تركز الحملة على اتهام الحكومة التركية وتحميلها مسؤولية ملف المختطفين
نفَس طويل يلزم الحملة التي أُطلقت أخيراً، إذ إن الحاجة ملحّة إلى تنظيم محامين مقيمين في أوروبا بين صفوفها، بهدف رفع دعوى قضائية على الحكومة التركية. وإن كانت السياسة تقتضي أن تقابل قضية المخطوفين ملف المعتقلين السياسيين لدى سجون السلطات السورية، فإن هذا ما قد يشوّش على الحملة الحالية لدى شريحة من السوريين، بما يفرض نصف تعاطف، ونصف عدالة، ونصف أمل. مكسيم منصور، أحد ناشطي الحملة ومؤسسيها، عرّف عنها بأنها «حركة مجتمع مدني» لا تشعّب اتهاماتها نحو حكومات وأنظمة، سوى النظام التركي. ويدلل منصور على تورط الطرف التركي في الملف الإنساني المطروح بإطلاق الأتراك سراح مخطوفين عديدين في مفاوضات مستمرة، عبر الحدود التركية. ويشير الشاب الذي خُطف شقيقه ليلة سقوط مسشفى الكندي في حلب، قبل 5 سنوات، إلى عدة فصائل من المسلحين المتورطين في عمليات الخطف ثبت تعاونها المباشر مع الطرف التركي، الذي يملك قوات ونقاط مراقبة في مناطق سيطرة هذه الفصائل. ويفصل منصور بين قضيتي المخطوفين والمعتقلين في سجون السلطات السورية، باعتبار الاعتقال السياسي يمكن إثارته في القضاء للمطالبة بمحاكمات عادلة وعلنية داخل مؤسسات دولة واحدة، أما المخطوفون فالإفراج الفوري عنهم هو المطلب الوحيد.
ومع إطلاق الحملة صرخة غنائية شعبية تمثّل استنجاد المخطوف السوري بأهله للمطالبة بالإفراج عنه، وذلك بصوت مغنين سوريين متعاطفين مع القضية، ظهر تباين جديد في المواقف؛ فنانون عديدون، أسوةً بالمواطنين العاديين، حاولوا التملص من المشاركة في الحملة، متذرعين بالابتعاد عن الاصطفاف السياسي الذي حفر شروخاً متواصلة على الصعيدين الاجتماعي والفني طيلة سنوات الحرب. وطرح التحزب السياسي الفج تساؤلات عن سر فقد إحساس المتألم بمتألمين مثله، جراء قضايا إنسانية مشابهة. الفجوة الإنسانية الحاصلة اقتضت تجاهل آلام الآخر إن لم يجمعنا معه الخندق ذاته. وفي يوم أراده جزء من الشعب للمخطوف السوري، لا يعتبر الوقوف بشجاعة للمطالبة أو الموافقة على فرض الإنسانية بنداً في أي مفاوضات مقبلة طعناً في الاصطفاف السياسي، ولا نكراناً لحق المعتقلين بمحاكمات عادلة. وهو ليس متعلقاً، بأيّ حال، بالوقوف في صف المعارضة أو الموالاة، بقدر ما هو نقطة بدء جديدة إنصافاً لإنسانية مشتركة جمعت رفاق مقاعد الدراسة يوماً، وإحقاقاً لمبادئ ضمير وذكريات وعِشرة لا تفهم لغتها الأنظمة والحكومات. لعلّها لغة الشعوب التي فرّقتها السياسة وجمعتها خسائر الحرب ونيران الفراق وصرخات الأمهات المتألمات.