هو قائد من نوع آخر، ليس عسكرياً ولا رياضياً، لا يملك رتبة ولا يضع على زنده شارة، لكنه بكل بساطة قادر على إلهاب حماسة الآلاف. هو قائد الجمهور في الملاعب والمحرك الأول لعصب أية مباراة سواء كانت كرة قدم أو كرة سلة أو غيرها.تراه يقف وظهره للملعب مواجهاً الجمهور. في يده الميكروفون وسلاحه موهبته وشخصيته وصوته ومحبة الجمهور له، فهو يعرف عدد كبير منهم بالاسم.

أسماء كثيرة مرت على ملاعب لبنان سواء في كرة القدم أو غيرها لكن يبقى اسمان هما الأشهر في هذا المجال: عصام عياد وبشير هيكل (باشو). الأول يعتبر عميد قادة الجمهور في لبنان وتحديداً في كرة القدم، وبدأ مشواره مع نادي الأنصار قبل أكثر من أربعين سنة. أما الثاني فهو من صنّاع امجاد فريق الحكمة في كرة السلة.
عصام عياد يلخّص صفات قائد الجمهور بالموهبة والشخصية الاستثنائية ومحبة الجمهور له من خلال خفة دمه، اضافة الى عدم التعامل مع الجمهور «كعكسري أو بوليس وهذا تعلمته من الأمين العام السابق رهيف علامة (عياد سمّى أحد أولاده رهيف) حيث كان يقول لرئيس النادي سليم دياب ليس من مهمة قائد الجمهور ضبط المشجعين فهذه من مهمة الرابطة». عياد (البالغ من العمر 65 سنة) بدأ مشواره في قيادة جمهور الأنصار في السبعينيات حين كان جمهور الأخضر بالعشرات. حينها أتى «مايسترو» الأنصار من خلفية تمثيلية حيث شارك في عدد كبير من المسرحيات كممثل ولعب أدواراً مع أنطوان كرباج وغيره. في التسعينيات كان الصعود الصاروخي للأنصار ومعه برز نجم عياد الذي أصبح قائد الجمهور واشترى له رئيس النادي حينها سليم دياب ميكروفون بمبلغ 650 دولار مازال يستعمله حتى الآن.
لا شك في أن الأيام تغيّرت منذ الفترة الذهبية للأنصار حينها الى ايامنا هذه، لكن بالنسبة لعياد فهو يتوقف عند شخصين يشعر أنهما قادران على إعادة البريق الى الأنصار بشكل خاص وكرة القدم بشكل عام هما رئيس النادي نبيل بدر ورئيس الاتحاد هاشم حيدر. فعياد يعتبر أن بدر «نجح في اعادة الروح الى الأنصار في حين أن حيدر يقود اللعبة باقتدار لاعادتها الى امجادها، لكن ظروف البلد لا تساعد».
يبلغ البدل المادي مقابل قيادة الجمهور في أية مباراة 500 دولار


محطات ثابتة في ذاكرة عياد فحين تسأله عن المباراة التي لا ينساها أبداً وهي الأجمل له فيجيب «المباراة مع النجمة والتي فزنا بها 4 - 2 على ملعب بيروت البلدي. وكذلك أمام باس الإيراني». أما الأسوأ في ذاكرته فأيضاً أمام النجمة لكن حين خسر الأنصار 0 - 4 على ملعب المدينة الرياضية حيث خرج من الملعب باكياً.
واللافت ان قائد الجمهور لا يتابع المباريات كما كل الجماهير «فأنا أتابع 20% من المباراة، ووفق مجريات اللقاء أحدد ما هي الهتافات التي سنطلقها. ففي الربح تحضر أغنية زيّنوا الساحة مثلاً. وفي حال التعادل تحضر «إلعب يا أنصار» و»شدوا الهمة الهمة قوية». أما في حال الخسارة فيكون هتاف «مشان ألله أنصار يللا» الأبرز على المدرجات».
لن يورّث عياد موهبته ومهنته الى أولاده، فهو لديه عشرة أولاد لا تعنيهم كرة القدم سوى ابنه الأصغر سليم (أسماه على اسم رئيس الأنصار الأسبق) الذي يلعب في الأنصار وهو من اكتشافات المدرب غيثان صيلمي الذي يعتبر عياد أن فضله كبير على ابنه.
في كرة السلة هناك «قائد» استثنائي آخر هو «باشو» القائد الأشهر في لعبة كرة السلة بدأ مع فريق الحكمة قبل 20 عاماً. «أنا من عائلة فقيرة ولم يكن والدي قادراً على تسجيلي في مدرسة الحكمة، فقررت دخول هذا الصرح من مكان آخر فكان الجمهور» يقول باشو لـ«الأخبار». ويتفق باشو مع عياد من ناحية صفات قائد الجمهور فالشخصية القوية والموهبة هما الأساس، أضف اليهما الخبرة التي يكتسبها القائد. «فكل وضع له هتافاته، في الربح شيء وفي الخسارة شيء، رغم أنني لا أتابع المباراة إلا قليلاً لمعرفة اللاعب المتأخر كي نشجعه ونرفع من معنوياته».
باشو أيضاً انتقل فترة الى فرق أخرى حيث قاد جمهور الشانفيل في دورة حسام الدين الحريري بعد ان أخذ إذن رئيس النادي حينها ميشال خوري. ففي تلك الفترة لم تكن هناك أموال، والشانفيل عرضوا عليه مبلغ 500 دولار مقابل كل مباراة وهو كان بحاجة إلى المال.
ويتقاضى «باشو» راتباً شهرياً من الحكمة يبلغ 1500 دولار، لكن الفترة الذهبية بالنسبة له كانت أيام الراحل انطوان شويري الذي استدعاه في أحد الأيام ولم يكن يعرفه حينها وطلب منه التفرّغ للحكمة براتب 3000 آلاف دولار «اضافة الى «بونس» بعد كل فوز يتراوح بين 250 و1000 دولار. وحين قرر شويري الابتعاد من الحكمة أقام لنا حفلاً في قصره في بلونة واستدعاني وقال لي أنت أعطيتنا الكثير وكنت وفياً وقدم لي ظرفاً فيه 50 ألف دولار لعائلتي».
محطات مضيئة كثيرة في ذاكرة «باشو» لكن تبقى الأحب البطولة العربية التي فاز فيها الحكمة للمرة الأولى عام 1998، أما الأسوأ فهي مباراة بين الحكمة والأهلي صربا في كرة القدم.




أسماء عديدة في النجمة

يعتبر جمهور النجمة الأكبر على الساحة الرياضية فامتداده على مساحة الوطن من شماله الى جنوبه ومن كل الطوائف والفئات العمرية. ورغم ذلك لم يكن هناك قائد تاريخي لجمهوره فهناك أسماء كثيرة مرت على مدرج النجمة كيوسف ملاح وحسين مغربل «أبو سمرة» ومهدي فواز الذي يقود الجمهور حالياً. أما سبب التغيير فهو ادخال دماء جديدة وهو أمر ينسحب على مكتب الجمهور الذي تشكّل حديثاً وأيضاً شهد انضمام شخصيات جديدة وشابة لها حيثيتها على الأرض.