هم بشر، وكبقية البشر يتصرفون خارج الملاعب. منهم الهادئ ومنهم الذي يتأثر بمحيطه، ومنهم المجنون الذي يقوم بأفعال غريبة. ينتظرون انتهاء الدقائق الـ ٩٠ حتى يتصرفوا براحة كبيرة بعيداً من الكاميرات المسلطة عليهم. وفي المنازل والشوارع والحانات يتحررون من القيود المفروضة عليهم وفق «قوانين الملاعب». ويمكن القول إن «تقديس» اللاعبين هو ما جعل المشجعين يرونهم دون غيرهم من المشاهير، يعيشون تحت مظلة تحميهم من كل الشوائب الحياتية التي قد تحصل مع أي شخص. سرقات وتعدّ على آخرين، واتهامات سياسية!
تجري هذه الأحداث مع اللاعب خلف أسوار الملعب، هارباً من القيود الصارمة التي تفرضها إدارات الأندية، والتي تخضعه لضوابط تتنافس مع بعض الأنظمة العسكرية لشدة صعوبتها، فهذه تتدخل بأسلوب حياة اللاعب واطعمته وشرابه وساعات نومه. هم مثل طلاب المدارس، عليهم الالتزام بالمواعيد وإلا فستفرض غرامات مالية عليهم. كل هذه الضغوط التي يختزنها اللاعبون في داخلهم قد تنفجر في لحظة ما خارج الملعب.
ولعل أشهر حادثة على هذا الصعيد هي نجاة الإيطالي ماريو بالوتيللي من حادث حريق اشتعل في منزله في وقت متأخر من الليل كان سببه لعبه مع أصدقائه بالألعاب النارية. حصلت هذه الحادثة خلال دفاعه عن الوان مانشستر سيتي الانكليزي، وقد تمكن رجال الإطفاء من إخماد الحريق الذي انتشر في حمام منزله، خلال نصف ساعة.
مرت حادثة بالوتيللي على خير، من دون عقوبات من النادي أو من الشرطة. أما مدافع بايرن ميونيخ السابق البرازيلي برونو، فقد نال عقابه من قبل القضاء الألماني بالسجن ثلاث سنوات و9 أشهر بتهمة تعمّده حرق بيته، اذ أضرم برونو النار في بيته القائم بمدينة ميونيخ من أجل التحايل على شركة التأمين والحصول على تعويضات مالية.
غرائب الأحداث مع لاعبين يحصلون على أموال تكفيهم للعيش بنعيم وافر تكاد لا تنتهي، اذ تعدت الأمور حرق المنازل، ووصلت الى سرقة قطع جبنة من «السوبر ماركت». لا يعد هذا الموقف خطيراً أو مخيفاً، بل تناولته الصحف الإنكليزية بأسلوب فكاهي، اذ القي القبض على مدافع كوينز بارك رينجرز ستيفن كوكر بتهمة سرقة الجبنة من أحد المحالّ التجارية. واذ كان كوكر يتسوّق فوجئ بعض المارة بالشرطة تطارده وتمسك به، حيث اعلنت لاحقاً أن التهمة كانت سرقة قطعة من الجبن ثمنها لا يتعدى 2 جنيه استرليني، وهو الذي كان يومها يتقاضى راتباً أسبوعياً يبلغ 42 ألف جنيه استرليني. وبعد المحادثات بينه وبين أفراد الشرطة، أُفرج عنه تحت عنوان «أنه حدث خطأ في اعتقاله».
الحادثة الأغرب هي ما سربته وسائل إعلام روسية، كاشفة تقارير سرية أميركية، تتهم فيها لاعب زينيت سان بطرسبورغ الروسي أندريه أرشافين بأنه جاسوس في الأراضي البريطانية. وأفادت تقارير تخص وكالة الأمن الوطني في الولايات المتحدة بأن أرشافين كان عميلاً لدى الاستخبارات الروسية، وهو يلقب بـ «الثعلب الأحمر»، وأن تجنيده كان على يد رئيس الكرملين سيرغي رحمانيوف، الذي تدخل لتأمين احتراف اللاعب في الدوري الإنكليزي، حيث كان يريد جاسوساً بصفة لاعب كرة قدم لإزالة الشكوك حوله. ووصلت هذه الاتهامات الى حدّ التدخل في تفاصيل انتقال اللاعب من نادٍ الى آخر، إذ قيل ان أرشافين كان في طريقه الى برشلونة تاركاً أرسنال، لكنه قبل المهمة الاستخبارية وادعى الإصابة ليبقى في الأراضي الإنكليزية.
اما «أسطورة» الكرة الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا فحياته لا تخلو من الجنون خارج الملعب، حيث وصل الامر به الى الاعتداء على صحافي متهماً إياه بمعاكسة صديقته، فنزل من السيارة ليصفعه، ثم عاد بكل هدوء لمواصلة طريقه.
أحداث مشاهير الكرة قد تحصل مع أي مواطن يعيش حياته على نحو طبيعي، لكن حتى لو بعيداً من الكاميرات فان حوادثهم اليومية توثّق وتصبح قصصاً متداولة لسنوات طويلة.