في «وهكذا تجري الأمور» (And So It Goes) الموجود حالياً في الصالات اللبنانية، يطل الممثل الأميركي مايكل دوغلاس (1944) على الشاشة بدور مختلف، إذ يؤدي شخصية وكيل عقارات يُدعى «أورين» يخطط لبيع بيته العائلي والتقاعد بعد وفاة زوجته، لكنّه يضطر إلى تغيير خططه حين يعود ابنه الغائب فجأة، تاركاً في رعايته حفيدته التي لم يكن يعرف بوجودها. شخصية «أورين» الانعزالية في الظاهر والكارهة لجميع الكائنات الحية من الأطفال إلى الكلاب، قد تُذكّر للوهلة الأولى بجاك نيكلسون في As Good As It Gets عام 1997.
لذلك، لا يبدو مفاجئاً أن يكون كاتب السيناريو هو نفسه في الفيلمين أي مارك أندروس، ولو أنّ هناك تفاوتاً ضخماً في النوع والجودة ما بين الاثنين، كأنّما And So It Goes هو نسخة مبسطة وساذجة عن الأوّل. نسخة لا نجد فيها حس البراعة نفسه، لا في صياغة الحبكة الروائية ولا في أسلوب المخرج روب راينر الذي يتبع إيقاعاً ذا وتيرة واحدة في المونتاج والتصوير، إذ يعبر بجانب الشخصيات والأحداث ولا يلامسها. مقاربة مايكل دوغلاس الشديدة المباشرة لا تقارن بنيكلسون الذي يحتكر ببراعته هذا النوع من الأدوار المعقدة التي تتطلب الكثير من الليونة للعب على هذا التناقض بين القشرة الخارجية الصلبة للشخصية، ورقتها غير المعلنة.
أما دايان كيتن، الممثلة التي اشتهرت في بداية مسيرتها من خلال عملها مع المخرج وودي ألن، فتؤدي دور البطولة إلى جانب دوغلاس في شخصية «ليا» جارة «أروين». إنّها الأرملة الستينية والمغنية التي تساعده على الاهتمام بحفيدته، قبل أن تنشأ بينهما علاقة حب. «ليا» على عكس «أروين»، هي امرأة انفعالية لا تكفّ عن التعبير باستفاضة عن مشاعرها دائماً، حتى أثناء أدائها لوصلاتها الغنائية في الملهى الليلي، حيث تذكر زوجها المتوفى في مطلع كل أغنية تؤديها وتنهمر بالبكاء، ما يدفع «أروين» إلى نصحها بالكف عن ذكر الأشخاص المتوفين لأنّها ليست أفضل طريقة للترفيه عن الجمهور.




موقف يعكس جانباً من حس السخرية الذي تتمتع به بعض حوارات الفيلم والتفاعل بين هاتين الشخصيتين المتطرفتين. وللمفارقة، أداء كيتن في شخصية «ليا» يقارب دورها في فيلمSomething›s Gotta Give عام 2003 الذي يتناول علاقة حب بين رجل وامراة في منتصف العمر. وقد لعبت فيه دور البطولة أيضاً إلى جانب جاك نيكلسون. لكن ما هو مثير للاهتمام في هذا الشريط هو تصويره لإمكانية اكتشاف الحب في عمر متقدّم، الأمر الذي قلّما نراه في هذا النوع من الأفلام الهوليودية، وخصوصاً ضمن هذا الإطار الحيوي والكوميدي، وكأنّما هنالك فئة عمرية معينة للحب والرومانسية تحدّدها الأفلام التجارية لا تتجاوز منتصف العمر.
كذلك، يبدو لافتاً وطريفاً في And So It Goes مراقبة خلافات «أورين» و«ليا» التي تشبه النزاعات التي تحدث في بداية أي علاقة عاطفية، كالمشاجرة بعد قضاء الليلة الأولى معاً بسبب ذعر «أورين» من الحميمية ورحيله المفاجئ، ما يخرج عن كليشيه مفهوم النضج المرتبط بالعقلانية الخالية من الشغف، رغم أنّ المسألة قد تُكرّس كليشيهات أخرى كخوف الرجل المفترض من الحميمية وحاجة المرأة الدائمة إليها.

صالات «غراند سينما» (01/209109)، «أمبير» (1269) و«سينما سيتي» (01/995195)