لا يكفي أهالي محافظة السويداء في جنوب سوريا انعكاسات عشر سنوات من الحرب، والحصار الذي يفرضه فيروس كورونا على العالم وعليهم، حتى يأتيهم خطر رجال العصابات وقطّاع الطرق. هذا الخطر، من الخارجين عن القانون وعصابات التشليح والسرقة والتشبيح، لم ينحصر هذه المرّة في خطف أو قتل أو سرقة أو تعدٍّ على مؤسسة حكومية أو جهة أمنية كما درجت العادة، بل تعدّاه إلى التسبب في مقتل عدد من أبناء المحافظة من جرّاء اشتباك مع مسلّحين من بلدة بصرى الشام التي تعاني بدورها من هيمنة عصابة المدعو أحمد العودة عليها. يوم الخميس الماضي، وفي ظلّ التزام شبه كامل من السكّان بحظر التجوّل الذي أعلنته الحكومة، قام المدعو ي. ن. يعاونه شخصان من بلدة القريّا، بخطف سائق سيارة شحن من بصرى الشام مع سيارته وحمولتها (بقرتين) وبرفقته شخص آخر من بلدة جمرين، والتوجّه بهما إلى القريّا. ووفق مصادر، حاول وجهاء من بصرى الشام التوسّط مع وجهاء القريّا لإطلاق الشخصين، من دون أن يتمكن وجهاء القريّا من إقناع الخاطفين. في اليوم التالي، أطلق مسلّحون من بصرى النار على سيّارة يستقلّها شخصان من السويداء، ما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر إصابة حرجة.تفاعل الحادث في القريّا، فقررت مجموعات من البلدة التوجه لاستعادة السيارة وإسعاف المصاب، ومجموعات أخرى إلى منزل الخاطف ي. ن. لتحرير المخطُوفَين ووقف النزاع. ولدى محاصرة المجموعات منزل الخاطف، خرج شاهراً قنبلتين يدويتين، ثمّ عمد بعدها إلى تفجيرهما بنفسه وبجيرانه الذين حاولوا ثنيه عن ذلك، ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة آخرين بجراح. في هذه الأثناء، تعرَّضت المجموعات الأخرى لكمين قرب بصرى من مسلّحين يتبعون للعودة، وهو أحد قادة الجماعات المسلّحة في ما كان يسمّى «الجبهة الجنوبية» في المعارضة السورية، وهو يتبع للفيلق الخامس الذي جرى تشكيله لاستيعاب بقايا المعارضة المسلّحة التي خضعت للتسوية مع الدولة. ولدى محاولات مجموعات ثانية من القريّا مساعدتهم، وقعت أيضاً في كمين غرب البلدة، واستهدفهم الكامنون، طبقاً لمصادر أمنية وشهود عيان، بالأسلحة المتوسطة ومدفع هاون، ما أدّى إلى مقتل 14 شخصاً من القريّا وأربعة جرحى بإصابات حرجة، ومقتل واحد من المهاجمين.
تتساهل المؤسسة الدينية في وضع حدّ للعصابات ومحاصرتها


يأتي حادث الجمعة بعد اعتداء آخر سجّل بداية الأسبوع على أحد حواجز الجيش السوري في «سدّ العِيْن»، بعد أن أطلقت مجموعة مسلّحة النار على عناصر الحاجز، ما أدى إلى قتل أحد العسكريين، فردّ الجيش على مصادر النيران وطارد الجناة متمكّناً من قتل أربعة منهم، سبق لهم أن قاموا بعمليات خطف وسرقة. كذلك اعتدى أمس مهرّبون على مقر فرع الأمن الجنائي بعد إغلاق الفرع مركز بيع للوقود المهرّب، فأصيب أحد العناصر من أبناء السويداء، وردّ العناصر بقتل أحد أفراد العصابة. وقع الحادث كان قاسياً على السويداء التي شيّعت الضحايا أمس وسط سخط كبير على العصابات التي باتت تمثّل خطراً كبيراً على الاستقرار، مع مطالبات الفئة الكبرى من الأهالي الدولة بالضرب بيد من حديد لقمع العصابات ومحاسبة الفارين من وجه العدالة.
وعلى ما تقول جهات أهليّة بارزة في السويداء، الوضع «لم يعد مقبولاً في المحافظة، والأهالي يعوّلون على الدولة والجهات الرسمية لفرض الأمن وإعادة الأمان الذي لطالما عرفته السويداء». وشرحت المصادر أن «عدد المطلوبين الخطيرين لا يتجاوز العشرات، وهم يسبّبون الأذية والفوضى في المحافظة ويقوّضون جهود الدولة لإعادة الاستقرار». وتابعت: «الإجراءات الأمنية المتدرّجة التي تتخذها الأجهزة الأمنية، خصوصاً في ظلّ تهديد كورونا، موضع ترحيب من الأهالي، وللأسف نجد تساهلاً من المؤسسة الدينية في وضع حدّ لتمادي العصابات... تجب المقاطعة الاجتماعية للمجرمين بالتوازي مع عزلهم أمنياً وقضائياً».