إنه أسبوعٌ سيء لشركة «فيسبوك». ليل الأحد، وخلال برنامج «60 مينيتس» عبر محطة «سي بي إس»، تم الكشف عن مسرّب الوثائق الداخلية لعملاق منصات التواصل الاجتماعي، ليتبين أنها فرانسيس هوغن، مهندسة البيانات السابقة في «فيسبوك»، والتي اتهمت الشركة بـ«اختيار الربح المادي على سلامة مستخدميها». وأضافت أن الشركة على دراية بكيفية استخدام منصاتها لنشر الكراهية والعنف والمعلومات المضللة، وأن فيسبوك حاول إخفاء تلك الأدلة.
وقامت هوغن بأخذ مستندات داخلية للشركة وأرسلتها إلى صحيفة «وول ستريت جورنال»، التي نشرت تلك الوثائق تباعاً.

ومن الأبحاث التي نشرتها الصحيفة استناداً إلى هذه المعلومات، أن «فيسبوك» كانت تجري أبحاثاً حول شبكة «إنستغرام» التابعة لها منذ ثلاث سنوات لتحديد تأثيراتها على المراهقين. والنتائج كانت كارثية.

المهم، وفي انتظار أن تمثل هوغن أمام لجنة التجارة في مجلس الشيوخ الأميركي الثلاثاء، انهارت إمبراطورية «فيسبوك» مع كل جنودها الخدماتية (إنستغرام، واتساب، مسنجر) دفعةً واحدة. وحتى كتابة هذا التقرير، يكون قد مضى على انقطاع خدمات الشركة نحو أربع ساعات.

النظريات حول أسباب ما حدث كثيرة، لكن أكثرها منطقية أن عطلاً طرأ بشكل محدد بين اسم نطاق الشركة (Domain Name)، وبين نظام أسماء النطاقات (DNS).

في عالم المواقع الإلكترونية، أسماء النطاقات مثل Facebook.com، هي مجرد واجهة لعنوان IP. وعندما يُدخل المستخدم ذلك الإسم عبر متصفح الإنترنت لديه، يذهب اسم النطاق إلى DNS، ويبحث عن عنوان الـIP الخاص بالموقع، ومن ثم يظهر الأخير أمام المستخدم خلال أجزاء من الثانية.

وبحسب ما أصبح متداولاً، أن المشكلة تكمن هناك، إذ لا يستطيع اسم نطاق Facebook.com، وأسماء نطاقات خدماتها الأخرى، من التواصل مع نظام أسماء النطاقات DNS. ويمكن لنا أن نتخيل أن Facebook.com هو إنسان غير قادر على الوصول إلى منزله عندما تطلب منه ذلك، ليجلب لك ما تريده من منزله.

وما يعزز هذه النظرية هو قول دوغ مادوري، مدير تحليل الإنترنت في شركة «كنتك» لمراقبة الشبكة، إن «فيسبوك» أجرى تغييراً على ما يبدو صباح يوم الاثنين في معلومات توجيه الشبكة، وفق ما نقلت عنه صحيفة «وول ستريت جورنال». أي أنه من المحتمل أن خطأ تقنياً ما قد حصل خلال تلك العملية، وتدحرجت كرة الثلج منذ ذلك الحين.

وعلى الرغم من استبعاد نظرية الهجوم السيبراني من قبل صحيفة «نيويورك تايمز»، إلا أنها أشارت أيضاً إلى تعطل البطاقات الإلكترونية لموظفي «فيسبوك»، ما منع دخولهم مقار الشركة لتقييم أسباب العطل. كما أعلن البنتاغون أنه يدرس إمكانية وجود تهديد أمني على خلفية ما يحدث لوسائل التواصل الاجتماعي.

لذا، حالياً، لا يمكن استبعاد نظرية الهجوم السيبراني كلياً عن الطاولة، حتى تقوم «فيسبوك» بنشر بيان رسمي يوضح حقيقة ما حصل.

التبعات

على إثر ذلك، بدأ مستخدمو «فيسبوك» و«إنستغرام»، و«واتساب»، و«مسنجر»، والذين يبلغ عددهم نحو 2.4 مليار مستخدم، بهجرة جماعية نحو أراضٍ رقمية جديدة، علّها تقدم لهم شيئاً يشبه «دوبامين» المنصة الزرقاء.

منصة «تويتر» كانت الرابح الأكبر من ذلك كله، وتطبيق «تلغرام» أيضاً، وكل تطبيق وموقع إلكتروني في هذا الفضاء الرقمي حصل على جزء من كعكة المستخدمين.

أسهم شركة «فيسبوك» انخفضت نحو 5.6 في المئة، لتعود وتتعافى قليلاً على انخفاض 4.94 في المئة. وبحسب شبكة «بلومبرغ»، تراجع تصنيف مارك زوكربرغ، مؤسس «فيسبوك»، إلى المرتبة الخامسة على لائحة أغنى الأشخاص حول العالم، بثروة 120.9 مليار دولار، خلف بيل غايتس مؤسس شركة «مايكروسوفت». الرجل خسر نحو 6 مليارات دولار.

على المقلب الآخر، ورغم زهوها بهجرة شعب الإنترنت إليها، «ترنّحت» منصة «تويتر» وواجهت صعوبة في إظهار بعض المنشورات والتعليقات بسبب الضغط الذي حصل على خوادم الشركة.

أخيراً، موظفو «فيسبوك»، بحسب بيان الشركة، يحاولون حل هذه المشكلة بأسرع ما يمكن، من دون تحديد وقتٍ لذلك. ومن غير الواضح حتى الساعة إن كانت بيانات المستخدمين قد بقيت سليمة.

وبمعزل عن ذلك، الأكيد اليوم، أن إمبراطورية «فيسبوك» قد خسرت الكثير، وحتى لو عادت المنصة وتطبيقاتها إلى العمل غداً، إلا أن الثقة قد اهتزت بها، ويمكن القول أن البديل عن «فيسبوك» باتت ظروف ولادته ممكنة.