بدا في الساعات الأخيرة أنّ هجوم أورلاندو الذي أودى بحياة 49 شخصاً، والذي تبناه تنظيم "داعش"، انعكس مباشرةً على خطابي أبرز مرشحين للرئاسة الأميركية، دونالد ترامب وهيلاري كلينتون. وبينما كان المرشح الجمهوري، ترامب، يواصل الحفر في خطابه المتّسم بالعدائية، ظهرت مرشحة الحزب الديموقراطي، كلينتون، أكثر اتزاناً في خطابها، متهمة في الوقت نفسه الدول الخليجية بعدم وضع حد لعمليات "تمويل المتطرفين".واتهم ترامب مباشرةً مسلمي الولايات المتحدة لناحية "عدم التعاون" مع السلطات للكشف عن مشبوهين، في إشارة إلى منفذ الهجوم الأخير، عمر متين (29 عاماً). وهو موقف يتماهى مع مواقفه السابقة إبان وقوع هجمات باريس وبروكسل.
من جهة أخرى، استأنفت المرشحة الديموقراطية الجدل حول سهولة الحصول على أسلحة نارية فردية في الولايات المتحدة، مقرّة في الوقت نفسه بالخطر الذي تمثله "الذئاب المنفردة". وقالت: "كان لدينا حظر للأسلحة الهجومية (شبه آلية) انتهت مهلته ويجب إعادة تطبيقه"، مضيفة أنّ "لوبي الأسلحة نشر الذعر بين الناخبين"، ومشددة على ضرورة ايلاء هذا الملف أهمية بين رهانات الانتخابات. وفي ردها على ترامب الذي ينتقد رفضها الحديث عن "إسلام متشدد"، قالت: "الجهادية المتشددة، الإسلامية المتشددة... بالنسبة إليّ الأمر سيان، أياً كانت التسمية فهي ليست المشكلة". واعتبرت أنّ "كل هذه الغوغائية والكلمات لن تحل المشكلة. أرفض الشيطنة والغوغائية وإعلان الحرب على ديانة بكاملها".
أوباما: لا أدلة مباشرة على أن عمر متين كان جزءاً من مؤامرة أكبر

وكانت كلينتون واضحة في نقطة حساسة أميركياً، حين قالت إنه "منذ وقت طويل" كان على حكام السعودية وقطر والكويت وضع حدٍّ لمواطنيهم الذين يموّلون المتطرفين. ورأت كذلك، أنه على الرغم من "التقدّم" في مواجهة "داعش" في سوريا والعراق، فإنّ التنظيم "سيبحث عن تنفيذ هجمات جديدة".
ولعلّ اللافت منذ يومين، أنّ خطابات المرشحين الاثنين إلى الرئاسة (وهما ليسا مرشحين رسميين بعد)، كادت تطغى على مداخلات البيت الأبيض، وحتى على بيانات التحقيقات. وكان الرئيس الأميركي، باراك اوباما، قد أكد أمس، أن لا "دليل واضحا" حتى الآن على أن اعتداء أورلاندو جرى "تدبيره" من الخارج. وقال إثر اجتماع في المكتب البيضوي ضم مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي)، جيمس كومي، ووزير الأمن الداخلي، جيه جونسون، ومسؤولين آخرين، "يبدو أنّ مطلق النار تأثر بمصادر معلومات متطرفة مختلفة على الإنترنت".
وأضاف أوباما: "حتى الآن، ليس لدينا أدلة واضحة تفيد بأن (الاعتداء) دُبِّر من الخارج. ليس هناك أيضاً أدلة مباشرة على أن (مطلق النار) كان جزءاً من مؤامرة أكبر"، متابعاً بالقول: "لقد أعلن مبايعته لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في اللحظة الأخيرة، لكن ليس هناك دليل حتى الآن على أنهم كانوا يوجهونه".
من جهة أخرى، أعرب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي عن اقتناعه بأن منفذ اعتداء أورلاندو "اعتنق التطرف" عبر الإنترنت وتأثر بمنظمات متطرفة مختلفة، ولكن من دون أن تتولى "قيادته".
وذكر كومي أن الـ"اف بي آي" كان قد حقق في أمر عمر متين في أيار 2013، ولعشرة أشهر. وقال: "كان يعمل حارساً أمنياً لمحكمة محلية. وكان لديه تصريحات حادة ومتناقضة عن الإرهاب أثارت قلق زملائه". ولفت إلى أن متين "قال أولاً إن لديه صلات عائلية بالقاعدة. وقال أيضاً إنه عضو في حزب الله، وهو تنظيم إرهابي شيعي وأكبر عدو لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)". وعندها، استجوبه مكتب التحقيقات الفدرالي مرتين و"أوضح (المشتبه فيه) إنه فعل ذلك بداعي الغضب، معتقداً أن زملاءه يهزأون به لأنه مسلم". وفي تموز 2014، برز اسمه حين أجرى الـ"أف بي آي" تحقيقاً حول الجهادي الأميركي في "جبهة النصرة"، منير محمد أبو صالحة، الذي قتل في سوريا.
وقال كومي: "كان القاتل (عمر متين) على معرفة به، إذ كانا يرتادان المسجد نفسه" في فلوريدا، متداركاً: "لكن تحقيقنا لم يعثر على صلات بين الرجلين قد يكون لها تداعيات". وختم كومي قائلاً: "سندقق في كل واقعة لنرى ما إذا كان ينبغي أن نتحرك في شكل مختلف. إن جوابي الصادق في هذه المرحلة هو أنني لا أعتقد ذلك. لا أجد شيئاً عند مراجعتي عملنا يوحي أن عمل عناصرنا كان ينبغي أن يكون مختلفاً".
(الأخبار، أ ف ب)