منذ أن وصف المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، غزو العراق بـ«الخطأ»، واتهم الرئيس السابق، جورج بوش، بـ«الكذب لجر الولايات المتحدة إلى حرب»، وقال إنه يفضّل «سياسة عدم التدخل» في البلدان الأخرى، ولا سيما الشرق أوسطية، بدأ «المحافظون الجدد» الذين لطالما كانوا في صلب «الحزب الجمهوري» بالوقوف وراء هيلاري كلينتون، في سابقة نادرة تؤكد أن الاختلافات الجوهرية بين الحزبين بشأن السياسة الخارجية ليست واضحة.وفي ظل عدم وضوح السياسة الخارجية للمرشح الجمهوري الإشكالي ومواقفه المتقلبة، فقد كتبت المدونة المحافظة، جينيفر روبين، التي لطالما هاجمت كلينتون و«حزب الديموقراطيين»، الشهر الماضي في صحيفة «واشنطن بوست»، أن سياسات كلينتون الخارجية تتوافق مع أفكارها وأفكار الكثيرين من «الجمهوريين».
لدى كلينتون و«المحافظون الجدد» الكثير من وجهات النظر المشتركة في ما يتعلق بالسياسات الخارجية للولايات المتحدة، كالتأكيد على «مكانة» دولتهم في العالم واستخدام القوة العسكرية للحفاظ عليها، وضرورة تعزيز التحالفات الدولية «لمواجهة التهديدات الإقليمية والعالمية»، وعدم المس بالانفاق المالي العسكري، وأهمية «محاربة الديكتاتورية» ونشر الديموقراطية» في جميع أنحاء العالم، وبالطبع، دعم إسرائيل وسياساتها في منطقة الشرق الأوسط.
هذا التشابه بالأفكار دفع بالكاتب والمعلق السياسي، روبرت كاغان، وهو من مؤسسي «مشروع القرن الأميركي الجديد»، لإلقاء كلمة في حفل لجمع التبرعات لكلينتون الأسبوع الماضي، شدد فيها على أن «جميع خبراء السياسة الخارجية في الحزب الجمهوري لا يؤيدون ترامب»، مضيفاً أن «غالبية المحيطين به سيصوتون لهيلاري».
روبرت كاغان: خبراء السياسة الخارجية الجمهوريون لا يؤيدون ترامب

وأشارت الصحافية، رانيا خالق، في مقال في «ذا انترسبت»، إلى أن «صقور الحرب» يقفون وراء كلينتون «بحزم»، وخاصةً كاغان، الذي أدى دوراً رئيسياً في دفع الغزو الأميركي الأحادي الجانب في العراق، وأصر لسنوات على أن الغزو كان «عظيماً».
وترى خالق أنه «على الرغم من النتائج الكارثية لتلك الحرب، أصر كاغان خلال حفل جمع التبرعات على النجاح الاستثنائي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة على مدى السنوات الـ 25 الماضية».
وعند سؤاله عن أوكرانيا، قال كاغان «أعرف أن هيلاري تهتم لأوكرانيا أكثر من الرئيس الحالي، باراك أوباما، (الذي) قال لي إنه لن يسلح أوكرانيا لأنه لا يريد حرباً نووية مع روسيا»، مضيفاً: «لا أعتقد أن أوباما يهتم لبوتين على الإطلاق. أعتقد أنه ميؤوس منه».
وكان كاغان قد هاجم أوباما باستمرار لعدم تدخله «بشكل أكبر وأقوى» في سوريا، ودعاه إلى اتخاذ موقف «أكثر حزماً وعدائية» ضد روسيا، وإلى العمل أكثر مع «حلف الشمال الأطلسي». ومن الواضح أن مواقف كاغان وغيره من «المحافظين الجدد» تتعارض مع أفكار ترامب، وخصوصاً في ما يتعلق بـ«الحلف الأطلسي»، إذ يرى المرشح الجمهوري أن الحلف «عفى عليه الزمن».
ووفق خالق، فإنّ عددا كبيرا من «المحافظين الجدد» يدعمون كلينتون لأن «رغبتهم بالحرب تشبه رغبتها»، وخاصةً أنه تبين خلال الكلمات التي ألقيت في الحفل من قبل الديموقراطيين، مساء أول من أمس، أنه في حال نجاح كلينتون «فإنها سوف تصعد التوتر مع روسيا، وتضاعف الحضور العسكري في الشرق الأوسط، وستتتجاهل عداء الرأي العام الأميركي المتزايد لسياسة التدخل في شؤون البلاد الأخرى».
نائبة مساعد وزير الخارجية السابق في مكتب الشؤون الأوروبية والأوراسية، آماندا سلوت،
وصفت خلال الحفل عدم رغبة الأميركيين بـ«التدخل» بسبب العراق وليبيا بـ«الأمر الخطير». وقالت إن كلينتون «ستتدخل بشكل أكبر من أوباما في سوريا»، مشيدة بطريقة التدخل التي تتبعها من خلال «التحالفات بدل العدوان الأحادي الذي اتبعه (جورج) بوش»، والتي «أثبتت نجاحها من خلال ائتلاف حلف شمال الاطلسي الذي بنته كلينتون للدفاع عن المدنيين في ليبيا»، وهو البلد الذي تحوّل وفق خالق «من دولة مستقرة إلى ملاذ للجماعات المتطرفة، بما في ذلك داعش».
وكانت كلينتون قد كسبت تأييد الجمهوري، برنت سكوكروفت، الذي عمل مستشارا للأمن القومي في عهد الرئيس، جيرالد فورد، وجورج بوش الأب، فضلاً عن رؤساء جمهوريين آخرين، كريتشارد نيكسون وجورج بوش الإبن.
ورأى سكوكروفت أن كلينتون لديها «خبرة كبيرة في الشؤون الدولية، وفهم عميق للعالم... وهي صفات ضرورية لقائد البلاد». والجدير بالذكر أن سكوكروفت من أشد المعارضين لإستراتيجية أوباما «المتمثلة بإقامة عالم خال من الأسلحة النووية».