لا تتوقّف التهديدات التركية باجتياح منطقة شرقي الفرات، وإحراز مزيد من التقدّم فيها، وضرب القوات الكردية المتحالفة مع الأميركيين هناك. الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أعاد، قبل يومين، تصويب سهامه ضدّ المجموعات الكردية التي تسيطر على منطقة شرقي الفرات، مهدّداً الأطراف الدوليين، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، في حال "لم يوفوا بوعودهم لتركيا"، بأن الأخيرة ستقوم بتحقيق أهدافها بنفسها. وقال إردوغان إن تركيا ستعمل على "تطهير أوكار الإرهاب في سوريا بنفسها إن لم يتمّ الوفاء بالوعود المُقدَّمة إليها"، في إشارة إلى وعود أميركية وروسية أعقبت عملية "نبع السلام" التي شنّتها أنقرة ضدّ القوات الكردية، بإخراج الأخيرة من المناطق الحدودية مع تركيا. وأضاف الرئيس التركي أن "الأطراف التي تلتزم الصمت إزاء التنظيمات الإرهابية والدول الداعمة لها تضع جميع المبادئ الأخلاقية والقانونية والحقوقية جانباً عندما يتعلّق الأمر بتركيا". وتابع أن "العمليات العسكرية كدرع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام، التي ننفّذها في سوريا خلال الأعوام الأربعة الأخيرة، هي واجب على عاتقنا تجاه إخوتنا في هطاي (الولاية التركية الحدودية مع سوريا)". وأشار إلى "(أننا) قضَينا على الممرّ الإرهابي المراد إقامته على طول حدودنا، وأثبتنا أن أشقاءنا السوريين ليسوا وحدهم"، مؤكداً أن "وجودنا الفاعل سيتواصل ميدانياً حتى يتحقّق الاستقرار على حدودنا الجنوبية مع سوريا". ولفت إلى أن هدف حكومته "إيصال تركيا إلى مستوى أقوى الدول في العالم". ولا يخفي الرئيس التركي سعيه إلى إحياء "الأمجاد العثمانية"، كما اعتبار نفسه "سلطاناً" من سلسلة السلاطين العثمانيين، إذ قال: "أقول كوريث لأجدادنا الذين ناضلوا لألف عام كتفاً إلى كتف من أجل جعل هذه الأرض وطناً؛ سنحقّق إنجازات كثيرة إن شاء الله". وزاد أن بلاده "ستواصل إزعاج جميع الأطراف (لم يسمّهم) الذين يكنّون العداء لتركيا ولشعبها".
قالن: لا وجود لأيّ ضمانات أميركية للأكراد في سوريا


بدوره، أعلن المتحدّث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أمس، أن أنقرة يمكن أن توسّع عملياتها العسكرية في سوريا "في أيّ لحظة". جاء ذلك في تصريحات إلى "قناة 7" التركية المحلية، تعليقاً على تصريحات إردوغان السابقة. وقال قالن إن الاتفاقيتَين اللتين أبرمتهما تركيا مع روسيا والولايات المتحدة تتضمّنان عبارة: "تركيا تحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس والتدخل ضدّ أيّ كيان إرهابي". وأشار إلى أن هذا البند يمنح تركيا "حق الدفاع عن نفسها والتدخل في المنطقة إذا تَعرّضت أراضيها أو وجودها في ذلك البلد، سواء من حيث الجنود أم الموظفون المدنيون أم عمّال الإغاثة أو غيرهم، لهجوم من قِبَل المنظمات الإرهابية كداعش والقوات الكردية". وأعاد قالن التأكيد أن "تركيا ستتدخل عندما يكون هناك هجوم أو خطر ضدّ مصالحها في المنطقة (...) وقد يتوسّع نطاق العمليات في أيّ لحظة". وشدد على أن "هذا تحذير لتلك المنظّمات وتحذير للدول التي تدعمها أيضاً". ولفت إلى أن تركيا تبلغ روسيا والولايات المتحدة وإيران، بشكل متكرّر، أن التحرّكات والهجمات التي تقوم بها القوات الكردية في المناطق الحدودية "لن تبقى من دون ردّ". وتطرّق قالن إلى ما وصفه بـ"الادّعاءات الكردية بإعطاء المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، ضمانات لهم بأن تركيا لن تطلق عمليات في المنطقة بعد الآن"، جازماً، في هذا الصدد، بأنه "لا يوجد شيء من هذا القبيل على الإطلاق، وهذه دعاية أطلقتها القوات الكردية، ولم أسمع مثل هذا الشيء من جيمس جيفري".
في المقابل، ردّ المسؤول العام لـ"قسد"، مظلوم عبدي، على تهديدات الرئيس التركي، بقوله في مقابلة مع وسائل إعلام كردية إنه في "حال رغبت تركيا في شنّ هجمات على مناطق شمال شرق سوريا، ستكون عواقبها وخيمة على كلّ القوى الموجودة في المنطقة". واعتبر عبدي أن "تركيا لا تستطيع أن تفعل ما تشاء في المنطقة، لأن الموازين لا تسمح بذلك من ناحية، كما أن استعداداتنا الدبلوماسية والعسكرية والسياسية لا تسمح لها بذلك". واستدرك بأن "تركيا ستحاول شنّ الهجمات إذا أتيحت لها الفرصة، لكن ليس بهذه السهولة". واتهم روسيا والولايات المتحدة، التي تعتبر الداعم الأبرز لـ"قسد" في المنطقة، بعدم الإيفاء بمسؤولياتهما في ما يتعلّق باتفاقيتَي "سوتشي" و"إسطنبول". وقال عبدي إن "الدولة التركية لا تنفذ دائماً وعودها وشروط الاتفاقيات، ومواقف البلدين تبقى فقط في نطاق المقترحات، لكن في الحقيقة على تلك الدول أن تُظهر مواقف قوية وجادّة".

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا