «فارك» من لائحته للمنظمات الإرهابية بعد توقيع الاتفاق. من جهته، هنّأ بان كي مون «كل الذين جعلوا هذا اليوم مهماً وأوجدوا شروط سلام دائم». أما وزير الخارجية الأميركي جون كيري، فقد رأى أنّ كولومبيا «قامت بخطوة هائلة».
ومن بين وزراء خارجية 27 بلداً حضروا توقيع الاتفاق، النروجي بورجي بريندي، الذي رحب «بهذا الاتفاق التاريخي»، لكنه حذّر من أن تطبيقه «سيتطلب قدرات قيادية كبيرة».
وشارك في الصراع المسلح على مرّ العقود عدد من مختلف الحركات، بينها «جيش التحرير الوطني» الذي لا يزال ناشطاً بعديده البالغ 1500 مقاتل، وقوات شبه عسكرية يمينية متطرفة (مدعومة من الحكومة) والقوات المسلحة. وأدى الصراع إلى سقوط أكثر من 260 ألف قتيل و45 ألف مفقود ونزوح 6.9 ملايين شخص من بيوتهم.
(الأخبار، أ ف ب)