يروي كوكس وهو مشجع نادي سوثاند يونايتد في دوري الدرجة الثانية الإنكليزي، لصحيفة «ميترو»، أنه لم يغب عن متابعة فريقه الأغلى على قلبه في الملاعب طيلة 24 عاماً. الرجل البالغ من العمر 49 عاماً يشرح بأنه شجع فريقه في 1300 مباراة على التوالي، منفقاً على ذلك مبلغ 28 ألف جنيه استرليني.ما يفعله كوكس يبدو معبّراً طبعاً ويعكس مدى وفائه لفريقه بطريقة حضارية وفيها الكثير الكثير من المعاني، تماماً كما يفعل فريد دو ليفين، مشجع فريق لنس الفرنسي، الذي حضر 300 مباراة لفريقه خارج ملعبه، إما في فرنسا أو الدول المجاورة، طيلة 15 عاماً.

الا أن اللافت أن هذا المشجع الوفيّ كان يعتمد على وسيلة التنقل «أوتو ستوب» للذهاب الى الملاعب، وهذا ما أوقعه في العديد من المواقف الصعبة كاضطراره في إحدى المرات إلى الانتظار 10 ساعات للعثور على سيارة أقلّته إلى الملعب، علماً بأنه لم يتأخر في كل هذه التنقلات إلا مرتين عن موعد انطلاق مباراة فريقه.
الأرجنتيني خيسوس فيرو لم يعبّر عن عشقه لكرة القدم عموماً على غرار طريقة كوكس وفريد، إذ إنه يهوى الحصول على تواقيع اللاعبين وقد جمع كثيراً منها من عمالقة ونجوم الكرة؛ من بينهم البرازيلي بيليه والأرجنتيني دييغو ارماندو مارادونا والألماني فرانتس بكنباور والفرنسي زين الدين زيدان والإسباني أندريس إينييستا طيلة 24 عاماً، وذلك على كرة خاصة به يحرص على حملها في حقيبته خلال تنقله بين هذا البلد وذاك، لحضور مباريات قد يصادف فيها هؤلاء النجوم.
بطبيعة الحال، جميل جداً ما يقوم به كوكس وفريد وخيسوس، أو حتى أولئك المتفرجون الذين يقتحمون الملعب لاحتضان هذا النجم أو ذاك تعبيراً عن حبهم له، وكان آخرهم مع الأرجنتيني ليونيل ميسي خلال مباراة منتخب بلاده الدولية الودية أمام مضيفه هونغ كونغ عندما دخل مشجع أرض الملعب وطلب الحصول على توقيع «ليو» وكان له ما أراد، أو حتى حين يذرف المشجعون الدموع غير مصدقين لرؤية نجمهم المفضل، كما حصل أخيراً مع معجبات النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو أمام ملعب ليفانتي، لكن التعبير عن العشق لـ»الساحرة المستديرة» ولفرقها ونجومها قد يأخذ بعداً آخر يصل الى الغرابة، ويتعداها أحياناً نحو الجنون.
طلب مشجع بلغاري
من سلطات بلاده تبديل اسمه وشهرته ليصبح «مانشستر يونايتد»


