استقبل زعيم إقليم كردستان، مسعود برزاني، قبل أيام، وفداً يمثّل «المجلس الوطني الكردي» المشكَّل من مجموعة أحزاب تعارض «قسد»، ليدور الحديث بين الطرفَين حول مستقبل المجلس، وإمكانية إشراكه في الحياة السياسية السورية في ظل تَعثُّر الحوار الكردي - الكردي الذي دفعت به واشنطن أكثر من مرّة من دون جدوى. وبحسب مصدر في المجلس تحدّث إلى «الأخبار»، فإن بارزاني نَصح أعضاء الوفد بتحريك مياه الحوار مع «قسد»، أملاً في اصطياد تنازلات منها، في ظلّ التهديدات التي تُواجهها من الحكومة التركية، التي تُعدّ الداعم الأساسي لـ«الوطني» بوصفه جزءاً من «الائتلاف السوري» المعارض. ويشير المصدر إلى أن العلاقة بين القوى الكردية لم تشهد أيّ تقدُّم خلافاً للنوايا المعلَنة؛ إذ «تَنظر قسد إلى المجلس الوطني على أنه مجموعة من الخونة للقضية الكردية، نتيجة لتطبيعهم مع النظام التركي»، وهي تعتقد بالتالي أن «إشراكهم في قيادة المنطقة وفقاً لاتفاقية دهوك، وما طرأ عليها من تعديلات خلال جلسات الحوار الكردي - الكردي السابقة، تندرج ضمن خانة التنازلات التي لن تفضي إلّا إلى اختراق الشمال». ويضيف المصدر أن «قادة قسد يَعتبرون الحوار مع المجلس الوطني، مضيعة للوقت، ستعطي للأخير الفرصة لهدم ما بنته الإدارة الذاتية خلال سنوات خلت».وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن الهدف من زيارة وفد «المجلس الوطني» إلى أربيل، إطلاق عملية تنسيق لعقد «مؤتمر قومي للكرد»، يَجمع كامل القوى السياسية الكردية السورية، بهدف إيجاد نوع من التفاهمات الملزِمة لـ«قسد»، وذلك من بوّابة «إنهاء التهديدات الأمنية التي تحيط بكرد سوريا». لكن الغاية الأساسية من هذا المؤتمر، على ما يبدو، محاولة «ترويض قسد، وعزل حزب العمال الكردستاني بوضعه في خانة المتسبّب بتهديد سلامة الكرد، عبر صراعاته المستمرّة مع تركيا عسكرياً، ومع كردستان سياسياً»، وفق المصادر نفسها. ومن خلال استقباله وفد «المجلس الوطني» في «مصيف صلاح الدين» الذي يقيم فيه منذ أن تنحّى عن كرسيّ رئاسة كردستان لصالح ابنه نيجرفان، يحاول مسعود برزاني العودة إلى لعب دور رئيس ومقرِّر في الشمال السوري، بالاستفادة من احتياج «قسد» إلى أراضي الإقليم لتأمين سوق لتهريب القمح والنفط السوريَين. والظاهر أن هذه المحاولات ليست معزولة عن إدارة الحكومة التركية، التي تريد جعل «المجلس الوطني» شريكاً في أيّ قرار، حتى تضْمن تعطيل ما لا يُرضيها.
والجدير ذكره، هنا، أن «اتفاقية دهوك» التي وُقّعت في عام 2014 في كردستان، أفضت إلى توافق القوى الكردية على تشكيل مرجعية سياسية موحّدة، تُوزَّع مقاعدها بنسبة 40% لكلّ من التيار السياسي الذي تمثّله «قسد»، وذلك الذي يعبّر عنه «المجلس الوطني»، على أن تبقى نسبة 20% للقوى غير الموالية للطرفَين. لكن سلسلة جلسات الحوار التي دفعت بها واشنطن خلال العام الماضي، أفضت إلى الاتفاق على شطر نسبة الـ20% مناصفة بين القوى السياسية التابعة لـ«قسد»، من دون أن تنخرط في كيانها، وتلك المحسوبة على «المجلس الوطني» من دون أن تكون جزءاً منه أيضاً.