أعلنت تركيا أمس أنها ستنشئ قاعدة عسكرية في الدولة الخليجية، في إطار اتفاقية دفاعية ثنائية لمواجهة «الأعداء المشتركين»، وُقعت عام 2014، وصدّق عليها البرلمان التركي في حزيران الماضي، في وقت لف فيه الغموض والبلبلة موضوع التحالف الإسلامي، حيث عبّر الكثير من أعضائه المفترضين عن مفاجأتهم به وعن رفضهم أن يكونوا أعضاءً في حلف عسكري.
وقال السفير التركي في قطر، أحمد ديميروك، إن 3000 جندي من القوات البرية، إلى جانب وحدات جوية وبحرية ومدربين عسكريين وقوات عمليات خاصة، سيتمركزون في القاعدة التي ستكون أول منشأة عسكرية تركية في الشرق الأوسط، مضيفاً أن القاعدة «متعددة الأغراض»، وستكون في الأساس مقراً لتدريبات مشتركة. وأوضح ديميروك أن 100 جندي تركي موجودون حالياً في قطر لتدريب جيشها؛ ولم يذكر موعد الانتهاء من بناء القاعدة التركية الجديدة، مشيراً إلى أن الاتفاق الموقع بين البلدين يتيح لقطر خيار إقامة قاعدة عسكرية لها في تركيا. وتجدر الإشار إلى أن قطر «تستضيف» أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط، هي قاعدة العديد، حيث يتمركز نحو 10 آلاف فرد.
«تواجه تركيا وقطر مشاكل مشتركة، وكلانا قلق للغاية بشأن التطورات في المنطقة، والسياسات الغامضة للدول الأخرى. إن التعاون بيننا مهم للغاية في هذا الوقت الحرج في الشرق الأوسط»، قال السفير التركي، مضيفاً: «إننا اليوم لا نبني تحالفاً جديداً، بل نعيد اكتشاف روابط تاريخية وأخوية»، في إشارة إلى الإمبراطورية العثمانية التي امتدت من شرق أوروبا إلى الخليج.
موسكو: نحو مؤتمر أممي لبحث دور الدين في التصدي للتطرف

«في ضوء فك الارتباط الأميركي من الخليج، فما نشهده هنا هو تنويع للحلفاء المحتملين... من مصلحة دولة صغيرة كقطر استضافة عدة حلفاء على أرضها، لأن ذلك يوفر لها ضمانة أمنية غير مباشرة من الحليف، كما يزيد من تكلفة أي هجوم محتمل بالنسبة إلى المعتدي»، علّق الأستاذ في «كينغز كوليدج» في لندن وفي كلية الدفاع الوطني في قطر، جان مارك ريكلي.
وفي سياق متصل، أشاد أمس الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، بالإعلان السعودي، معلناً دعم جامعة الدول العربية لهذه المبادرة التي رأى أن من شأنها أن تسهم في تنسيق جهود الدول العربية والإسلامية في مجال مكافحة الإرهاب بكافة مظاهره وأشكاله، وتبني آليات محددة لهذا الغرض، عسكرياً وسياسياً وفكرياً.
لكن كلام العربي ناقضته تصريحات مختلفة صادرة عن مسؤولين في دول يُفترض أنها أركان في التحالف المعلن.
«التحالف الإسلامي المزمع تشكيله... ليس عسكرياً، وأهميته تكمن في التنسيق العسكري والاستخباراتي والايديولوجي بين الدول المشاركة فيه»، قال أمس المتحدث الرسمي باسم الخارجية التركية، طانجو بيلغيج، الذي أكد «دعم تركيا لكافة الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب». وأعلن بيلغيج أن لا خطط لدى أنقرة لإنشاء قوة عسكرية تركية في إطار هذا التحالف، قائلاً إن «المسؤولين السعوديين سيعرضون تفاصيل التحالف أكثر خلال الفترة القادمة».
«لا نريد أن ننضم إلى تحالف عسكري»، أعلن أمس وزير الأمن الإندونيسي، لاهوت باندجايتان، بعدما كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإندونيسية، أرماناثا ناصر، قد أوضح أن وزير الخارجية السعودي اتصل بجاكرتا مرتين خلال الأيام القليلة الماضية، يسألها الانضمام إلى «مركز للتنسيق في مواجهة التطرف والإرهاب». وأضاف باندجايتان: «ما أعلنته السعودية هو تحالف عسكري... لذا من المهم أن تطلع إندونيسيا على التفاصيل أولاً قبل أن تقرر ما إن كانت ستسانده»، وذلك فيما قال برلماني إندونيسي رفيع إنه لم يعلم بأمر هذا التحالف إلا من مراسل وكالة «رويترز»، التي قالت إن لدى مسؤولين في عدد من الدول الـ34، التي قالت الرياض إنها وقعت على الانضمام للتحالف، مفاهيم مختلفة عما تستتبعه المشاركة فعلياً، فيما قال البعض إن بلدانهم لم تبلغ بالأمر رسمياً.
وفي السياق نفسه، أوضحت وزارة الخارجية الباكستانية أمس أن إسلام آباد ترحب بإعلان السعودية، لكنها تنتظر المزيد من التفاصيل حول التحالف المذكور، «لتحديد مدى مشاركتها فيه». وأعرب أمس سكرتير وزارة الخارجية الباكستانية، عزيز تشادوري، عن دهشته من الأخبار عن انضمام بلاده إلى الدول المشاركة في التحالف، مشيراً إلى أن الخارجية الباكستانية طلبت من سفيرها في الرياض لقاء المسؤولين السعودين، والحصول منهم على إيضاحات حول الموضوع. كذلك أكدت عضو لجنة الدفاع التابعة لمجلس الشيوخ الباكستاني، سهار كمران، أن مسألة الانضمام إلى التحالف لم تناقش بعد في مجلس الشيوخ أو الجمعية الوطنية.
والجدير ذكره أنه فيما استخدم ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عبارة «التحالف الإسلامي العسكري» في إعلانه يوم الأول من أمس، قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إن مساهمة الدول المعنية يمكن أن تشمل القوة العسكرية أو المساعدة المالية أو الخبرة الأمنية.
من جانبه، قال أمس وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك عقده في موسكو مع نظيره البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، إن روسيا تدرس الدور الذي يمكن أن يلعبه «التحالف الإسلامي» في محاربة الإرهاب، معرباً عن استعداد حكومته «لبحث هذا الموضوع مع شركائنا في مجلس التعاون الخليجي، ومع جميع الأصدقاء المهتمين بالانتصار على هذا الشر». وشدد لافروف على أهمية البعد الأيديولجي في عمل التحالف الجديد، والعمل للحيلولة دون تضليل الشباب من طريق التلاعب بمبادئ الإسلام، مشيراً إلى دور الرياض ومسؤوليتها الخاصة في هذا المجال. ورأى لافروف أن مبادرة الرياض لتوحيد جهود الدول الإسلامية في محاربة الإرهاب قد تشكل نقطة انطلاق لعقد مؤتمر أممي لبحث دور الديانات العالمية في التصدي للفكر الديني المتطرف.

(الأخبار، رويترز، الأناضول)