بعد الأجواء التي شاعت في تل أبيب حول تقدم الاتصالات بينها وبين أنقرة لإعادة تطبيع العلاقات بينهما، والحديث عن تفاهمات بين الطرفين، أكد رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، أمام أعضاء كتلة «الليكود» البرلمانية، أن إسرائيل لن توافق على الطلب التركي برفع الحصار عن قطاع غزة، مشددا على أنها أيضا «لن تغير سياسة الإغلاق (الحصار) البحري».
نتنياهو ادعى أن إسرائيل تسمح بنقل المعدات إلى غزة وتساعد على ترميمها، ولكننا «لن نتنازل عن أمننا». كما رأى أن «طرد تركيا المسؤول في الذراع العسكرية لحركة "حماس"، صالح عاروري، المسؤول عن تفعيل خلايا للحركة في الضفة الغربية... لا يكفينا». هذا ما دفعه إلى المطالبة بضمانات حول منع انطلاق أي نشاط «إرهابي» ضد إسرائيل من تركيا.
في غضون ذلك، نقلت صحيفة «هآرتس» أن طرد العاروري لم ينجم عن الضغط الإسرائيلي فقط، وإنما عن ضغط أميركي. ولفتت إلى أن وزارة المالية الأميركية ضمت اسم العاروري إلى القائمة السوداء للإرهابيين الذين يمنع التعامل الاقتصادي معهم ويجب تجميد أملاكهم.
داوود أوغلو: لا ننسى غزة والقدس في أحلامنا فكيف في المفاوضات

بشأن الحصار، أعلن نتنياهو أن إسرائيل لن تنفذ الطلب التركي برفع الحصار عن غزة، وقال: «لن نغير سياسة الإغلاق البحري. ننقل المعدات إلى غزة ونساعد على ترميمها، لكننا لن نتنازل عن أمننا». وبالنسبة إلى التعويضات عن ضحايا سفينة «مرمرة»، أشار إلى موافقة إسرائيل في السابق على دفع 20 مليون دولار لصندوق إنساني يتولى دفعها للعائلات التركية. ومع ذلك، شدد على أنه لم يتم التوصل بعد إلى اتفاق بين إسرائيل وتركيا بشأن المصالحة بينهما. وقال: «توجد اتصالات مع تركيا لكنه لا توجد تفاهمات، ولم نصل إلى ذلك بعد».
كذلك نقل أحد المسؤولين الذين حضروا جلسة الكتلة، عن نتنياهو قوله، إنه «لا تزال هناك خلافات حول مستقبل نشاط حماس في تركيا وسياسة الإغلاق المفروضة على قطاع غزة». كما قالت مصادر سياسية إن تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي «يأتي على خلفية فهم تل أبيب أن الرسائل المتفائلة التي صدرت عن ديوان نتنياهو في هذا الموضوع مؤخرا، كان مبالغا فيها وسابقة لأوانها». ووفق مسؤول رفيع، فإن «هذا الاتفاق لم يصبح حتى نصف ناضج».
«هآرتس» لفتت، أيضا، إلى أن الرسائل المتفائلة بشأن الاتصالات مع تركيا أجبرت وزارة الخارجية وديوان نتنياهو، في الأسبوع الماضي، على إجراء محادثات طمأنة مع حكومتي اليونان وقبرص اللتين فوجئتا بالحديث عن اختراق في الاتصالات بين البلدين، علما بأنه قبل يوم واحد من ذلك عقد في القدس لقاء بين المديرين العامين لوزارات الخارجية الثلاث تمهيدا للقمة الثلاثية التي ستنعقد في نيقوسيا خلال 28 كانون الثاني المقبل. ولم تذكر إسرائيل خلال ذلك اللقاء أي تفاصيل حول تقدم المحادثات مع تركيا. وذكرت المصادر نفسها أن نتنياهو تحدث مع الرئيس القبرصي وأبلغه أن العلاقات مع تركيا لن تمس العلاقات الوثيقة بين إسرائيل وقبرص.
في المقابل، خرج رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، أمس، بتصريحات تفصيلية وموسعة عما يجري مع إسرائيل، قائلا إن «المباحثات بين الجانبين التركي والإسرائيلي لا تزال جارية»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن أنقرة «متمسكة بشروطها، التي تتضمن رفع الحصار المفروض على غزة، ودفع التعويضات لذوي شهداء مجزرة الحرية».
وأوضح في سياق خطاب خلال اجتماع لحزب «العدالة والتنمية»، أن «المباحثات وصلت إلى وضع يمكن وصفه بالجيد». كما قال إن الهدف هو «إعادة العلاقات بين تل أبيب وأنقرة إلى سابق عهدها، وعلى الشكل الذي كانت عليه قبل الاعتداء الإسرائيلي على سفنية الحرية».
وقال داوود أوغلو: «أنقرة فخورة جدًا كونها كانت أوّل دولة في العالم تجبر إسرائيل على تقديم الاعتذار... تركيا لن تترك أي مظلوم رهين قدره، والشعب الفلسطيني أكبر مظلوم في القرن الواحد والعشرين». وذكر أنه أكد لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، أن تركيا تقف إلى جانب الفلسطينيين، مضيفا: «إن من يقول إن تركيا نسيت شعب غزة، وبدأت بالتقارب من إسرائيل، متجاهلة دعم فلسطين، يكون قد ادعى بالباطل وأسرف علينا، فنحن لا ننسى غزة، وفلسطين والقدس والمسجد الأقصى، حتى في أحلامنا فكيف في المفاوضات».