لا تقف الأمور على مستوى النص، بل تنسحب على مستوى الأداء التمثيلي لنجوم الدراما التلفزيونية اللبنانية. مخارج حروف متلعثمة، خصوصاً وليد عرقجي. مَن أقنعه بالصعود إلى المسرح، في حين يفتقد إلى أدنى أساسيات التمثيل المسرحي؟ لم يكن أداء وسام صليبا ودوري السمراني، بأفضل. صراخ وانفعالات، وتمثيلي خارجي، تحديداً على مستوى إيماءات اليدين، وتعابير الوجه. لم يكلّف صليبا والسمراني، نفسيهما مشقة البحث، في دراسة شخصية الدكتور أو الرجل الذكوري. قدماها بطريقة منمّطة للغاية. في كثير من الأوقات، يطالعنا كل ممثل بالوقوف أمامنا، والدوران حول نفسه، ليلقي خطابه المباشر، مع حركات يدين ورجلين، لا تحمل إلا الثرثرة الحركية. أكثر من ذلك، اختارت لينا أبيض، أن يخلع الممثلون الثلاثة، كنزاتهم على المسرح، من دون أن يحمل ذلك، أي خيار دراماتورجي، ولم يكن خلع الثياب للعب كرة السلّة، مبرراً، بل جاء بهدف تسليع الذات، واستعراض الأجساد.
ذكورية فاضحة، ألفاظ نابية مجانية، أداء تمثيلي كارثي، ونص سخيف وممل
سينوغرافياً، أتى الديكور فقط بهدف التزيين، وإضفاء أجواء برجوازية، للمصيف الذي تقضي فيه الشخصيات عطلتها. أدوات على المسرح، وضعت بلا أي هدف، ولم يتم استعمالها أو تفعيلها. أين فن الإخراج المسرحي في هذا العرض؟ هل كان بإضفاء إضاءة باهتة أو غامقة، حسب الصعود الدرامي؟ أم ببث أغنية «لقيت الطبطبة» والرقص عليها؟ لحظات فراغ، صمت مدقع، و«تعباية هواء»، كلها تجعل العمل يفتقد أدنى مقومات الإخراج المسرحي.
في المحصّلة، تأتي «آخر سيجارة» لتزيد شروخ المجتمع اللبناني، لا لتزيد وعينا الفردي تجاه قضايا كبرى. لم تجعلنا المخرجة نتساءل، أو نهدم، السرديات، والنمطيات، في فضائنا العام. الذكورية التي نناضل لوقفها، جسّدها، بكل وقاحة، الممثل دوري السمراني. حرية المرأة التي ندعمها، داست عليها لينا أبيض، بعدما علّبت المرأة. وحق التعبير الفني، الذي نناضل من أجله، عرّته أيضاً، واستغلّته لتسليع جسد الرجل. والكوميديا التي نحتاجها، لم يكلف وسام صليبا خبرته في لوس أنجلوس بتوظيفها، والعمل عليها. أما وليد عرقجي، فليعتزل المسرح!
* «آخر سيجارة»: حتى 2 تشرين الأول (أكتوبر) ـــ «مسرح مونو» (الأشرفية). للاستعلام: 70/626200