أعلن المجلس الوطني للانتخابات في فنزويلا أن المعارضة نجحت في جمع واحد بالمئة من تواقيع الناخبين في جميع ولايات البلاد الأربع والعشرين، ما يعني اجتيازها المرحلة الاولى من الطريق، الذي بات يبدو طويلاً ومليئاً بالعقبات، نحو إجراء استفتاء لإنهاء ولاية الرئيس نيكولاس مادورو.بعد نحو شهر من عمله على التدقيق في صحة التواقيع على العريضة المطالبة بإجراء استفتاء لعزل مادورو قبل انتهاء مدة ولايته الرئاسية، أعلن المجلس الوطني الانتخابي ليل أول أمس موافقته على صحة 98% من حوالي 408 ألف توقيع جمعها إئتلاف الاتحاد الديمقراطي المعارض، أي حوالي ضعف العدد المطلوب لمباشرة المرحلة الأولى من العملية التي قد تؤدي إلى عزل وريث الرئيس «البوليفاري» الراحل، هوغو تشافيز، وتهديد البلاد بالسقوط مجدداً تحت هيمنة واشنطن، بعدما انتهجت مساراً تحررياً، رافعة شعار الاشتراكية ووحدة أميركا اللاتينية، منذ عام 1999.
لكن العملية تلك ليست مضمونة النتائج، وهي بالتأكيد لن تكون وجيزة أو سهلة. ففي الوقت نفسه، أعلنت رئيسة المجلس الوطني للانتخابات، تيبسي لوسينا، أنها طلبت تحقيقاً قضائياً في شكوى أثارتها الحكومة بشأن مخالفات تتعلق بهوية بعض الناخبين. ولم تحدد لوسينا موعداً للمرحلة الثانية من عملية العزل، التي تقتضي أن يجمع ائتلاف المعارضة نحو 20% من تواقيع الناخبين في البلاد، وذلك برغم الضغوط التي تتعرض لها لوسينا من جانب المعارضة، وأيضاً من جانب الولايات المتحدة مباشرة.
تخشى المعارضة ومن خلفها واشنطن أن يُؤجَّل الاستفتاء عاماً
فوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، حث السلطات في فنزويلا على «ألا تلعب لعبة التأجيل» بشأن الاستفتاء، لكن الحكومة الفنزويلية قالت إنه لن يجري استفتاء هذا العام، وتقدمت بحوالي تسعة آلاف دعوى قضائية تدعي ارتكاب ائتلاف المعارضة مخالفات واسعة في حملتها لجمع التواقيع.
وتكمن أهمية توقيت إجراء الاستفتاء المذكور في أنه إذا خسر مادورو استفتاءً يُنظَّم هذا العام، فإن ذلك سيؤدي إلى انتخابات رئاسية جديدة، تُعطي ائتلاف المعارضة، الذي يهيمن على البرلمان، الفرصة لإنهاء 17 عاما من حكم التيار «التشافيزي». والأخير قد شقّ عصا الطاعة الأميركية على مسرح العلاقات الدولية، داعماً حركات التحرر، وانتهج محلياً سياسة إعادة توزيع للثروة والمداخيل، سماها «إشتراكية»، فيما أطلق عليها خصومه (وبعض حلفائه حتى؛ وإن ليس في العلن)، صفة «الشعبوية».
ويخشى ائتلاف المعارضة المدعوم من واشنطن أن يُؤجَّل موعد الاستفتاء حتى العام المقبل. فحينها، سيحل مكان مادورو، إن خسر الأخير الاستفتاء، نائب الرئيس، وهو ما سيُبقي فعليا الحزب الاشتراكي في السلطة حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة، المقرر إجراؤها نهاية عام 2018 . ولذلك، يُلِح زعماء المعارضة على لوسينا بأن تحدد موعداً قريباً لجمع 20% من تواقيع الناخبين، أي حوالي 4 ملايين توقيع، اللازمة لإجراء الاستفتاء. وفي هذا الإطار، دعا انريكي كابريلس، الذي خسر بفارق ضئيل أمام مادورو في الانتخابات الرئاسية في 2013، والمحرّك الرئيسي للحملة المطالبة بإجراء الاستفتاء، إلى تظاهرات في وقت لاحق هذا الاسبوع، للضغط من أجل بدء المرحلة الثانية. وذلك علماً أن المعارضة تواجه صعوبات كبيرة في تحريك الشارع، برغم معاناة المواطنين من الفوضى ونقص السلع الاستهلاكية الأساسية، وارتفاع ثمنها بأكثر من الضعف، وبرغم الانخفاض الحاد في نسبة التأييد لمادورو، الذي يتحدّث عن «حرب اقتصادية» تخوضها المعارضة ومن خلفها واشنطن، بهدف زعزعة استقرار البلاد.
وفي سياق متصل، وفي خطوة تؤشر إلى صعوبة صراع المعارضة مع مؤسسات السلطة في البلاد، قضت المحكمة العليا في فنزويلا ليل الاثنين بأن أنشطة الجمعية الوطنية (البرلمان) التي تهيمن عليها المعارضة ستكون «باطلة»، إلى أن تسحب ثلاثة مشرِّعين معارضين كانت المحكمة قد جمّدت عضويتهم، بانتظار نتيجة تحقيق في إتهامات وُجّهت إليهم بشراء الأصوات.

(الأخبار، رويترز، أ ف ب)