لم تبدأ الحكاية بجملة مصطفى كمال أتاتورك الشهيرة «هنيئاً لمن يقول أنا تركي» «مكافأة» للكرد الذين حاربوا إلى جانبه لاسقاط اتفاقية «سيفر». ولن تحلّ المسألة الكردية على طريقة رجب طيب أردوغان ومبادرته (الانفتاح الكردي). اليوم في قصر شنقايا من يبحث عن مجد سلطان عثماني.
بالأمس، أجاز البرلمان التركي التدخّل العسكري ضد «داعش» في العراق وسوريا. واليوم الأكراد «تفصيل» أمام مجابهة كبرى أقطابها دول كروسيا والولايات المتحدة وإيران والسعودية وتركيا. أنقرة تريد «اللعب مع الكبار»، وتريد أيضاً أن تبادر وتفرض خيارات. يتلو رئيسها «فرمان» رؤية بلاده بوضوح وشفافية: إسقاط النظام السوري أولوية.
في آذار الماضي كُشف «سيناريو» تدخّل عسكري في بلاد الشام بعد تسريب صوتي لمسؤولين أتراك يقول خلاله رئيس جهاز الاستخبارات، حقان فيدان: «إننا لسنا في حاجة لأي حجج أو مبرّرات للتدخل العسكري في سوريا... (نرسل) أربعة أشخاص يطلقون ثمانية صواريخ نحو الأراضي التركية، أو عناصر من الاستخبارات للقيام بعمل استفزازي ضد ضريح سليمان شاه (...)، ثم نقول إنّ «داعش» هي التي قامت بذلك، وبعدها يتدخل الجيش التركي».
اليوم لدى الأتراك «سيناريو» جاهز لا يحتاج لجلسة سرّية وذرائع خبيثة.
«داعش» على الحدود وعشرات الاف الأكراد السوريين لاجئون في تركيا. طائرات واشنطن في الأجواء وأردوغان يردّد صلاته اليومية على مسامع باراك أوباما: أنا الورقة الرابحة الأخيرة ضدّ بشار الأسد.
في هذه المعمعة تقف اليوم عين العرب تنتظر تقديمها قرباناً لآلهة خلف الحدود.
في اليومين الماضيين، ودّع أهالي عين العرب منان سمير، ولو كارو سيني، وهيلين باكوك، وجانسو يلدز والعشرات غيرهم. هؤلاء حملوا السلاح في صفوف «وحدات حماية الشعب» دفاعاً عن أرضهم وكرامتهم. عين العرب اليوم لا تبحث عن «إدارة ذاتية». 20 ألف مواطن يحمل المئات منهم السلاح دفاعاً عن النفس، يقاومون على جبهات أربع. قد لا تصلهم أخبار التظاهرات المتضامنة معهم، وقد لا يجدي «النفير العام» الذي أعلنه حزب العمال الكردستاني دعماً للمدينة المحاصرة.
غيّرت الحكومات التركية منذ عام 1940 حتى عام 2000 أسماء ما يزيد على 12 ألف قرية كردية إلى التركية. وعام 1965 أقرّت الحكومة السورية مشروع «الحزام العربي» الذي فرّغ منطقة الجزيرة من السكان الأكراد و«زُرعت قرى عربية» بين الكردية.
اليوم، عام 2014، يقف المغول على أبواب «عين الاسلام» حسب تسميتهم، وفي أنقرة من ينتظر انتصار الوحش ليشهر سيفه معلناً أنه مبارزه الأوحد.
في بحر الدم الكردي الذي سال وسيسيل، وانتصاراً لأبرياء يُستخدمون لطموح غازٍ جديد... عين العرب اليوم اسمها يشبه أسماء شهدائها... هي اليوم «كوباني».