في دور امرأة شبقة، تتخيّل كل رجل تقابله عارياً، تطل الممثلة الفرنسية صوفي مارسو في فيلم tu veux ou tu veux pas (تريد أو لا تريد) للمخرجة الفرنسية طوني مارشال. تلتقي «جوديث» (مارسو) بمستشار العلاقات الزوجية «لومبارت» (الممثل والمغني باتريك برويل)، فتحاول إقناعه بتوظيفها كمساعدة في عيادته النفسية، وإغراءه في الوقت نفسه.
«لومبارت» يعاني بدوره من إدمان الجنس، ما جعله ينذر الامتناع عن ممارسته كجزء من علاجه. لذلك، وبالرغم من إعجابه الواضح بـ«جوديث»، يقاوم كل محاولاتها لاستدراجه إلى علاقة حميمة.
عبر التركيز على تصوير التشنّج الجنسي المتصاعد بين الثنائي، والشد والجذب بينهما وبين الأزواج الذين يقصدون العيادة لعلاج مشاكلهما الجنسية الخاصة، تدور معظم أجزاء هذه الكوميديا الكاريكاتورية التي تراوح ما بين الطرافة والبلاهة. صحيح أنّ بعض اللقطات (خصوصاً في بداية الفيلم) تتسم بالدعابة الذكية كما في جلسات العلاج النفسي التي يشرف عليها «لومبارت» و«جوديث» معاً، حيث نتعرّف على نماذج مختلفة من العلاقات المضطربة التي قد تشبه أحياناً ما يتسبب به الكبت الجنسي في مجتمعاتنا الشرقية. كما في حال الفتاة التي اعتادت على الممارسات الجنسية البديلة، بسبب حرصها على الحفاظ على عذريتها قبل الزواج، وكذلك بالنسبة إلى الثنائي الذي يأتي قريبهما لزيارتهما، وبفعل توفّر سرير واحد لم يعد واضحاً مَنْ من الثلاثة يقيم علاقة مع الآخر.
لكن هذه الكوميديا لا تخلو من السخافة في مقاربتها المباشرة للمواقف مثل تمزّق ملابس «جوديث» لأنّها ترتدي ثياباً ضيّقة بهدف الإثارة، أو في تصويرها للشبق الجنسي بطريقة مضحكة. فالبطلة تتلمس جسدها باستمرار، كما أنّها تقفز على البطل لإثارته.
من جهة أخرى، تخرج مقاربة «تريد أو لا تريد» للرغبة عن المألوف، إذ يصوّر الرجل كموضوع للرغبة من وجهة نظر المرأة، كما في المشهد الذي تراقب فيه «جوديث» «لومبارت» أثناء مغادرته، وتتخيّله عارياً. إلا أنّ المشكلة هي في تبنيه للرغبة الجنسية لدى المرأة انطلاقاً من كليشيه النظرة الذكورية المستهلكة في الأفلام التجارية. إلى درجة أنّ صوفي مارسو تبدو كمراهقه أميركية تعاني الكبت الجنسي، كما في سلسلة أفلام American Pie. لكن هذا لا يمنع أنّ الفيلم قد يطرح بعض التساؤلات المثيرة للاهتمام حول مفهوم العلاقات في العصر الحديث، واستبدال «تابو» الجنس بـ«تابو» الحب والخوف من الحميمية. هكذا، فإنّ الرغبة الجنسية الزائدة المتزائدة هي إدمان يجب العلاج منه برأي «لومبارت»، بينما تعتبره «جوديث» جزءاً من طبيعتها. مع العلم أنّه في مشهد تمتزج فيه الميلودراما بالكوميديا بطريقة سوريالية، صوّر الشريط في النهاية البطلة وهي تشرح لجوءها إلى الجنس العابر بسبب خوفها من الحب المدمر. حب دفع بأبيها إلى قتل أمها بسبب غيرته الشديدة، قبل أن ينتحر.
هذا العمل في حبكته الروائية ولغته السينمائية، لا يقارب مستوى الأعمال السابقة للمخرجة طوني مارشال، وأهمّها «جمال فينوس (معهد)» (1999) التي حازت عنه جائزة «سيزار» أفضل مخرجة . لكن ما ينقذه من طابعه المبسّط الذي يميل إلى تسطيح الشخصيات والأحداث، هو حضور صوفي مارسو التي تضفي عمقاً على الشخصية التي تؤديها لا نلمسه في أداء باتريك برويل الذي يبدو باهتا أمامها.