أكّد إيلون ماسك خلال اجتماع عقده أمس، للمرة الأولى مع موظفي «تويتر»، أنّه يسعى لأن يصبح عدد مستخدمي الشبكة الاجتماعية مليار شخص، لكنه أظهر غموضاً في شأن مواضيع أساسية أمام الموظفين القلقين من احتمال عدم احترام مستحوذ الشركة المحتمل بعض القيم الخاصة بالمنصة.
وبعد أسابيع شهدت تطوّرات عدّة، أجاب رجل الأعمال على أسئلة كثيرة طرحها الموظفون خلال اجتماع عُقد عبر الفيديو، ونقلت وقائعه صحيفة «نيويورك تايمز» ووكالة «بلومبرغ» على لسان مصادر لم تكشف هويتها.

وأعاد الملياردير الإشارة إلى طموحه المتمثّل في وصول عدد مستخدمي «تويتر» إلى مليار شخص، بالإضافة إلى تنويع مصادر الدخل في المنصّة. لكنه لم يوضح مدى عزمه أم لا على استحواذ «تويتر».

ومنذ الإعلان عن شرائه حصة كبيرة من أسهم الشركة أوائل نيسان، بعث ماسك بإشارات متناقضة في شأن استحواذه المنصّة، إذ نشر تغريدات انتقادية في الغالب وعدوانية أحياناً تجاه المنصّة التي يتابع حسابه عليها 98 مليون مستخدم.

وأظهر ماسك في الاجتماع، أمس، شغفه تجاه المنصّة الاجتماعية التي تشكّل وسيلة التعبير المفضّلة لديه. لكنه أعرب عن عدم رضاه من نتائج الشركة المالية، متطرّقاً إلى النجاح الذي تحققه التطبيقات التابعة لشركات صينية من أمثال «تيك توك» و«وي تشات».

وقال ماسك وفق ما نقلت وسيلتا الإعلام، إنّ «التكاليف تتجاوز الإيرادات حالياً. وهذا الوضع ليس ممتازاً».

ويطمح المليارير إلى أن يصل عدد مستخدمي المنصّة إلى مليار شخص. وفي الربع الأول من السنة، استخدم «تويتر» 229 مليون مستخدم نشط يُعتبر مستهدفاً بالإعلانات في المنصّة.

ورأت المحلّلة جاسمين إنبيرغ، من شركة «إنسايدر إنتليجنس»، أنّ «رغبة ماسك في أن تتحول «تويتر» إلى منصّة مشابهة لتيك توك وأن تصبح أقلّ مللاً، تعني تحوّلاً كبيراً نحو مقاطع الفيديو (...) على غرار عدد من المنصّات التي اعتمدت صيغة مقاطع الفيديو القصيرة والجذابة».

وطرح موظفو «تويتر» على ماسك أسئلة تتمحور تحديداً على رؤيته السياسية وأهدافه في شأن ثقافة الشركة وظروف العمل فيها.

وكان ماسك أكّد في نيسان، أنّ أولويته من شراء «تويتر» لا تتمثل في تحقيق أرباح بل بالدفاع عن حرية الرأي.

وأعاد التشديد مرة جديدة على أهمية التخفيف من سياسات الإشراف على المحتوى بالنسبة إليه، ضمن الحدود التي تفرضها القوانين. وتتعارض رؤيته هذه مع ما يؤمن به موظفون كثر في «تويتر» وعدد من الجمعيات والنواب الديموقراطيين، إذ يطالبون الشبكات الاجتماعية بأن تكافح بشكل أفضل خطاب الكراهية والتنمّر والمعلومات المضلّلة فيها.

وأوضح ماسك الذي أعرب الأربعاء في تغريدة عن تأييده حاكم فلوريدا الجمهوري، رون ديسانتيس، للانتخابات الرئاسية الاميركية سنة 2024، أنه «معتدل» في المواضيع السياسية.

وكان رأى في تصريح سابق، أنّ «تويتر» تميل «سياسياً إلى اليسار» (يقصد الجناح التقدمي في الحزب الديموقراطي)، لأنّ مقرّها يقع في سان فرانسيسكو، معتبراً أن على المنصّة أن تكون «حيادية أكثر».

وأتى اجتماع ماسك بالعاملين في «تويتر»، بعد أيام قليلة من إلزامه موظفي «تيسلا» بالعمل أربعين ساعة حضورياً في الأسبوع، وفي حال عدم التزامهم سيخسرون وظائفهم.

ويتناقض قرار ماسك مع آراء رؤساء «تويتر» الحاليين الذين سمحوا لموظفي الشركة الـ7500 بالعمل عن بُعد بشكل كامل.

وفيما بقي ماسك غامضاً في شأن هذا الموضوع، أشار الملياردير خلال الاجتماع، بحسب ما نقلت «نيويورك تايمز»، إلى أنّ طبيعة عمل موظفي «تويتر» تختلف عن تلك الخاصة بعمّال «تيسلا»، الذين يتولّون تصميم السيارات وتصنيعها، لكنه أعاد التأكيد أنه يفضّل العمل بصيغته الحضورية.

أما في شأن دوره في «تويتر»، فأشار إلى رغبته في التأثير بالتوجهات الاستراتيجية وتحسين ما توفّره المنصّة. ولم يوضح ما إذا كان ينوي تسريح عدد من الموظفين، لكنه تطرّق إلى أنه يأخذ أداء الموظف في الحسبان.

ولاحظ المحلل، دان إيفز، من شركة «ويدبوش»، أنّ الاجتماع سلّط الضوء على «التناقض الموجود بين ثقافة ماسك والأسس التي بُنيت عليها تويتر».

ويثير أغنى رجل في العالم كذلك غضب موظفين في شركته «سبايس إكس» للصناعات الفضائية.

وانتقد موظفون كثر تصرفات ماسك في الحياة العامة، معتبرين أنها «مصدر إلهاء وخزي»، ودعوا الشركة إلى «الإدانة العلنية» للأسلوب الذي يغرّد فيه، وذلك في رسالة من المفترض أن تُسلَّم إلى مدير «سبايس إكس»، على ما ذكر الموقع المتخصّص «ذا فيرج».

ولا يزال سعر سهم «تويتر» في البورصة أقلّ من السعر الذي طرحه ماسك في منتصف نيسان، ما يشكل دليلاً على أنّ بورصة «وول ستريت» لم تُظهر اقتناعاً باستحواذ الملياردير على المنصّة.

وأكد ماسك المتحدر من جنوب أفريقيا، أنه سيلجأ إلى ثروات كبيرة عدّة وشركات استثمار لتأمين مبلغ 44 مليار دولار اللازمة لاستحواذه على«تويتر».

لكنّ رجل الأعمال المثير للجدل، هدّد كذلك بسحب عرضه لوجود حسابات مزيفة كثيرة في المنصة، وهو موضوع يعتبره ماسك بالغ الأهمية.