السيسي يدشّن «السلام الدافئ» مع إسرائيل

مصر | السيسي يدشن «السلام الدافئ»: «مسافة السكّة» قريبة أيضا من إسرائيل

  • 0
  • ض
  • ض

لم تسرع القاهرة في ملف خارجي مثلما تسرع الآن في «السلام الدافئ» مع إسرائيل. معادلة «مسافة السكة» التي بنى عليها عبد الفتاح السيسي علاقته بالسعودية يطبقها اليوم مع إسرائيل. زيارة سامح شكري هي الخطوة الأهم بعد تدشين السيسي مسارا جديدا افتتحه بالتنازل عن السيادة على تيران وصنافير للرياض. وسيتوّجه قريبا بلقاء قمة يجمع محمود عباس وبنيامين نتنياهو. يزيد على ذلك مسعى إسرائيلي للانضمام إلى الاتحاد الأفريقي... مع مباركة سعودية لهذه «الحفلة» كلها

القاهرة | من المؤكد أن ترحيب رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، بزيارة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ووصفها بالمهمة، أكبر من مجرد تعابير في سياق علاقات عامة، بل ليس استقبال نتنياهو لشكري بصفته وزيرا لخارجية العدو في منصب يشغله منذ مدة، لكن يبدو أن الأمر يستحق أكثر؛ نتنياهو منذ اللحظة الأولى مرتاح للخطوات المصرية، وهذه الزيارة تخدمه من عدة جهات، أولاها أنها امتداد للتكتيك الذي اعتمده نتنياهو بالالتفاف على المبادرة الفرنسية عبر تأييده المبادرة المصرية.

من جهة أخرى، يرى في زيارة شكري، بعد تسع سنوات على آخر زيارة لوزير خارجية مصري إلى إسرائيل، مؤشرا على صحة خياراته السياسية حول إمكانية الجمع بين التشدد على المسار الفلسطيني، وانفتاح أنظمة «الاعتدال» العربي على إسرائيل.
ومن اللافت أن الخطوة المصرية تأتي بعد جولة نتنياهو الإفريقية والحديث عن طلب تل أبيب عضوية مراقب في «الاتحاد الإفريقي» قبيل انعقاد القمة الإفريقية في رواندا، وأيضا في أجواء التشكيك والشبهات القضائية حول نتنياهو، والأخيرة قضية طرحت أكثر من علامة استفهام حول مآل هذا المسار القضائي وتداعياته على مستقبله السياسي. كما أتت هذه الزيارة مفاجئة، ولم تعلن سوى قبل ساعات من بدئها، واستغرقت كذلك ساعات محدودة التقى خلالها شكري مسؤولين إسرائيليين آخرين.
اللافت أيضا أن مصادر في الخارجية المصرية قالت لـ«الأخبار» إن الزيارة جرت بناء على «توجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي استجابة لمطلب إسرائيلي بالرغبة في استعادة مستوى التمثيل الدبلوماسي الرفيع بين البلدين بالتوازي مع موافقة نتنياهو على عقد لقاء مشترك مع (رئيس السلطة الفلسطينية محمود) عباس قريباً في مدينة شرم الشيخ، وعلى الأرجح قبل مؤتمر السلام في باريس».
عموماً، يرى نتنياهو في المشهد الذي جمعه مع شكري، مظلَّلاً بالمواقف المؤيدة للعملية السياسية، مرتكزا يراهن عليه لمواجهة الضغوط الأوروبية التي تحاول فرض تحريك مسار التسوية وفق وتيرة ترى تل أبيب أنها تتعارض مع ثوابتها. ولم يخف نتنياهو توظيفه هذه الزيارة، خلال المؤتمر المشترك، بتأكيد مباركة «اقتراح السّيسي لمبادرة بقيادة مصريّة، بهدف تحقيق السّلام مع الفلسطينيّين، وسلامًا إقليميًّا»، بل حرص على أن يبدو كمن يناشد السلطة الفلسطينية كي تحذو حذو مصر والأردن عبر «التوجه إلى مفاوضات مباشرة... هذه هي الطّريق التي يمكننا أن نسوّي النّزاع عبرها وتحصيل رؤية سلام تستند الى حلّ الدّولتين لشعبين».


