ككل أفلام السينما في تلك الحقبة الزمنية من تاريخ الفن السابع في هوليوود الشرق، اقتبس مخرج الروائع حسن الإمام قصة فيلم «الجسد» (1955 ــ 100 د.) عن رواية «غادة الكاميليا» للفرنسي ألكسندر دوماس الابن. إنّها القصة الشهيرة لفتاة ليل تفشل في حياتها الشخصية والعاطفية بعدما قرّرت بيع جسدها في سبيل لقمة العيش.
في «الجسد»، أدّت الممثلة فاطمة رشدي (1908 ــ 1996) دور الأم الطمّاعة المتسلّطة (أم نعمة) التي ترغب في تحقيق الثراء عبر جمال ابنتها «نِعمة» التي تؤدي شخصيتها «ملكة الإغراء» هند رستم (1931 ــ 2011/ الصورة). فتدرّبها منذ الطفولة على الرقص الشرقي في ظل عدم قدرة الأب (حسين رياض/ 1897 ــ 1965) على الاعتراض.
لاحقاً، تُطرد الابنة من المدرسة بعد إهمالها دروسها، فتهرب الأم من بيت العائلة والزوج الفقير الطيّب. تنغمس الحسناء المثيرة بدعم من والدتها في حياة الليل والكباريهات. هناك، تتعرّف إلى الثري «أمين»، وهو مدير الشركة التي يعمل فيها والدها «شحاتة أفندي». بعد معرفته بالعلاقة بين ابنته ومديره، يقرّر الرجل الانتقام من زوجته، فيذهب لإنهاء حياتها لكنّها تنجو من محاولة القتل بأعجوبة وتصاب بالعمى، بينما يُزج هو في السجن.

هذا الواقع، يدفع بالابنة إلى محاولة مساعدة والدها، فتقصد المحامي «حسين» الذي يؤدي دوره «دونجوان الشاشة العربية» كمال الشناوي (1921 ــ 2011). يقع الاثنان في شباك الحب، لكن سرعان ما تعلم بصدفة مفتعلة أنّ حبيبها هو نجل «أمين». على الأثر، تنهار وتعود إلى حياة الليل، إلى أن تصاب بمرض عضال (السل كان الأسوأ في خمسينيات القرن الماضي). عندها، تضطر للعودة إلى الحارة الشعبية التي هربت منها.
في الحارة، يلتم شمل العائلة مجدداً. لكن حسن الإمام لم يكتب نهاية سعيدة لفيلمه الاجتماعي ــ الرومانسي هذا. وكخاتمة كل الأفلام الكلاسيكية التي تتناول قصصاً مماثلة، لا تُمنح الفتاة «الضالة» عن التقاليد الشرقية فرصة لـ«التوبة».
وفي المشهد الأخير، تموت هند بصورة تراجيدية بين يدي حبيبها في نفس اللحظة التي يقرّر فيها العودة إليها والزواج منها. «الجسد» فيلم من كلاسيكيات الخمسينيات، بالأبيض والأسود، ويضم كوكبة من نجوم ذاك الزمان، كما يبرز قدرات تمثيلية كبيرة لكل من فاطمة رشدي، وحسين رياض، فيما تتألق هند رستم في أوّل دور بطولة لها. بطولة، خطّت بعدها طريقها نحو أدوار الإثارة الراقية ضمن أداء تمثيلي ممتاز، قبل أن تحظى بلقب «مارلين مونرو العرب».
صحيح أنّ القصة لم تكن جديدة يومها، لكن الشريط حقق نجاحاً جيّداً من خلال التوليفة الجيّدة لنجومه، إضافة إلى خطة الإنتاج الذكية والإخراج الجيّد لحسن الإمام. المخرج الذي ظلمه النقاد لوقت طويل قبل الاعتراف بإمكاناته وتميّزه في إدارة كاميرا الإيطالي ألفيزي أورفانيللي. من دون أن ننسى السيناريو والحوار اللذين حملا توقيع السيد بدير ومحمد عثمان.

* «الجسد»: الليلة 23:00 على «روتانا كلاسيك»