بعد أسباب تقنية وأخرى ذات علاقة بالحصول على الحقوق، أصدر «نادي لكل الناس» المجموعة الثانية لأفلام مارون بغدادي (1950 – 1993) المحصورة بالأفلام الروائية بعد مجموعة الأفلام الوثائقية التي صدرت العام الماضي. المخرج الذي لا تريد الأقلام ولا الشاشات التخلي عن ذكراه، هو من أوائل الذين تركوا بصمة سينمائية تحوّلت الى ما يشبه انطلاقة سينما حقيقية واعدة في لبنان، لكنه ترك أيضاً غصّة بسبب رحيله السريع والمُفاجئ.
مع هذه المجموعة، صار ممكناً الاحتفاظ بأربعة من أعماله الروائية، بالإضافة الى مجموعة أفلام قصيرة تروي كواليس الأفلام التي تضمّها المجموعة ومشاهدتها من دون انتظار مهرجان أو تكريم. تحتوي المجموعة على شريط «بيروت يا بيروت» الذي اعتبره النقّاد جرس الإنذار الأول للحرب الأهلية التي اندلعت بعد العرض الأول واليتيم عام 1975. يؤدي بطولته جوزف بونصّار، وميراي معلوف، وأحمد الزين والممثّل المصري عزّت العلايلي. يمثّل هؤلاء الشبان الأربعة اتجاهات فكرية ومجتمعية مختلفة، ويرسمون معاً صورة المجتمع الآخذ في التفكّك. في «حروب صغيرة» (1981) الذي تؤدي بطولته ثرّيا خوري التي أصبحت زوجة بغدادي في ما بعد، وعصام الحاج علي، ونبيل اسماعيل، وروجيه حوّا، يدخل بغدادي إلى عالم الحرب الأهلية، إلى ناسها الذين أصبحوا جزءاً من الحرب وأصبحت منهم. شارك هذا العمل في «مهرجان كان» ومهرجانات عالمية أخرى، وشكل بطاقة سفر بغدادي الأولى إلى العالمية. وفي «لبنان بلد العسل والبخّور» (1988) وهو فيلم تلفزيوني طويل، بطولة ريشارد بورينجر وروبير رونو، ينقل مارون تجربة أطباء فرنسيين من «أطباء بلا حدود» خلال الحرب الأهلية في لبنان. الحرب حالت مجدداً دون التصوير في لبنان، فانتقل مارون مع فريق عمله وأنجز الفيلم في اليونان. نال العمل «جائزة الصليب الأحمر» في «مهرجان موناكو». في المجموعة أيضاً، آخر أعمال بغدادي «خارج الحياة» (1991). يحكي الشريط الذي يؤدي بطولته هيبوليت جيراردو، ورفيق علي أحمد، وحسن فرحات، وسامي حواط وحمزة نصرالله، ومجدي مشموشي قصّة اختطاف صحافي فرنسي في لبنان. وقد نال العمل «جائزة لجنة التحكيم» في «مهرجان كان». إلى جانب هذه الأفلام، تضمّ المجموعة شريطاً وثائقياً قصيراً يظهر كواليسها من خلال مقابلات مع المشاركين في هذه الأعمال، ويرتكز على مشاهد من الأرشيف، أخرجتها رنا المعلّم، ومروان خنيفر وفرح علامة. أما الإصدار الخامس في المجموعة فهو الـ Bonus، وهي 13 دقيقة تمّ إنقاذها من شريط «تسعون» الذي أنجزه بغدادي عن ميخائيل نعيمة في عيده التسعين عام 1978. ويضمّ أيضاً مقابلات لمارون بغدادي؛ منها آخر حديث له (3 د.) ومقابلة أخرى أجراها على قناة الـ tv5 عام 1991 (12 د.) وكلمة مارون بغدادي في «مهرجان كان»، بالإضافة إلى مقابلة مع ديدييه كوين، كاتب سيناريو «خارج الحياة» (12 د.). والأهمّ أيضاً أنه يضم وثائقياً عن حياة مارون بغدادي بعنوان «مخرج عند حدود الواقع» (17 د.) من إنتاج «نادي لكل الناس» وإخراج مروان خنيفر. هذه ليست أفلام بغدادي الروائية الوحيدة، فهو أخرج للسينما وللتلفزيون أعمالاً أخرى حين غادر لبنان الى فرنسا كـ«مارا»، و«بطيئاً بطيئاً مع الريح»، و«الرجل المحجّب» و«فتاة الهروب». لكن لم يتم حتى الآن الحصول على حقوق توزيع هذه الأفلام، وقد رحل مارون عام 1993 بعدما أنجز مع حسن داود كتابة سيناريو لفيلم جديد بعنوان «زوايا».