الخطوة التالية
قمة ثلاثية تجمع عباس والسيسي ونتنياهو في مصر

بالنسبة إلى نتنياهو تكفي زيارة الوزير المصري لاستخدامها كجزء من أداة الدعاية للرؤية التي يروج لها في الداخل الإسرائيلي حول أن «التشدد» على المسار الفلسطيني لا يسد الأبواب أمام إسرائيل مع الأطراف العربية المعتدلة، وخاصة أن الأخيرة تستند في خياراتها وتحالفها مع إسرائيل إلى واقع إقليمي متفجر، وفي مواجهة محور المقاومة. كذلك هو يراهن على أن حاجة الأطراف العربية إلى موقع ودور إسرائيل في الجبهة المعادية لإيران ولحلفائها والمعادلات المتصلة بالمواجهة مع محور المقاومة، ستجعلها تتجاوز مواقفها المعلنة بخصوص العملية السياسية على المسار الفلسطيني
ومن الواضح، أيضاً، أن نتنياهو يرى في أي خطوات لاحقة تسعى إلى تحريك عملية التسوية مدخلا لتعزيز علاقاته الإقليمية مع أنظمة الاعتدال العربي، وتحديدا مع المملكة السعودية، وخاصة أنه يتمسك برؤية مفادها أن علاقات كهذه يمكن أن تمثّل مدخلا لخطوات لاحقة لتحريك التسوية، وهي خطة إسرائيلية جديدة تعكس المسار السابق الذي كان يرى أن التسوية على المسار الفلسطيني ستكون مدخلا لانفتاح إسرائيل على العالم العربي «الخليجي». أما الآن، فتعزُّز المسارات الإقليمية والاتصالات السرية والعلنية، يجعل نتنياهو يشعر بأنه قادر على تحقيق هذا «الإنجاز» من دون دفع أثمان مؤلمة بالعملة الفلسطينية.
المصادر المصرية قالت إن شكري شرح لنتنياهو ضرورة إنجاز شيء ما قبل رحيل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بداية العام المقبل، كما أكد له «التزام مصر إقناع (حركة) حماس بأي اتفاقات تجري صياغتها مع السلطة الفلسطينية، بل ممارسة ضغوط لإقناعها بحل إقامة الدولتين». وحول الموعد المقترح للقاء الثلاثي في شرم الشيخ، لم يتلق شكري بعد ردا حاسما من الحكومة الإسرائيلية لكنه سلم عدة نقاط مكتوبة إلى نتنياهو بهذا الشأن.
وربط شكري، خلال حديثه، هذه الزيارة بأخرى سبقتها في حزيران الماضي إلى رام الله، حيث قال إنه أجرى محادثات مع مسؤولي السلطة في الشأن نفسه، وإنه الآن يستكمل «الحوار نفسه»، ما يوحي بأن اعتراضات السلطة واشتراطاتها قبل أي مفاوضات مباشرة مع الإسرائيليين لا تتعدى التصريحات الإعلامية. ولا يخفى المعنى السياسي لعقد المؤتمر المشترك في القدس المحتلة بدلا من تل أبيب مع أن ذلك دبلوماسيا تحدده الأخيرة لا القاهرة، فيما لمح شكري إلى استعداد بلاده لمساعدة إسرائيل على «استعادة جنودها المفقودين والأسرى لدى حركة حماس في قطاع غزة»، وهو التلميح نفسه الذي تضمنه أحد بنود المصالحة بين تركيا وإسرائيل اخيرا.
وأضاف شكري في كلمته: «العملية السياسية ستحمل تأثيرًا هائلًا وإيجابيًّا في كلّ الشّرق الأوسط. مصر لا تزال مستعدّة للعمل من أجل هذا الهدف مع دعم الطّرفين، وأيضًا على استعداد للعمل مع المجتمع الدّوليّ للتوصّل إلى توازن وعدل... تحقيق رؤية حل الدولتين يتطلب خطوات بناء ثقة بين الطرفين».

  • أكد شكري أن العملية السياسية ستحمل تأثيرًا هائلًا في كلّ الشّرق الأوسط

    أكد شكري أن العملية السياسية ستحمل تأثيرًا هائلًا في كلّ الشّرق الأوسط (أ ف ب )

0 تعليق

التعليقات