يصوّت البرلمان الإسباني، اليوم، في الجولة الثانية، لمنح الثقة للرئيس المحافظ ماريانو راخوي، وذلك بعد فشله في حصد الأغلبية المطلوبة في الجولة الأولى، أول من أمس، لكن ليس متوقعاً أن تحسم هذه الجولة الواقع السياسي لمصلحة زعيم «حزب الشعب».ولم يتمكن راخوي من تأمين سوى أصوات 170 نائباً في البرلمان، حيث كان ينقصه فقط ستة أصوات ليصبح رئيساً للحكومة، أي الأغلبية المطلقة المحددة بـ 176 صوتاً. وجاءت هذه الأصوات من «حزب الشعب» الذي يترأسه راخوي، ومن الحزب الوسطي، «المواطنون»، برئاسة ألبيرتو ريفييرا الذي وافق على التحالف مع المحافظين، لكن تحت سلسلة شروط. أما الاشتراكيون، برئاسة بيدرو سانشيز، فقد صوّتوا بـ«لا» مع رفض سانشيز القاطع دعم حكومة يرأسها راخوي. ولم يقتنع سانشيز بحجة قائد المحافظين بضرورة تأييده لإخراج البلاد من الأزمة السياسية الممتدة منذ ثمانية أشهر منذ انتخابات 20 كانون الأول الماضي، ولم تتغير بعد انتخابات 26 حزيران.
وخلال النقاش البرلماني الأربعاء، رفع قادة الأحزاب الإسبانية من حدة خطابهم السياسي. وكان أكثرهم حدة زعيم «بوديموس»، الحزب الصاعد المناهض للتقشف، بابلو إيغليسياس، الذي قال متوجهاً لراخوي: «لن تصبح رئيساً للحكومة، سيد راخوي، أنت تعلم ذلك، ونحن نعلم ذلك، والناس أيضاً يعلمون ذلك. هذا يجعلنا نتساءل عما نفعله هنا». وتابع إيغليسياس: «إنها كذبة حين تقول إنك ستحارب الفساد، لأنك أنت الفساد.لا أحد لديه شكوك بأننا سنبقى نقف دائماً في الطرف المعارض لك. نحن وأنت ضدان، وأنا فخور بذلك يا سيد راخوي».
يشار إلى أنه في الجولة الثانية من التصويت، سيحتاج راخوي إلى امتناع 11 نائباً على الأقل عن التصويت ليتمكن من تحقيق أغلبية بسيطة والحصول على الثقة، وهذه الآلية مرفوضة بشكل قاطع بالنسبة إلى رئيس الاشتراكيين، بيدرو سانشيز. الأخير اتهم راخوي بغض الطرف عن الفساد القائم في حزبه، معتبراً أنه يوقع نفسه في آلية «أنا أو الفوضى». وتابع سانشيز قائلا إن «الاشتراكي لن يتجاهل الفساد والمحسوبية»، وقال متوجهاً لراخوي «لا يمكن أن نثق بك ولن نعطيك مغفرة غير مبررة».
يشار أيضاً إلى أن سانشيز أخفق في آذار الماضي في الحصول على الثقة لتشكيل حكومة نتيجة معارضة المحافظين، وذكّر سانشيز راخوي بذلك خلال النقاش في البرلمان، وقال: «لقد استمعت لكل الأسباب التي دفعتك لرفض منحنا الثقة، لذا عليك أن تبقى هادئاً».
بابلو إيغليسياس، الذي رفض التحالف مع سانشيز في آذار الماضي، شكر زعيم الاشتراكيين لامتناعه عن منح الثقة لراخوي، متابعاً «على الرغم من اختلافاتنا الهائلة، إلا أن الواقع السياسي والانتخابي قد يدفعنا إلى عقد اتفاق».
أما ألبيرتو ريفييرا الذي قبل التحالف مع راخوي ومنحه أصوات حزبه في البرلمان بعد فرض شروط معينة تتعلق بالفساد، فلم يبدُ هو أيضاً من خلال خطابه متحمساً لتولي راخوي رئاسة الحكومة من جديد: «معظم الإسبان لا يثقون بك». وذكر ريفييرا أن أمين الصندوق لـ«حزب الشعب» وأعضاء آخرين في الحزب خضعوا للتحقيق بتهم فساد: «وهذا لأننا لا نثق بأنك ستقوم بتنفيذ شروطنا». وكان ريفييرا قد عقد اتفاقاً مع راخوي في 27 آب، يتألف من 150 تدبيراً من أجل «إعادة إحياء» إسبانيا. راخوي قبل بهذا الاتفاق على مضض، ولم يدافع عنه خلال مداخلته في البرلمان، موحياً بأنه «تنازل لن يدخل التاريخ».
ومع إشارة معظم التوقعات إلى أن تصويت اليوم لن يؤدي إلى نتيجة، فإن إسبانيا ستكون أمام شهرين إضافيين من المناقشات حتى 31 تشرين الأول، والتي إذا فشلت ولم ينجم عنها تشكيل حكومة جديدة، ستضع البلاد أمام انتخابات ثالثة تتزامن مع عيد الميلاد.