خلال السنوات الماضية غيرت التكنولوجيا العالم مجدداً. نماذج اقتصادية جديدة بدأت بالظهور، حياة الناس باتت شبه مؤتمتة بدءاً من أماكن عملهم وصولاً إلى منازلهم وسياراتهم. أحلام الخيال العلمي من سيارات ذاتية القيادة وسيارات طائرة أصبحت قاب قوسين من الواقع، أما الروبوتات فبدأت تدخل حياتنا اليومية ولو بشكل بطيء. التطور التكنولوجي السريع الحاصل يشي بتغييرات كبرى ستطال حياة الناس خلال السنوات القادمة... فما هي أبرز اتجاهات التكنولوجيا لعام ٢٠١٧؟ سؤال ناقشه كل من المستثمر علي بابوغلان، مؤسس Startupbootcamp IoT رافايل كروان والرئيسة التنفيذيّة في Humanise ميليسا راولي في الجلسة الأولى لمؤتمر عرب نت. عام ٢٠١٧ هو باختصار عام الذكاء الاصطناعي AI، انترنت الاشياءIoT، الواقع الافتراضي VR والواقع المعزز AR.مع بداية عام ٢٠١٦ شهد العالم اندفاعة قوية باتجاه تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز التي باتت بمتناول المستهلكين مع إعلان "سامسونغ" أن عدد مستخدمي جهاز gear VR وصل إلى مليون مستخدم شهرياً خلال ٦ أشهر من إطلاقه.

كذلك حققت لعبة "بوكيمون غو" التي تعتمد على الواقع المعزز نجاحاً باهراً عند إطلاقها وساعدت في إيصال فكرة الواقع المعزز للناس. يجمع المحاورون في الجلسة أن تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز ستغير حياتنا كلياً في المستقبل والأمر لا يقتصر فقط على الجانب الترفيهي. في الواقع ما رأيناه العام الفائت عن الواقع الافتراضي والمعزز ليس سوى راس جبل الجليد من الاستخدامات الهائلة لهذه التقنية.
فقد كشفت "سامسونغ" عن إحصاءات أجرتها شركة ألمانية تشير إلى أن الأساتذة يرغبون بإدخال الواقع الافتراضي إلى الصفوف بهدف تغيير أنظمة التعليم من التلقين إلى التجربة، إذ سيتاح للتلامذة رؤية أماكن لم يتمكنوا من الذهاب إليها ورؤية تجارب علمية عن قرب، مرجحةً إدخالها النظام التعليمي خلال السنوات الخمس المقبلة. ويشير الإحصاء إلى أن المواد التي ستستفيد بشكل كبير من إدخال تقنيات الواقع الافتراضي إلى التعليم هي الجغرافيا، التاريخ والعلوم.
الاتجاه الثاني الذي سيسيطر على المستقبل هو الذكاء الاصطناعي، وتحديداً استخدام الذكاء الاصطناعي لتلبية حاجات المستهلكين وتحسين مستوى الرضى لديهم. ففي الأعوام المقبلة سيتم إدخال الذكاء الاصطناعي في عدد هائل من البرامج بهدف تحديد توجهات الناس، وعلى سبيل المثال يستخدم موقع "نيتفلكس" للأفلام "الغوريثم" لتحديد ذوق المستخدم في الأفلام من خلال متابعة تصفحه للموقع والأمور التي تثير اهتمامه.
سيمكن كم البيانات الضخم الشركات من "تحقيق فهم أفضل لسلوك العملاء، وما يحتاجون إليه، وما يمكنها أن تقدم لهم، والتعرف إلى مجالات الأعمال التي يمكن الاستثمار فيها".
إلا أن مسألة الذكاء الاصطناعي تطرح إشكاليات أخلاقية عالمية تتعلق بتهديد الخصوصية، تعزيز تركز الثروات، تهديد الوظائف… يقول رافايل كروان أن "مما لا شك فيه أن التكنولوجيا تقدم حلول لمشاكل يومية لكنها في الوقت نفسه تخلق مشاكل أخرى لم نكن نواجهها قبل"، إلا أن أي تكنولوجيا لديها تأثير قوي على حياة الناس سيُطرح حولها إشكاليات أخلاقية تتعلق بالخصوصية. برأي كروان "تحتاج المسالة فقط إلى الوقت ليعتادها الناس، تماماً مثلما حصل مع الهواتف الذكية حين ظن الناس أنهم سيصبحون مراقبون ٢٤ ساعة باليوم، لكنهم اليوم لا يستطيعون العيش من دونها!". إلا أن مسالة الاعتياد من خلال التعويل على الوقت لا تلغي التهديد الجدي لخصوصية الأفراد، فبرغم اعتياد الناس اليوم الهواتف الذكية وترسيخها كحاجة أساسية في المجتمع إلا أنها لا تزال تشكل تهديداً للخصوصية. عليه يتضح أن أرباب التكنولوجيا يعولون في الواقع على رفع مستوى حاجة الناس إلى الذكاء الاصطناعي بشكل يجعلهم يغضون النظر عن اختراق خصوصيتهم. كذلك يعتبر هؤلاء أن جيل الألفية سيتقبل بسهولة هذه التقنيات لأنه "يهتم بالتأثير الذي تحدثه التكنولوجيا في حياته"، وفق المحاورين.
أما الاتجاه الأخير الذي سيتم تعزيزه هذا العام هو انترنت الأشياء، حيث تشير مؤسسة "غارتنر" إلى أنه خلال العام الحالي سيصل عدد "الأشياء" المتصلة بالإنترنت في العالم إلى 8.4 مليار جهاز، أي بزيادة 31% عن العام الماضي، على أن يصل إلى 20.4 مليار جهاز بحلول عام 2020.