أظهرت دراسة جديدة، نُشرت هذا الشهر وأجراها باحثون من جامعة بنسلفانيا وشركة «OpenAI» التي صنعت «تشات جي بي تي»، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكن أن تتعامل بسرعة أكبر مع نصف المهام على الأقل التي يقوم بها المحاسبون والمترجمون الفوريون والكتّاب.
ووجد الباحثون أنه يمكن إكمال نصف مهام المحاسبة على الأقل بشكل أسرع باستخدام تلك التقنية. وينطبق الشيء نفسه على علماء الرياضيات والمترجمين الفوريين والكتّاب وما يقرب من 20% من القوة العاملة في الولايات المتحدة.

الباحثون أرادوا فحص مدى انكشاف المهن أمام التقنية الجديدة، فقاموا بتحليل نسبة ما يستطيع «تشات جي بي تي» تقليله من وقت مطلوب لاتمام المهام، فكانت النسبة 50% على الأقل. ووجدوا أن معظم الوظائف سيتم تغييرها بشكل ما بواسطة «تشات جي بي تي». كما تبين أن حوالي 80% من العمال في المهن، يمكن أداء مهمة واحدة على الأقل بشكل أسرع منهم بواسطة «الذكاء الاصطناعي التوليدي». ووجدوا أن وظائف معالجة المعلومات، بما في ذلك متخصصو العلاقات العامة ومراسلو المحاكم ومهندسو «بلوكتشاين»، هي الوظائف الأكثر عرضة لاستبدال البشر. أما الوظائف الأقل تأثراً بالتقنية، فتشمل الطهاة، وميكانيكي الدراجات النارية، وناقلو النفط والغاز.

في تقرير نشرته «وول ستريت جورنال»، قال الأستاذ المساعد في جامعة كاليفورنيا، مات بين، الذي يدرس تأثير التكنولوجيا على سوق العمل، إن التحدي الحقيقي هو للشركات والمدارس وصانعي السياسات لمساعدة الناس على التكيف. وأضاف «هذه مشكلة تقدر بمليارات الدولارات»، ويمكن أن تشمل، من بين أمور أخرى، تدريب العمّال على التعاون بشكل فعّال مع التكنولوجيا وإعادة تصميم الوظائف لتعزيز الاستقلالية والأجور والتوقعات الوظيفية للعديد من المهام.

كما وجدت دراسات حديثة أخرى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يوفّر وقتاً كبيراً ويحقق نتائج أفضل مما يمكن للبشر. في تجربة لـ«معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» والتي ركزت على المهنيين الحاصلين على تعليم جامعي، قسّم الباحثون 444 من المسوقين والمستشارين والمتخصصين في الموارد البشرية والعاملين الآخرين إلى النصف. طُلب من كلتا المجموعتين إكمال مهام مكتوبة قصيرة، ويمكن لمجموعة واحدة استخدام «تشات جي بي تي» للقيام بذلك. أولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إلى «تشات جي بي تي» أنهوا مهامهم أسرع بـ 10 دقائق. وقال الذين قيموا جودة هذه المهام، إن العاملين بمساعدة الذكاء الاصطناعي حققوا أداءً أفضل من المجموعة الأخرى.

ورقة أخرى نُشرت الأسبوع الماضي، من قبل باحثين في شركة «مايكروسوفت»، والتي تستثمر المليارات في «OpenAI»، حللت قدرات «GPT-4»، أحدث إصدار لـ«تشات جي بي تي»، ووجدت أنها يمكن أن تحل «المهام الجديدة والصعبة» مع «مستوى أداء يوازي أداء الانسان» في مجالات مثل الرياضيات والتشفير والطب والقانون وعلم النفس.

أماندا ريتشاردسون، الرئيسة التنفيذية لـ«CoderPad»، وهي شركة تقوم بإجراء مقابلات عمل مع أشخاص نيابة عن شركات البرمجة التي تريد موظفين. تقول إنها تستخدم «تشات جي بي تي» لكتابة العروض التقديمية (presentations) عندما تقدم عرضاً في مجال عملها. وقالت إن الأداة تنشئ مخططاً أساسياً، ومن هناك تتوسع في تفاصيل محددة لتقديم عرض أكثر إقناعاً. وقد أوصت ريتشاردسون عملاء الشركة صراحة بجعل «تشات جي بي تي» جزءاً من عملية المقابلة. فتطلب من المتقدمين استخدام «تشات جي بي تي» لحل مشكلة ما، ثم تطلب منهم أن ينتقدوا الإجابة التي أتى بها. هل يحتوي الكود على أي ثغرات أمنية؟ هل هو قابل للتطوير؟ ما هو جيد أم سيء؟