أعلن علماء، أمس، عن اكتشافهم مياهاً داخل حبيبات زجاجية متناثرة على سطح القمر، مشيرين إلى أنّ «علماء المستقبل» قد يتولّون يوماً ما جمع هذه الحبيبات وإخضاعها للدراسة.
وكان يُعتقد منذ زمن أنّ القمر يتّسم بالجفاف، لكنّ مهمات كثيرة أُنجزت على مدى العقود القليلة الفائتة، توصّلت إلى أن المياه موجودة على القمر، أكان فوق سطحه أم داخل معادن.

في السياق، قال الأستاذ في علم الكواكب والاستكشاف لدى الجامعة المفتوحة في المملكة المتحدة، ماهيش أناند، في حديث إلى وكالة «فرانس برس»، إنّ جزيئات المياه يمكن رؤيتها «تتناثر فوق سطح القمر، عندما تكون الشمس مشرقة».

وأضاف أناند، وهو أحد معدّي الدراسة التي نُشرت في مجلة «نيتشر جيوساينس»، أن العلماء لم يتوصلوا بعد «إلى معرفة مصدرها الدقيق».

كما أشارت الدراسة التي أعدّها فريق من الباحثين برئاسة الأكاديمية الصينية للعلوم، إلى أنّ الحبيبات الزجاجية «يُحتمَل أن تكون الخزان الأساسي المعني بدورة المياه على سطح القمر».

وتولّى الفريق تحليل 117 حبة زجاجية رصدتها مركبة «تشانغ آه-5» الصينية في كانون الأول 2020، وأُرسلت إلى الأرض.

وهذه الحبيبات تشكّلت بفعل نيازك صغيرة اصطدمت بسطح القمر المفتقر إلى الحماية، التي عادة ما يوفرها الغلاف الجوي.

وتسببت حرارة الاصطدام بإذابة المادة المكوّن منها سطح القمر، والتي عندما تبرد تتحوّل إلى حبيبات زجاجية مستديرة مماثلة في سماكتها لشعرة واحدة.

وأردف أناند: «بالإضافة إلى اكتشاف المياه داخل حبيبات زجاجية، توصّل العلماء إلى أن ثمة تأثيراً واضحاً للشمس»، إذ تبينّ لهم أنّ الهيدروجين الضروري في عملية تشكّل المياه، مصدره الرياح الشمسية التي تجتاح الجسيمات المشحونة عبر النظام الشمسي.

ثلث تريليون طن من المياه؟
أما المكوّن الآخر للمياه وهو الأكسجين، فموجود على سطح القمر داخل الصخور والمعادن.

وقال أناند إن ذلك يعني أنّ الرياح الشمسية قد تكون ساهمت بشكل متساوٍ في تشكيل المياه على أجسام أخرى في النظام الشمسي تفتقر إلى الغلاف الجوي، كعطارد أو الكويكبات.

وأشارت الدراسة إلى أنّ الحبيبات الزجاجية قد تشكّل نحو ثلاثة إلى خمسة في المئة من سطح القمر، لافتةً إلى أنّ الحسابات التقديرية توصلت إلى أنّ الحبيبات الزجاجية على سطح القمر قد تحوي نحو ثلث تريليون طن من المياه.

كذلك، أوضح أناند أنّ استخراج المياه من الحبيبات يتطلّب إخضاعها لدرجة حرارة تبلغ نحو مئة درجة مئوية.

وفي حين يستلزم هذا الاكتشاف مزيداً من الأبحاث، لفت أناند إلى أنّ تعريض الحبيبات للحرارة ومعالجتها، قد يوفّران المياه وحتى الأكسجين لـ«علماء المستقبل»، ما يساعدهم في استكشاف «عوالم أخرى بطريقة مستدامة ومسؤولة».

وأوضح أناند أنّ روبوت «بروسبكت» الخاص بوكالة الفضاء الأوروبية والذي من المقرر إرساله إلى القمر عام 2025، قد يكون أول مركبة فضائية تتمكن من جمع الحبيبات واستخراج المياه منها.

وترمي مهمة «فايبر» التابعة لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، والمُقرر إطلاقها في أواخر العام المقبل، إلى تحليل الجليد في القطب الجنوبي من القمر.

أما مهمة «أرتيميس» التابعة لوكالة «ناسا» أيضاً، فتهدف إلى نقل روّاد فضاء إلى القمر خلال السنوات المقبلة، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1972.