صوّت مجلس الشيوخ البرازيلي، أمس، على عزل رئيسة البرازيل ديلما روسيف، الموقوفة عن العمل منذ حوالى 3 أشهر، لينهي بذلك مسألة مستمرة منذ تسعة أشهر، وليؤكد تحوّل البلاد نحو اليمين، بعد 13 عاماً من حكم حزب العمال اليساري.وفي إجابة عن سؤال «هل ارتكبت ديلما روسيف جريمة مسؤولية؟»، صوّت 61 سيناتوراً من أصل 81 لمصلحة إدانة روسيف التي كانت قد انتُخبت عام 2010، على أن يتسلم السلطة مكانها نائب الرئيس، السابق، ميشال تامر، من يمين الوسط.
«ليس الآن، وأنا أم وجدة على مشارف السبعين من العمر، سأتخلى عن المبادئ التي لطالما اهتديت بها»، شدّدت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، في معرض الدفاع عن نفسها ضد اتهامات الفساد الموجهة إليها، رافضة الانحناء بعد 14 ساعة من الاستجواب أمام مجلس الشيوخ. وقالت روسيف إنها لطالما وصفت بـ«المرأة القاسية»، ومع ذلك «لم أسمع أبداً بأن رجلاً اتهم بأنه قاس في السياسة». وتابعت: «لقد وصفت نفسي دائماً بأنني امرأة قوية وسط رجال خانعين».
وكان قد بدأ مجلس الشيوخ البرازيلي الأسبوع الماضي جلساته بشأن إجراءات إقالة روسيف، بعد توقيف مهماتها في 12 أيار الماضي.
الرئيسة المقالة لمجلس الشيوخ: انقلبتم واغتصبتم الحكم

ومنذ إعادة انتخابها عام 2014، واجهت روسيف عداء برلمان يميني محافظ، وانكماشاً اقتصادياً وفضيحة فساد مرتبطة بشركة النفط الوطنية «بتروبراس»، التي طالت كل النخبة السياسية، وخصوصاً «حزب العمال» الذي حكم طيلة 13 عاماً أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية.
وتتهم روسيف بارتكاب «جريمة مسؤولية»، عبر التلاعب بالحسابات العامة لإخفاء حجم العجز، وإصدار مراسيم تنص على نفقات بدون ضوء أخضر من البرلمان.
وعلى الرغم من ذلك، فإنه من وجهة النظر القانونية، بدا الاتهام ضعيفاً لتبرير إقالة رئيسة دولة منتخبة في نظام رئاسي. وقد رأى أحد المدّعين أنّ «الإجراءات المالية التي تتهم بها روسيف ليست جنحة».
وفي خطاب مكتوب لمدّة 45 دقيقة، واجهت روسيف التهم الموجهة إليها، وحذّرت من «المخاطر» التي تواجه الديموقراطية في البرازيل، نتيجة ما وصفته بـ«الانقلاب البرلماني» الذي دبّرته المعارضة اليمينية بقيادة نائبها السابق، ميشال تامر، «الذي لا يتمتع بالشعبية مثلي».
وقالت الزعيمة اليسارية «جئت لأنظر في عيونكم، أيها السادة أعضاء مجلس الشيوخ، ولأقول إنني لم أرتكب أي جريمة، ولم أرتكب الجرائم التي أحاكم عليها محاكمة ظالمة وتعسفية».
وندّدت روسيف بـ«انقلاب ضد الدستور لانتخاب حكومة غاصبة بطريقة غير مباشرة»، مذكّرة بأنه أعيد انتخابها من قبل 54 مليون برازيلي في عام 2014. وأضافت أن خسارة حكومتها السلطة تشكّل خطراً على كل الإنجازات الاجتماعية التي تحققت، خصوصاً الاستثمار في قطاعي الصحة والتعليم.
وأشارت الرئيسة إلى ماضيها الحافل في النضال السياسي، بما في ذلك التعذيب والسجن لمدة ثلاث سنوات على يد الدكتاتورية العسكرية بين عامي 1964 و1985. وقالت روسيف «في نضالي ضد الدكتاتورية، هناك علامات التعذيب على جسدي، وما زلت أقاسي من معاناة وآلام من السجن لسنوات. لم أستسلم أبداً بل قاومت».
ورأى مؤيدو الرئيسة أن جلسة الدفاع كانت مجرّد إجراء شكلي، إذ إن «الحكم سياسي بامتياز»، علماً بأن أكثر من نصف أعضاء المجلس متورطون في فضائح الفساد.
وشهدت مدن برازيلية، ومن ضمنها العاصمة، تظاهرات مؤيدة للرئيسة، واجهتها الشرطة بالغاز المسيل للدموع. وقالت إحدى المتظاهرات «ليس وارداً في نيتنا تغيير تصويت مجلس الشيوخ، لأننا نؤمن بأن الأوراق استنفدت. نيتنا أن نبيّن أننا سنقاتل حتى النهاية... سنقاتل من أجل كل حق يحاولون انتزاعه، سنبقى في الشوارع ما تطلب الأمر». والجدير بالذكر الحضور اللافت للنساء والفتيات من مناصري روسيف الذين خرجوا للدفاع عن أول رئيسة منتخبة للبلاد.
في المقابل، ساهم الركود الاقتصادي وانهيار سعر صرف العملة المحلية في دفع العديد إلى المطالبة بإقالة الرئيسة، وأصبح «التغيير» مطلباً شعبياً واسعاً. وكان تامر، الذي تولى منصب الرئيس المؤقت للبلاد، قد تعهّد بانتشال البلاد من أسوأ حالة ركود اقتصادي منذ الثلاثينيات وتنفيذ إجراءات تقشّف لسد العجز المتزايد في الميزانية.