يستمد المخرج اللبناني أنطوان الأشقر، أحداث «توك توك» من نص الكاتب الفرنسي لوران بافي. المسرحية التي تنطلق عروضها على خشبة «مسرح مونو» ابتداءً من 26 الحالي، تتخذ منحى كوميدياً وطريفاً، يجمع بين النفور الذي ينشأ بين ستّ شخصيات، تعاني متلازمة «الوسواس القهري» في مقابل المواقف الإنسانية التي ترسم مسار علاقاتها في عيادة طبيب نفسي. تبدأ الأحداث بالتصاعد، عندما تقوم الشخصيات (تمثيل: ماريا الدويهي، ريمي موصلي، ماري تيريز عيراني، طوني فرح، باتريك شمالي، كاتي يونس، منير شليطا)، بالتعرّف إلى بعضها البعض، منتظرة مجيء الطبيب، الذي تأخرت طائرته. يسعى كلّ منهم، في البداية، إلى إخفاء مشكلاته وتخبطاته الحقيقية، إلى أن يصل الحديث إلى مرحلة الشفافية المطلقة. بعدها، تقترح إحدى الشخصيات الخضوع لما يعرف بالعلاج الجماعي، لتمرير وقت الانتظار. يقول الأشقر لـ «الأخبار»: «لقد أجرينا أبحاثاً كثيرةً، حول مرض الوسواس القهري، في الوقت الذي سعينا فيه أيضاً إلى أن نكون أمناء في نقل النص الأصلي، وإسقاطه على المجتمع اللبناني».
يتصل عرض «توك توك»، بالسياق الاجتماعي للبلد. فالمسرحية واضحة من حيث التركيبة الدرامية، والشخصيات، والدراماتورجيا. يمكن ربطها بالواقع اللبناني، بشكل كبير، خاصةً أنها تجسّد شخصيات تعاني مشكلات كثيرة، وتتمحور حول مرض الوسواس القهري وتبعاته النفسية، والبحث الدائم عن الأمل، من خلال الذهاب إلى الطبيب وتلقي العلاج.
في ما يخص الشكل المسرحي، سعى أنطوان الأشقر إلى تبسيط السينوغرافيا وجعلها أكثر «صحراوية». إذ، يؤكد أن ما يهمّه هو عملية إعداد الممثلين. وبما أن أحداث المسرحية تجري في غرفة الانتظار، فقد حاول خلق سينوغرافيا بسيطة. قسّم المسرح إلى فضاءين: الأول أشبه بحديقة زهور، تجسّد رغبة الأشخاص بالشفاء، كأنهم يعتبرون الطبيب هو المخلص. أمّا الفضاء الثاني فهو حيث تجري أحداث المسرحية، وتحوم فيه علامات الانتظار والترقب.
يلجأ المخرج إلى النوع الكوميدي، في مسرحيته تلبيةً لحاجة الشعب اللبناني إلى المسرح أولاً، وإلى النوع الكوميدي تحديداً، بسبب الظروف الحياتية الصعبة التي مرّ بها خلال السنوات الثلاث السابقة. في هذا الإطار، يعتبر أنطوان الأشقر، وهو أستاذ ومحاضر أكاديمي، في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، أنّ الأمر لا يتعلّق بتسخير المهارات التعلمية في المسرح، فقط، بل يعتبر أن خبرته في التعليم التي تعدّت 17 عاماً في الجامعة، بالإضافة إلى تجاربه المتنوعة في إعداد الممثلين وتدريبهم، تحتّم عليه أن يعمل بهذه الطريقة. فالعمل الناجح يحتاج إلى تفكير وتحليل، مع دراسة الشخصيات بشكل منفرد من جهة، وعلاقتها ببعضها وبكل ما حولها من جهة أخرى.
توليفة كوميدية تهدف إلى الترفيه وسط الواقع المعيشي الصعب


يطمح مخرج «توك توك»، أن يكون العرض بمثابة دعوة للمتلقين، لمشاهدة توليفة مسرحية كوميدية، بتركيبة «سلسة»، بهدف تحقيق شعور الترفيه والتسلية، الذي بات يفقده الجمهور نتيجة الظروف الاقتصادية، والمعيشية، وحتى النفسية الصعبة، التي يمرّ بها البلد. كذلك، يشدد على أهمية الذهاب إلى المسرح، في هذه الظروف، مستشهداً بقول الشاعر الإسباني لوركا، «إن البلد الذي لا يملك مسرحاً هو بلد ميّت». ما يبحث عنه المخرج، أيضاً، هو تحقيق جو من الاستمتاع والترفيه، الذي بات صعباً وشبه مستحيل، نتيجة التراكمات المأساوية التي شهدناها في الفترة الأخيرة. كذلك، يؤكد ولو بطريقة غير مباشرة، على قدرة طلاب وأساتذة المسرح في معهد الفنون، في الجامعة اللبنانية، على تقديم عروض مسرحية أصيلة.

* «توك توك»: س:20:30 مساءً بدءاً من 26 تشرين الأول (أكتوبر) لغاية 13 تشرين الثاني (نوفمبر) ــــ «مسرح مونو» (الأشرفية) ــــــ 70/626200 ـــــ البطاقات متوافرة في مكتبات «أنطوان».