الحسكة | بدأت ملامح سياسة الإدارة الأميركية الجديدة في سوريا بالاتضاح أكثر فأكثر، في ظلّ تحرُّكات عسكرية على الأرض، تُظهِر سعي واشنطن إلى تعزيز حضورها في محافظتَي الحسكة ودير الزور. وتمثّلت تلك التحرُّكات في استقدام «التحالف الدولي»، بقيادة الولايات المتحدة، أكثر من 12 رتلاً عسكرياً منذ مطلع العام الجاري، تحوي معدّات عسكرية ولوجستية لدعم الوجود الأميركي في المناطق الخاضعة لسيطرة «قسد». وعلمت «الأخبار»، من مصادر مطلعة، أن «التحالف الدولي يستمرّ في أعمال بناء قاعدة جديدة في منطقة عين ديوار في ريف المالكية، على مثلّث الحدود السورية ــــ التركية ــــ العراقية». وأوضحت المصادر أن «واشنطن تريد إنشاء القاعدة في منطقة استراتيجية مهمّة، بشكلٍ يمنع روسيا من التمدُّد إليها، بعد عدّة محاولات روسية لاستحداث قاعدة في المنطقة ذاتها». كما كشفت عن «بدء التحالف توسيع قاعدة عسكرية داخل حقل العمر النفطي، في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، مع نقل معدّات عسكرية إليه»، لافتةً أيضاً إلى «قيام التحالف بنصب بطّاريات صواريخ دفاع جوّي متطوّرة، لضمان حماية القواعد الأميركية في المنطقة من أيّ هجمات محتملة». في سياق متّصل، شهدت سجون معتقلي تنظيم «داعش» في الحسكة والشدادي، على مدار الشهر الماضي، زيارات عديدة لوفود عسكرية بريطانية، تخلّلتها لقاءات مع قيادات «قسد» التي تدير تلك السجون، وذلك برفقة وفود من «منظّمات دولية». وتزامنت هذه الزيارات مع إعلان «التحالف الدولي» نيّته «توسيع سجن الثانوية الصناعية في حي غويران، عند مدخل مدينة الحسكة الجنوبي، لتعزيز حماية السجون التي تحوي معتقلي داعش لدى قسد». وقال نائب قائد «التحالف»، الجنرال كيفن كابسي، في تصريحات إعلامية، إن «التوسُّع سيضاعف مساحة سجن الحسكة، وهو سلسلة من ثلاثة مبانٍ تمّ تحويلها إلى سجن يضمّ نحو خمسة آلاف من معتقلي داعش». وأشار كيفن إلى أن «المملكة المتحدة البريطانية تموّل جهود التوسيع»، مضيفاً إنه «بمجرّد اكتمال توسيع المنشآت المزدحمة والمتداعية، سنلبّي معايير اللجنة الدولية للصليب الأحمر».
أرسلت موسكو تعزيزات عسكرية إضافية إلى قواعدها في مطار القامشلي ومدينة عامودا


كلّ تلك المعطيات تنبئ برغبة الولايات المتحدة في تحجيم النفوذ الروسي في مناطق انتشار النفط والغاز، وتثبيت وجود القوات الأميركية في سوريا بحجّة مواجهة خطر خلايا «داعش» على أمن المنطقة. وهو ما جاهر به «التحالف الدولي»، علناً، بتأكيده «التزامه بالعمل مع شركائنا في قسد، من أجل ضمان سلامة وأمن المنطقة، وتحقيق الاستقرار الإقليمي». إزاء ذلك، تسعى موسكو إلى مواجهة محاولات واشنطن تعزيز حضورها العسكري في منطقة عين ديوار، من خلال العمل على تكثيف الدوريات الروسية في هذه المنطقة، لمراقبة التحرُّكات الأميركية المستجدّة هناك. وعليه، سيّرت روسيا، خلال الأسبوع الفائت، ثلاث دوريات في الريفَين الشمالي الغربي والجنوبي الغربي لمدينة المالكية لعدّة ساعات، لتأكيد حقّها في تسيير الدوريات في منطقة حدودية مع تركيا، وفق «اتفاق سوتشي». كما أرسلت تعزيزات عسكرية إضافية إلى قواعدها في مطار القامشلي ومدينة عامودا، بهدف تقوية وجودها في محافظة الحسكة، وإيصال رسائل طمأنة إلى القوى الكردية باستمرار الجهود الروسية لمنع أيّ هجمات تركية على المنطقة.
على خطّ موازٍ، أبدى القائد العام لـ»قسد»، مظلوم عبدي، في تصريحات إلى إذاعة «صوت أميركا»، رغبته في زيارة واشنطن، ولقاء ممثّلي الإدارة الأميركية الجديدة. وقال عبدي: «دُعيت لزيارة أميركا، لكننا كنّا في حالة حرب، ونمرّ بمصاعب كثيرة، لذلك لم نستطع الذهاب إلى واشنطن... لكن عندما نستطيع أن نوصل قضيّتنا بشكل أفضل للأميركيين، عندها من الممكن أن نلبّي الدعوة». وأكد عبدي أن «قسد منخرطة في محادثات مع الإدارة الأميركية الجديدة... وآمل أن تكون لدينا علاقات أقوى خلال الفترة المقبلة، ويمكننا بدء المحادثات على مستوى أعلى». كما طالب «الإدارة الجديدة بدعم كيان سياسيّ لقسد في سوريا، لحماية المناطق التي تمّ تحريرها مع التحالف الدولي من داعش»، مشدّداً على «أن يكون هناك اعتراف بحقوق الأكراد، والمكوّنات الأخرى الموجودة في مناطقنا، وأن تكون مصانة في الدستور، وعلى هذا الأساس نريد حلّ المسألة السورية». ولفتت ممثّلة «مجلس سوريا الديموقراطية» في واشنطن، سينم أحمد، بدورها، في تصريحات إعلامية، إلى «استمرار العلاقة بين المجلس والإدارة الأميركية»، مُعرِبةً عن أملها بأن «تُسهم الإدارة الجديدة في حلّ الأزمة السورية، وتقديم الدعم للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا». وأشارت أحمد إلى «استمرار ممثّلية مسد في واشنطن في التواصل مع أعضاء الكونغرس من الحزبين الديموقراطي والجمهوري»، مؤكدةً «دعم أعضاء الحزبين لقسد ومسد».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا