شنّ نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، هجوماً عنيفاً ضد «قوات سوريا الديموقراطية» التي تدعمها واشنطن، قائلاً إنها «خانت بلادها»، واتهمها بـ«تبني أجندة انفصالية منحت تركيا ذريعة لانتهاك سيادة البلاد». ورداً على سؤال عمّا إذا كانت دمشق ستستأنف الحوار مع القوات الكردية التي تواجه الهجوم التركي، أجاب المقداد بأن هذه «المجموعات المسلحة خانت بلادها وارتكبت جرائم ضدها». وأضاف في حديث أمس إلى مجموعة من الصحافيين في مكتبه في دمشق أن «بلاده لن تقبل أيّ حوار أو حديث معهم»، متابعاً أنه «لا يوجد موطئ قدم لعملاء واشنطن على الأرض السورية».في الاتجاه نفسه، حمّل مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، عقب جلسة مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي حول العملية التركية في سوريا، «قسد» وحلفاءها مسؤولية ما يجري. وقال نيبينزيا للصحافيين: «كنا ندعو الأكراد للمشاركة في حوار مباشر مع السلطات السورية، ولكنهم كما تعرفون اختاروا رعاة آخرين. وشدد نيبينزيا على أنه «أثناء هذه العملية يجب أن تبدي كل الأطراف أقصى حدّ من ضبط النفس»، معتبراً أحداث شرقي الفرات «نتيجة للهندسة الديموغرافية التي قام بها بعض الأعضاء في التحالف (الدولي) بشمال شرقي سوريا»، مضيفاً «أننا حذرناهم منذ فترة طويلة من عدم جواز إجراء تجارب في هذا المجال». في المقابل، وصف عضو الهيئة الرئاسية لـ«مجلس سوريا الديموقراطية»، حكمت حبيب، «دعوة روسيا للحوار بأنها تأتي في إطار مصلحة روسيا والنظام»، مؤكداً أنه «لا يوجد أي لقاء او حوار مع الحكومة السورية وروسيا». وأبدى حبيب «أسفه على الموقف الدولي الكلامي وغير المرهون بخطوات حقيقية»، وهو ما رأى أنه «سيفسح المجال لجيش الاحتلال التركي بارتكاب المزيد من المجازر لتحقيق مآربه». وأقرّ حبيب «بقوة الجيش التركي وامتلاكه ترسانة قتالية كبيرة»، معتبراً أنه «ليس لديهم خيار سوى المقاومة والدفاع عن مناطقهم التي تتعرض لهجوم واحتلال». ودعا الحكومة السورية «إلى تحمل مسؤولياتها، والحفاظ على الحدود والأراضي، بعيداً عن الخلافات السياسية»، متهماً إياها بأنها «لا تزال بعيدة عن القبول بأي حوار»، واصفاً خطابها تجاه قواتهم بـ«السلبي».
اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوسط بين أنقرة والقوى الكردية


كذلك، بدا لافتاً إعلان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس، أن بلاده ترغب في حصول محادثات بين تركيا والسلطات السورية. وقال لافروف في تصريحات على هامش زيارته إلى تركمانستان: «سندافع من الآن فصاعداً عن ضرورة إجراء حوار بين تركيا وسوريا». وكان قد تردّد منذ حوالي الشهر تقريباً، في أوساط سياسية ودبولوماسية، أن هناك سعياً إيرانياً وروسياً إلى فتح قناة للحوار بين أنقرة ودمشق. وتشير مصادر دبلوماسية روسية، في هذا الإطار، إلى أن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، «كان قد طرح قبل شهر ونصف شهر أن يتم عقد لقاء أمني بين البلدين يمهّد للقاء سياسي لاحقاً»، كاشفة أن «لقاء حصل بالفعل بين اللواء علي مملوك ومدير المخابرات التركية حاقان فيدان في موسكو قبل أكثر من شهر».
وبعد انتهاء جلسة مشاورات مجلس الأمن المغلقة، والتي لم يتوصل الأعضاء فيها إلى أيّ توافق، خرج الأوروبيون ليصفوا العدوان التركي بأنه «عملية عسكرية تركية أحادية الجانب»، فيما عدّته السفيرة الأميركية «توغلاً» من دون أن تبدي اعتراضاً واضحاً عليه. ويوضح مصدر دبلوماسي سوري رفيع في حديث إلى «الأخبار» أن «الضغط الأوروبي في مجلس الأمن لا يهدف في الواقع إلى وقف العملية العسكرية، إنما إلى تقويض مسار أستانا»، أما الموقف الروسي بعدم إدانة العملية التركية فهو «نابع من إرادة روسيا المحافظة على هذا المسار»، على حد تعبير المصدر، الذي يضيف أن «الأميركي يبحث عن الأرباح السريعة، وهو شريك بالأرباح السريعة التي تحتاج اليوم توافقاً مع الأتراك»، لذلك منح الفرصة لأنقرة لتنفيذ مخططها.
من جهته، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن العملية العسكرية التركية «لن تمتدّ لأكثر من 30 كلم داخل الأراضي السورية». وقال أوغلو في حديث إلى قناة «سي إن إن تورك» إن الخطر الذي تواجهه تركيا على الحدود «ستتم إزالته بعد إقامة المنطقة الآمنة». وأضاف: «عندما ندخل المنطقة الآمنة بعمق 30 كلم سيتم القضاء على الإرهاب». وفي وقت متأخر من مساء أمس، اقترح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التوسط بين أنقرة والقوى الكردية. وكتب على «تويتر»: «لدينا واحد من ثلاثة خيارات: إرسال الآلاف من القوات وتحقيق نصر عسكري، ضرب تركيا بشدة من الناحية المالية وعبر (فرض) عقوبات، أو التوسط في اتفاق بين تركيا والأكراد!».