حذّر رئيسا وزراء بريطانيا السابقان، توني بلير وجون ميجور، أمس، من أن التصويت لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المقرر في 23 حزيران الجاري سيهدد وحدة المملكة المتحدة عن طريق تقويض "السلام" في ايرلندا الشمالية وتشجيع "حركة الاستقلال" في اسكتلندا.وفي كلمة لهما في ايرلندا الشمالية، رأى الزعيمان السابقان اللذان لعبا أدواراً مهمة في "عملية السلام" هناك في التسعينيات أن الوحدة تحفظ عبر بطاقة الاقتراع. وقال رئيس وزراء بريطانيا في الفترة من 1990 حتى 1997، جون ميجور، في كلمة أمام طلاب "جامعة أولستر": "تخلوا عن عضوية أوروبا ولا تندهشوا إذا (تبين لنا) في النهاية أننا تخلينا بطريق الخطأ عن وحدتنا". وأضاف: "إنّ أنجح اتحاد في تاريخ العالم قد يتفكك إلى الأبد".
وحذر ميجور من أنه إذا صوّتت اسكتلندا بالبقاء، واختارت باقي المملكة ترك الاتحاد الأوروبي، فإن الضغوط بشأن تنظيم استفتاء جديد على استقلال اسكتلندا "قد تخرج عن السيطرة ولا يتسنى مقاومتها سياسياً". وكان الاسكتلنديون رفضوا "الاستقلال" في استفتاء عام 2014 بنسبة 55 إلى 44 في المئة، لكن ومنذ ذلك الحين اكتسب "الحزب القومي الاسكتلندي" المزيد من الدعم، وحصل على 56 من جملة 59 مقعداً لاسكتلندا في البرلمان الوطني في لندن في الانتخابات العامة التي أجريت في شهر أيار الماضي.
وفي السياق نفسه، قال توني بلير إن الاستفتاء قد يقوّض أيضاً اتفاقية السلام الخاصة بايرلندا الشمالية الموقّعة في عام 1998 والتي أنهت ثلاثة عقود من القتال بين الايرلنديين القوميين الذين سعوا لاتحاد الإقليم مع جمهورية ايرلندا وخصومهم الذين رغبوا في الإبقاء عليه داخل المملكة المتحدة. وقال بلير: "إذا تركنا (الاتحاد الأوروبي) في 23 حزيران، فإن ذلك سيضع... مستقبل ايرلندا الشمالية في خطر وسيجعل اتحادنا في خطر سيلحق ضرراً عميقاً. إنه مسار ينطوي على مجازفة"، موضحاً أنّ "من الصعب أو المستحيل" الإبقاء على حدود مفتوحة بين ايرلندا الشمالية التي ستصبح خارج الاتحاد وجمهورية ايرلندا العضو في التكتل الاوروبي.
حتى إنّ الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، الذي لعب خلال عهده دوراً محورياً في "عملية السلام" في ايرلندا الشمالية، قال في مقال في مجلة "نيو ستيتسمان" إنّ "عملية السلام استفادت من عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي". وأضاف: "أشعر بقلق من أن مستقبل الرخاء والسلام في ايرلندا الشمالية قد يتعرض للخطر إذا انسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
من جهة أخرى، رأت المعارضة لعضوية الاتحاد الأوروبي والتي تتولى منصب وزيرة الدولة البريطانية لشؤون ايرلندا الشمالية، تيريزا فيلرز، أن تعليقات بلير وميجور "غير مسؤولة". وأشارت إلى أنه "مهما كانت نتيجة الاستفتاء، فإن ايرلندا الشمالية لن تعود إلى متاعب الماضي، وقول غير ذلك ينطوي على عدم الشعور بالمسؤولية".
وبينما لا تزال استطلاعات الرأي تظهر نتيجة متقاربة للمعسكرين، فإنّ مناظرة تلفزيونية كان من المرتقب أن تنظم مساء أمس بين زعيم مؤيدي الخروج رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون، ورئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن، المؤيدة لاستمرار الوضع الحالي. ومن المتوقع أن تحرك المناظرة إقبالاً متزايداً على تسجيل الناخبين للتصويت في الاستفتاء.
جدير بالذكر أنّ النواب البريطانيين صوّتوا، أمس، على قانون طارئ يمدد حتى منتصف الليل مهلة تسجيل الناخبين للتصويت في الاستفتاء، ما يمكن أن يسمح بتسجيل عشرات الآلاف، وخصوصاً من الشباب الذين يعتبرون مؤيدين للبقاء في الاتحاد. واستنكر فكرة التمديد مؤيدو الخروج وفي مقدمهم حملة "ليف. اي يو" بقيادة حزب "الاستقلال"، ورأى نائب رئيس الحزب المليونير آرون بانكس أنها "محاولة يائسة من النخب السياسية لتسجيل أكبر عدد ممكن من مؤيدي البقاء. يحاولون تزوير الاستفتاء".
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)