ما إن بدأ اقتراح تسليم سوريا أسلحتها الكيميائية وتدميرها تحت إشراف لجنة أممية يأخذ منحى جدّياً حتى بدأ الحديث عن صعوبة تنفيذ ذلك الاقتراح عملياً وعن التعقيدات التي ستحول دون إتمامه في المدى المنظور. بعض الخبراء في التفتيش عن الأسلحة وفي عمل بعثات الأمم المتحدة عرضوا للمشاكل اللوجستية التي ستواجه المفتشين في مهمتهم والتي ستؤدي الى تأخير انتهائها لسنوات. ولعلّ أبرز تلك العوائق: الحرب الدائرة في سوريا. إذ أخذت الأسئلة تتالى حول كيفية تأمين سلامة المفتّشين وحماية الأماكن التي سيزورونها في ظلّ معارك دائرة في مختلف أنحاء البلد وضمان عدم تهريب الأسلحة والمواد الكيميائية الى جهة اخرى إن حليفة للنظام أو تابعة للمقاتلين المعارضين. بعض الخبراء أبدوا خشيتهم من «تعرّض المفتشين لاعتداء من قبل المجموعات المتطرفة او مقاتلين آخرين والاستيلاء على الأسلحة واستخدامها».
والسؤال الأساسي الذي يطرح هو هل سيُطلع النظام السوري بعثة المفتشين على كافة تفاصيل نظامه الكيميائي السري؟ هل سيدلّهم على أماكن تصنيع تلك الأسلحة ومخازنها؟ «سيكون على السوريين إخبارنا بكل شيء عملياً. وقد يكون عليهم الاعتراف أيضاً باستخدام السلاح الكيميائي، وهذا ما قد يرفضون فعله خشية من إمكانية محاكمة بعض القيادات بارتكاب جرائم حرب»، يشرح ماركوس بايندر المتخصص في الأسلحة الكيميائية لصحيفة «لوس أنجلس تايمز» الأميركية.
بعض المتخصصين لفتوا أيضاً الى الصعوبة اللوجستية التي ستكمن في نقل الأسلحة الكيميائية والمواد المستخدمة في صناعتها «من حوالي 40 موقعاً غير معروف الى أماكن آمنة بغية تدميرها داخل الأراضي السورية أو في بلد مجاور» كما ذكرت رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ دايان فينشتين.
«في سوريا هناك مقاتلون قد يريدون تخريب المسألة برمّتها» يقول ريمون زيلينسكاس متخصص بشؤون الحدّ من انتشار السلاح، ويضيف «سيحتاج الأمر الى حماية أمنية مشددة، فهل سيُعتمد على الجيش السوري في ذلك أو ستشكّل قوات دولية خاصة بالحماية؟».
إضافة الى كل المخاوف الأمنية المطروحة، ذكّر آخرون بصعوبة التخلّص من الأسلحة الكيميائية والمواد السامّة والبالغة الخطورة التي تحتويها. وقال هؤلاء إن بعض تلك المواد «يجب أن تنقل الى خارج سوريا وشرحوا أنه يجب تدميرها في أماكن معزولة تماماً ودفنها في ملاجئ خاصة أو حرقها على درجة حرارة معينة مع ضمان عدم حصول تسرّب أو تلوّث ما»، وتلك مهمة «دقيقة جداً وصعبة»، يصفها الخبراء.
(الأخبار)