الغرابة يمكن العثور عليها مثلاً في كينيا عند ذلك الشاب المناصر لمانشستر يونايتد الإنكليزي والذي لم يتوان عن تحويل حفل زفافه إلى مناسبة للتعبيرعن ولائه لـ»الشياطين الحمر». هكذا، قام العريس بارتداء قميص يونايتد الأحمر بدلاً من بدلة العرس البيضاء، وسط ابتسامات عريضة، فيما أن قالب الحلوى كان يحمل اللون ذاته وشعار الفريق، تماماً كالستار على الزجاج الخلفي للسيارة الخاصة بنقل العروسين.
لكن الغرابة في العشق للكرة لا تتوقف عند موقف أو لحظات عابرة، بل حتى إنها ترافقه طيلة حياته. هذا الأمر يخبرنا عنه النروجي أكسيل غوغستاد، المشجع لليفربول الإنكليزي، والذي بات اسمه أكسيل غوغستاد أنفيلد. «أنفيلد» بطبيعة الحال ليس الا ملعب «الريدز»، فبات بالتالي اسم هذا الملعب يحتل شهرة هذا المشجع، وهذا ما لم تستوعبه والدة أكسيل عندما أعلمها به.
في بلغاريا أيضاً، لم يستوعب زدراكوف ليفيدزوف، مشجع مانشستر يونايتد، أن تمنعه السلطات من أن يبدل اسمه وشهرته ليصبح «مانشستر يونايتد». نعم شخص يحمل اسم فريق، هذا ما سعى إليه زدراكوف، من دون أن يوفّق في ذلك. إلا أن المشجع المهووس بيونايتد لم ييأس، بل انتقل الى فكرة ثانية، ألا وهي طبع شعار هذا الفريق على جبينه، بحيث يشير بإصبعه إليه عندما يسأله أحدهم عن اسمه، وهذا ما أكسبه شهرة عالمية حتى بات يطلق عليه لقب «مستر مانشستر يونايتد»، علماً بأنه يملك كلباً أطلق عليه اسم «ديفيد بيكام»، النجم الأحب الى قلبه من بين النجوم الذين ارتدوا قميص «الشياطين الحمر».
فعلاً، التعبير عن العشق قد يتخطى الغرابة إلى حدّ الجنون. جنون تام بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
هذا الجنون يجسده كل من هنري دهاباساني ورشيد يغا. شابان أوغنديان تجمعهما صداقة، لكن تفرّقهما الكرة، بحيث يشجع الأول أرسنال والثاني مانشستر يونايتد، غير أنهما ذهبا بتعصبهما لفريقيهما الى ما لا يمكن أن يتصوره عقل، وهو بأن يراهن الأول على منزله في حال خسارة فريقه، أما الثاني فوصل به الجنون إلى الرهان على زوجته!
نعم، صدقوا، أن مشجعاً يراهن على زوجته كرمى لفريقه. النتيجة أن يونايتد فاز... وأن هنري خسر منزله! أما في فرنسا، فإن أحد مشجعي فريق أجاكسيو أعرب عن استعداده لبيع منزله وما يحويه، بما في ذلك زوجته وأطفاله، من أجل أن يحصل الفريق على المال الكافي لتمديد عقد حارسه المكسيكي غييرمو أوتشوا.
حسناً، الأمور لا تزال مادية هنا، لكن الجنون والتعصب الأعمى للكرة وفرقها ونجومها يتخطى في بعض الأحيان هذه المرحلة، إلى حد أن تسيل الدماء وتُزهق الأرواح. يصبح الجنون هنا تراجيدياً ودرامياً.
هذا النوع من الجنون يتراوح بين حالتين: إما الانتحار وإما القتل.
الحالة الأولى تتمثل في الكيني جيمي مارشاريا، البالغ 23 عاماً، والذي رمى بنفسه من الطبقة السابعة بسبب خسارة ثانية متتالية لفريقه مانشستر يونايتد (أمام نيوكاسل) في الفترة السيئة تحت إشراف المدرب الاسكوتلندي ديفيد مويز في الموسم الماضي.
أما الحالة الثانية، والتي لا تقل خطورة، فتجسدت في مقهى في مركز للتسوق في مدينة ماكوتانو ميرو الكينية عندما انقضّ مشجع لأرسنال على آخر لليفربول، وهما يتابعان مباراة الفريقين معاً، وطعنه بسكين في صدره مزهقاً روحه، لا لشيء، سوى لأن الأخير قام بـ»التزريك» له لخسارة أرسنال!
هذا ما يحدث إذاً مع عشاق «الساحرة المستديرة». هنا تتخطى كرة القدم السحر بكثير. هنا تصبح الكرة مدعاة لجنون عشاقها. هنا يصح وصفها بـ«المجنونة المستديرة».




عندما يغضب الجمهور

التعبير الغريب أو الجنوني لمشجعي الكرة إزاء عشقهم
لهذا النجم أو ذاك قد ينقلب بالمثل الى نبذهم إياه. هذا ما حصل، على وجه الخصوص، في ملاعب إنكلترا، وآخر النماذج كان الإيطالي ماريو بالوتيللي، مهاجم ليفربول، اذ بعدما استقبله مشجعو «الريدز» عند التحاقه بالفريق في الصيف برمي دلو مكعبات الثلج، التي راجت في الآونة الأخيرة، على الأجساد التي كتب عليها شعار اللاعب عندما كان في مانشستر سيتي: «لماذا أنا دائماً؟»، فإن هذه الجماهير ذاتها لم تتوانَ اخيراً عن وضع كشك لاستبدال القميص الذي يحمل اسم بالوتيللي بأي قميص آخر، نظراً لأدائه السيئ مع الفريق في الدوري المحلي ودوري ابطال اوروبا.