حيفا | لم يكن اقتحام قوات الاحتلال الاسرائيلي أخيراً لمقر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم غريباً عن النهج الاحتلالي العنصري العام، والمُمارس ضد الشعب الفلسطيني في جميع اماكنه، وضد الرياضة الفلسطينية على وجه الخصوص. هذا الاعتداء على يد قوات الاحتلال، والمعبّر عن سياسة رسمية حيال الرياضة الفلسطينية، يترافق مع الاعتداءات العنصرية لمشجعي فريق «بيتار جيروساليم» على الفرق العربية ومشجعيها داخل «اراضي الـ 48».
هذه العنصرية وصلت الى ذروتها خلال المباراة التي جمعت أخيراً فريق اتحاد ابناء سخنين مع فريق بيتار الذي تتألف غالبية جماهيره من المتطرفين اليهود، وذلك ضمن مباريات دوري الدرجة الاولى في مدينة سخنين في الجليل. وهذه المباراة أجريت وسط اجراءات أمنية وشرطية مشددة، لكنها لم تمنع جماهير بيتار من مواصلة تحريضها الواضح وهتافاتها العنصرية ضد الفلسطينيين خصوصاً والعرب والمسلمين عموماً.
هكذا، وعقب المباراة التي انتصر فيها سخنين اعتدى المشجعون اليهود على مرافق استاد «الدوحة الرياضي» وحطّموا الحمامات وصنابير المياه والمغاسل وحتى الشبابيك، وحتى إن العديدين منهم دخل الى المدرجات وبحوزته ادوات حادة، فيما صادرت الشرطة العلم الفلسطيني من مشجعي الفريق السخنيني قبيل دخولهم الى المدرج، متذرعة بأن ذلك «منافٍ لترخيص المباراة».
هذا المشهد يتكرر في الدوري الاسرائيلي لكرة القدم الذي تلعب فيه عشرات الفرق العربية من «فلسطين 48»، وهي مسجلة فرقاً رسمية في ما يسمى «الاتحاد الاسرائيلي لكرة القدم»، الممول الرئيسي لها اضافة الى المجالس والبلديات، والفرق العربية موزّعة على كافة مستويات الدوري من الممتازة الى الدرجة الثالثة.
نال اللاعبون العرب في الفرق اليهودية نصيبهم من التحريض والاعتداءات

وفريق اتحاد ابناء سخنين، الذي تأسس مطلع التسعينيات، يُعد اول فريق عربي يصل الى هذه الدرجة، بل ونافس على الكأس وحصل عليها مرة واحدة عام 2004 . الفريق السخنيني يعتمد على لاعبين معظمهم من العرب، لدرجة ان البعض بات يحسبه فريقاً فلسطينياً بامتياز برغم لعبه في الدوري الاسرائيلي، وهذا ما جعله هدفاً للتحريض والاعتداء.

جانب سياسي آخر

الأعلام الفلسطينية التي تملأ مدرجات مشجعي أبناء سخنين في مبارياته المتعددة، جعلت لكل ركلة فوق الملعب معنى سياسياً، لكن السياسة التي زحفت الى ملاعب سخنين لم تكن محصورة فقط بالصراع العربي - الاسرائيلي، بل شملت ايضاً جانب الاستقطاب السياسي الداخلي للفلسطينيين في «اراضي الـ 48» ، فالفريق حصل منذ سنوات على الدعم المالي من قطر التي موّلت «استاد الدوحة» في المدينة، لكن تبدل المواقف والجبهات بعد «الربيع العربي» جعل مواقف الفريق وتوجهاته مادة للسجالات السياسية بين مؤيدي قطر وخصومها قبل فترة.
وكخطوة منها لتفادي التحريض، ارتأت ادارة الفريق ان تطلب من المشجعين فصل السياسة عن الرياضة، من خلال عدم رفع العلم الفلسطيني في المدرجات، الامر الذي قوبل بالرفض المطلق من قبل الجماهير.
الربط بين هذا القرار والدعم القطري، يوضح أن صورة «الفريق الوطني لفلسطينيي 48» بدأت تتهاوى.

عنصرية بحق اللاعبين العرب

الاعتداءات العنصرية على الرياضيين الفلسطينيين لا تنحصر فقط بجمهور بيتار او ضدّ لاعبي فريق سخنين وجمهوره، بل تشمل فرقاً عربية أخرى، لكن فريق سخنين هو من تلقى النصيب الأكبر منها. كما نال اللاعبون العرب في الفرق اليهودية نصيبهم من التحريض والاعتداءات الكلامية وحتى الجسدية، ولعل أبرزها ما حصل مع اللاعب بيرم كيال قبل سنوات، الذي كان يلعب مع فريق ماكابي حيفا، الذي هزم فريق بيتار، فما من كان من جماهير الأخير الا ان اعتدت على اللاعب بعد انتهاء المباراة.
ومن اللاعبين العرب الذين جرى الاعتداء عليهم العام الماضي كان اللاعب علي خطيب الذي هاجمه كل من مدرب حراس فريق بيتح تكفا وشخص آخر، حيث وجِّهت كلمات نابية اليه، وأصيب بجروح وكسور في الاسنان، ما ادى الى نقله الى المستشفى. كل هذه الاعتداءات تضاف الى قائمة ما انفكت تتسع خلال الاعوام الاخيرة.
واللافت ان الاعتداءات الجسدية على لاعبين عرب او على جماهير الفرق العربية لا تقتصر فقط على ساحات الملاعب، او على اللاعبين، بل قد تطاول مواطنين عاديين في اماكن عملهم على سبيل الانتقام لا اكثر.
ليس دقيقاً القول ان الاعتداءات العنصرية، كانت السبب الاساس وراء بروز ظاهرة نزوح لاعبين عرب من «الـ 48» الى الدوري الفلسطيني لكرة القدم، فالعنصرية لا تقتصر فقط على الجانب الرياضي، لكن لا شك ان وراء هذا «النزوح» دوافع متعددة منها، إضافة لهذه الاعتداءات، الشعور بالانتماء الذي يمثله اللعب في الدوري الفلسطيني.
عموماً، فإن ابواب اتحاد الكرة الفلسطيني كانت مفتوحة على مصراعيها امام انضمام لاعبين من «الـ 48»، حيث وصل عدد هؤلاء أخيراً الى العشرات، وبعضهم سجل نجاحات لافتة إن على مستوى الفرق الفلسطينية أو على مستوى مباريات المنتخب الفلسطيني خارج البلاد. من بين هؤلاء كان هلال موسى ابن قرية كفر مندا في الجليل، لاعب نادي شباب الخضر في بيت لحم، الذي شارك ضمن منتخب فلسطين في بطولة كأس التحدي الاسيوية، التي أحرز لقبها وتأهل بموجبها الى نهائيات كاس آسيا 2015.