حلب | «أصبحنا نخاف البقاء والنوم في البيت... بمجرّد حصول أيّ هزّة، نشعر بالهلع ونركض بلا وعي إلى الشارع»؛ تقول لـ«الأخبار» السيّدة الثلاثينية نور أحمد مطلق، التي كانت أسعفتْ والدتها السبعينية إلى المشفى بعد تعرّضها لكسر في حوضها جرّاء سقوطها على الأرض، حينما خرجت مذعورة من بيتها في منطقة المارتيني، إثر الزلزال الجديد الذي ضرب مدينة حلب مساء أمس، ولم يقلّ قدرة على إثارة الرعب عن سابقِيه، وإنْ جاءت مدّته أقصر. تضيف مطلق: «حينما حصل الزلزال الأوّل، كنتُ أقيم في بيتي في منطقة صلاح الدين المخالِفة، وبسبب تصدُّع البيت والخوف من تساقُط جدرانه في أيّ لحظة، أتيتُ للسكن مع والدتي في حيّ المارتيني، كوْن أبنيته حديثة ومشيّدة بشكل صحيح، لكن رغم ذلك حينما وقع الزلزال الثاني عشتُ الرعب ذاته، ولا أعرف كيف خرجتُ إلى الشارع من أجل إنقاذ أطفالي، الذين باتوا يعانون صدمات نفسية بسبب هذه الهزّات». حال نور يكاد ينسحب على جميع أهالي حلب، الذين خرجوا إلى الشوارع مذعورين في حالات يُرثى لها؛ فبعضهم هرب حافي القدمين، وآخرون هرولوا بثياب النوم وسط بكاء الأطفال وصراخ النساء خوفاً من تساقُط حجارة الأبنية، والتي لم يسلم العديد من الناس المذعورين منها. إذ يفيد الشابّ العشريني، محمد ملميس، بتعرّضه لكسر في كتفه وأصابعه بعد سقوط حجارة عليه من بعض المباني، حينما ركض خائفاً مع صديقه الذي كان يزوره في منطقة السكري، مشيراً إلى أن الهزّة جاءت شديدة جدّاً، إلى درجة كاد معها البيت ينهار، وخاصة أنه تصدّع قليلاً في الزلزال الأوّل.
الذعر الذي أصاب سكّان مدينة حلب تسبّب في عدّة وفيّات وإصابات

من جهتها، تؤكّد السيّدة الأربعينية عهد، التي التقتْها «الأخبار» في مشفى الرازي، «(أنّنا) لم نَعُد نشعر بالأمان في أيّ مكان، فاليوم أصبحنا بلا مأوى بعد انهيار بيتنا في منطقة الشعار»، مضيفةً أنه «حينما حصل الزلزال الأخير، كنتُ مع أبي المشلول في بيت أقربائنا في المنطقة ذاتها، حيث حمله أخي بسرعة، لكن جلطة قلبية أصابتْه بسبب الرعب من الزلزال، الذي تسبّب أيضاً في سقوطه على الأرض جرّاء التدافع، ما أدّى إلى تعرّضه لكسور في رجله». وتتابع: «يَصعب علينا تَركه وحده اليوم، حالته صعبة جدّاً، والوضع عموماً لم يَعُد يطاق بعد خسارة كلّ شيء»، مطالِبةً بدعم من الجهات الرسمية والخيرية من أجل تأمين مسكن بديل، الذي يُعدّ أهمّ من أيّ أمر آخر على رغم حاجتها إلى الدعم الإغاثي. وتسبّب الزلزال الأحدث بوفيّات وإصابات في مدينة حلب، وفق ما يفيد به «الأخبار»، هاشم شلاش، رئيس الطبابة الشرعية في مدينة حلب، موضحاً أنه تمّ تسجيل 4 وفيات جرّاء حالات الهلع، و50 إصابة بأعراض نفسية وعصبية وكسور. إلّا أنه بحسب مصادر في محافظة حلب، فإنه لم تكن هناك إصابات أو وفيات من جرّاء انهيار مبانٍ، على رغم تسجيل سقوط بعض المساكن الخالية في المناطق العشوائية، والتي كانت تصدّعت جرّاء الزلزال الأول.