وجّه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم أمس، دعوةً صريحة إلى الدول الأوروبية للمساهمة مالياً في إعادة إعمار سوريا، من أجل تمكين ملايين اللاجئين من العودة إلى بلدهم.وقبيل بدء القمة التي جمعته بالمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في قصر ميسبيرغ، واستمرّت ثلاث ساعات، قال بوتين: «نحن في حاجة إلى توسيع جهود (الإغاثة) الإنسانية في الصراع السوري. وأعني بذلك المساعدات الإنسانية بالدرجة الأولى للسوريين، وتوفير الدعم للمناطق ليتمكن اللاجئون المقيمون في الخارج من العودة إليها»، مذكّراً بأنّ هناك مليون لاجئ في الأردن وعدداً مماثلاً في لبنان وثلاثة ملايين في تركيا.
ونبّه الرئيس الروسي إلى أنّ أزمة اللاجئين «يمكن أن تشكّل عبئاً هائلاً على أوروبا»، مضيفاً «لهذا السبب ينبغي القيام بكل شيء ليعود هؤلاء الناس إلى ديارهم»، ما يعني عملياً إعادة تأمين الخدمات الأساسية مثل «شبكتَي المياه والكهرباء والبنى التحتية الطبية».
ومن دون أن تخوض في التفاصيل، اعتبرت ميركل أن الأولوية هي «تجنب كارثة إنسانية في إدلب وسوريا والمناطق المجاورة»، مضيفةً أنها كانت قد ناقشت مع بوتين قضية الإصلاحات الدستورية والانتخابات المحتملة عندما التقيا في أيار/ مايو الماضي، في منتجع سوتشي الروسي.

المساهمة الأوروبية ضرورية
في ختام مباحثات بوتين ــــــ ميركل، مساء أمس، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحافيين، إن الجانبين تحدّثا طويلاً، وبشكل مفصّل، عن الأوضاع في سوريا، مشيراً إلى أن الرئيس الروسي دعا العواصم الأوروبية للمساهمة في عودة اللاجئين إلى سوريا.
وبحسب بيسكوف، فإنّ بوتين أشار إلى أن «دينامية عملية عودة اللاجئين تتطوّر تدريجياً، ودعا العواصم الأوروبية إلى تقديم مساهماتها في جعل هذه العملية لا رجعة فيها».
كما تطرق الجانبان إلى «موضوع التسوية السياسية في سوريا، موضوع الصيغة الشاملة للتسوية السياسية، بمشاركة الجميع».
(أ ف ب )

«السيل الشمالي ــــــ 2»: مشروع مربح
قبيل بدء المباحثات، أكّد الرئيس الروسي أنّ خط أنابيب الغاز «السيل الشمالي ــــــ 2 » مشروع اقتصادي بحت لن يؤثّر على إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، لافتاً إلى أن روسيا تولي اهتماماً كبيراً بتطوير التعاون المتبادل المنفعة مع ألمانيا في المجالين السياسي والاقتصادي وغيرهما، خصوصاً في مجال الطاقة لاعتباره إحدى الأولويات.
وذكر بوتين بأنّ ألمانيا أحد أكبر مشتري موارد الطاقة الروسية، حيث يتزايد استهلاك الغاز الروسي باستمرار، مضيفاً أن روسيا «صدّرت في عام 2017 نحو 53 مليار متر مكعب من الغاز، وهو ما غطى أكثر من 30% من حاجة سوق الغاز الألمانية». وأشار إلى أن ألمانيا ليست سوقاً لواردات المحروقات الروسية فحسب، بل حلقة عبور مهمة في نقلها إلى الدول الأوروبية.
وشدد على أن روسيا، ومنذ بدء الاتحاد السوفياتي بإمداداته للغاز إلى غرب أوروبا، «كانت ولا تزال توفر الطاقة دون انقطاع وتقدم إسهاماً كبيراً في ضمان أمن القارة الأوروبية بأكملها في مجال الطاقة».
كما لفت إلى أن بناء خط أنابيب الغاز «السيل الشمالي ـــــ 2» في ألمانيا، سيتيح «تحسين نظام إمدادات الغاز الأوروبي وتنويع مسارات الإمدادات وتقليص مخاطر المرور العابر، فضلاً عن تلبية احتياجات الاقتصاد الأوروبي المتزايد في موارد الطاقة».
في هذا السياق، أعلن بيسكوف، أنّ بوتين وميركل، اتّفقا أثناء تطرقهما إلى احتمال فرض عقوبات تتعلّق بتنفيذ «السيل الشمالي ــــــ 2»، على أنه «مشروع مربح ومنافس وقابل للتطبيق ويجب حمايته من الهجمات»، مشيراً إلى أنّ الجانبين اتفقا كذلك على عدم تسييس المشروع خلال مناقشة عبور الغاز من خلال الأراضي الأوكرانية إلى أوروبا.
ويتضمن المشروع بناء خطّين لخطوط أنابيب الغاز بقدرة إجمالية تبلغ 55 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً من الساحل الروسي عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا. ومن المخطط بناء خط الأنابيب الجديد بجوار «السيل الشمالي»، وقد وافقت الحكومة السويدية في وقت سابق، على طلب شركة «نورد ستريم 2 إي جي» (تملكها غزبروم) بناء «السيل الشمالي ــــــ 2» في المنطقة الاقتصادية للبلاد في بحر البلطيق.
ومن المخطط بناء «السيل الشمالي ــــــ 2» عبر المناطق الاقتصادية الإقليمية و/ أو الاقتصادية الحصرية في العديد من البلدان على طول شواطئ بحر البلطيق، ومن بينها روسيا وفنلندا والسويد والدنمارك وألمانيا.

أوكرانيا
كذلك تطرّق الجانبان إلى الأزمة الأوكرانية، إذ أعرب بوتين عن أسفه بسبب تأزّم المفاوضات حول تسويتها، مؤكداً استعداد موسكو لمواصلة جهودها من أجل إيجاد حلول لها. وقال: «نود أن نشدد على أنه لا يوجد بديل من اتفاقات مينسك»، مؤكداً اهتمام روسيا بالعمل ضمن صيغة «رباعية النورماندي» ومجموعة الاتصال (الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية)، واستعدادها للتعاون مع بعثة المراقبة الأممية.
من جهتها، قالت ميركل إن بلادها وروسيا تواصلان جهودهما لإيجاد حل للأزمة الأوكرانية على أساس اتفاقات مينسك، معربة عن أملها في التوصل إلى المصالحة في منطقة النزاع في دونباس جنوب شرق أوكرانيا قبل بدء العام الدراسي الجديد.