تل أبيب عن المصالحة مع أنقرة: ابحث عن موسكو

  • 0
  • ض
  • ض

يتواصل الاهتمام الإعلامي في إسرائيل بالاتصالات التركية الإسرائيلية التي تهدف إلى إعادة تطبيع العلاقات بينهما. ومن الواضح أن المقاربات المعروضة تستند إلى معطيات ومعلومات عن جدية وتقدم في المفاوضات التي يفترض أنها تجري بين الطرفين. ومن أهم ما يشغل المختصين في الساحة الإسرائيلية الأسباب التي دفعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى التراجع عن السقف العالي الذي كان يضعه في مقابل إسرائيل، إلى أن بلغ مستوى اعتبر فيه عودة تطبيع العلاقات مع تل أبيب يشكل خدمة للمنطقة. ورأت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنه بعدما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «يعربد» وأصبح نجم الشارع من شمال أفريقيا حتى الخليج، بدا الآن أنه «يغير الاتجاه»، وهو ما يفسر بحسب الصحيفة حرص الطاقم التركي الذي يعمل على صياغة الاتفاقية مع إسرائيل على اهتمام إعلامي متدن. وارجعت الصحيفة هذا "التكتيك التركي إلى محاولة البحث عن كيفية عرض المصالحة مع إسرائيل من دون أن يبدو فيها بصورة الفاشل مرة بعد أخرى، وكيف يسوق إعادة السفيرين إلى تل أبيب وأنقرة، وإلغاء الدعاوى ضد ضباط الجيش الإسرائيلي وإغلاق مكاتب حماس في إسطنبول". وكشفت الصحيفة الإسرائيلية نفسها عن أنه حتى في ظل أجواء التوتر التي كانت بين إسرائيل وتركيا، "لم ينخفض حجم التجارة بين تركيا وإسرائيل، بل بالعكس، تضاعف إلى 5,6 مليارات دولار في السنة. وكانت السفن تنقل البضائع وتتوقف في إسرائيل، وتنتقل البضائع إلى الأردن وتحمل على شاحنات إلى العراق". وأضافت "يديعوت" أن "البضائع الإسرائيلية كانت تباع من دون أي مشاكل في الأسواق التركية، والطلب على المعرفة التكنولوجية والخبراء الزراعيين الإسرائيليين سجل ارتفاعاً متواصلاً". أما الآن، بحسب "يديعوت"، فيبدو أن أردوغان ورئيس حكومته أحمد داود أوغلو اللذين أقسما بـ"بجعل إسرائيل تركع" "غيّرا القرص، وانتقلا من سياسة صفر مشاكل إلى شعار: ما هو جيد للأتراك".

في ظل التوتر، تضاعف التبادل التجاري التركي الإسرائيلي
مع ذلك، قدرت الصحيفة أيضاً أنه "عندما يصبح الاتفاق بين تل أبيب وأنقرة جاهزاً، سيواجه أردوغان مشكلة تسويق. وهو الذي عليه أن يقنع به الحزب الذي رفعه إلى منصب الرئيس ولم يحقق له في الانتخابات البرلمانية الأغلبية المطلوبة لتغيير الدستور". كذلك هو يدرك أن "إسرائيل عرفت كيف تمسك به في لحظة ضعف". ورأت "يديعوت" أن "أردوغان الذي تمسك بشروطه للمصالحة مع إسرائيل، تلقى في الشهر الأخير ضربتين اقتصاديتين: الأولى، بسبب إسقاط الطائرة الروسية أُلغي مشروع نقل الغاز الطبيعي من روسيا، وانتقل مليونا سائح روسي خططوا لقضاء نهاية السنة الميلادية على شواطئ أنطاكيا وفي أسواق إسطنبول إلى أماكن أخرى. ومع أن اتفاق المصالحة من شأنه أن يفتح إمكان التوصل الى صفقة غاز طبيعي مع إسرائيل، إلا أن أردوغان يحتاج في المقابل إلى أن يعد بطرد صلاح العاروري وقادة حماس من الأراضي التركية، وبوقف الإجراءات القانونية ضد قادة سلاحي الجو والبحر وضد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان» السابق عاموس يادلين". في سياق متصل، نقلت «إسرائيل اليوم» المقربة من نتنياهو، عن مصادر سياسية رفيعة المستوى قولها إن "إسرائيل لن ترفع بأي شكل من الإشكال الطوق الأمني المفروض على قطاع غزة". وشددت على أنه "إذا أصرت أنقرة على هذا المطلب في الاتفاق الذي يجري العمل عليه لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا، فلن يجري التوصل إلى أي تسوية". وأكدت المصادر نفسها أن "الاتصالات مع تركيا حول تصدير الغاز الطبيعي لها لن تكون على حساب الاتصالات والعلاقات الوطيدة بين إسرائيل وكل من مصر وقبرص واليونان". وفي ما يتعلق بالعلاقات مع موسكو، شددت المصادر على أن "التقارب الإسرائيلي التركي لن يمسّ بالعلاقات الإسرائيلية الروسية"، مشيرة إلى أن "إسرائيل لا تحول أنقرة إلى حليف استراتيجي، بل ترتّب العلاقات معها". ولفتت الصحيفة إلى أن كلام المصادر أتى تعقيباً على ما نشرته صحيفة "ديلي صباح" التركية يوم الجمعة الماضية، وقالت فيه إن إسرائيل وافقت على تخفيف الحصار المفروض على القطاع. ونقلت الصحيفة التركية عن مصادر دبلوماسية تركية مطلعة قولها إنها "تتوقع أن يقرّ رئيسا حكومتي إسرائيل وتركيا الاتفاق قبل نهاية العام الحالي". إلى ذلك، رأى الخبير بالشؤون السورية والشرق الأوسط، ايال زيسر، في مقالة له في صحيفة "إسرائيل اليوم"، أنه "رغم أهمية الموضوع الاقتصادي بالنسبة إلى تركيا، لكن ليس هو الذي يدفع تركيا إلى أحضان إسرائيل، بل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اضطر أردوغان إلى البحث عن حلفاء إقليميين يساعدونه في الحفاظ على المصالح التركية الحيوية أمام الضغط الروسي المتعاظم". ولفت زيسر إلى أن "أنقرة وموسكو لن تدافعا عن المصالح الإسرائيلية، وهما لا تهتمان بذلك". لكنه أضاف أن هناك "مصالح مشتركة بين الدولتين تقوم على مواجهة الانتشار الإيراني في المنطقة ومنع استعادة (الرئيس السوري بشار) الأسد القوة التي كان يتمتع بها بدعم من إيران وحزب الله.

0 تعليق

التعليقات