هارباً - لا إرادياً - وأهله من حرب الاستقلال الكرواتية التي نشبت بين عامي 1991 و1995، ولد ماتيو كوفاتشيتش في مدينة لينتز بالنمسا. تدرج هناك، كروياً، منذ صغره في نادي مدينته ثم عاد إلى بلاده «الأم» عام 2000، فوصلت به الحال للانضمام إلى دينامو زغرب، الذي لعب معه في الفريق الأول منذ 2010 وحتى 2013. وقتها، قام بنقلته الكبرى بالانضمام إلى إنتر ميلانو الإيطالي حيث سطع نجمه. منذ صغره وهو يعمل للتدرب من أجل أن يكون مثالياً في كل شؤون حياته، العملية والعلمية والكروية أيضاً. ويبدو أنه صار يتقن ذلك، حتى تمتع بثقة نفس لا يشوبها أي خوف أو قلق أو توتر إذا ما لاقى خصماً - شخصاً أو فريقاً - يفوقه قوة. وحتى في سؤاله عن ثقل حمل الرقم 10 في الملعب، الرقم الأهم في الفريق، يجيب: «أنا الذي ألعب، لا الرقم».
«لم أرَ موهبة مثله في هذا السن»، يقول روبرت بروسينيكي، الذي يعد أحد أفضل لاعبي كرواتيا عبر التاريخ، إن لم يكن أفضلهم.
وصل كوفاتشيتش إلى ميلان وحيداً، كطفل يتعين عليه أن يصبح كبيراً. هناك كسب سريعاً ودّ الجمهور الإيطالي، وذهب إلى تعلّم لغته. على الملعب، هو يفضل دور صانع الألعاب، ليكون بالتالي صانع الفرح الأساسي، وإن كان هذا المركز يحرمه أن يكون حامل اسم الهداف. إلا أنه يرى الأمور من منظارٍ منطقي: «لولا وجود صانع الألعاب لما كان هناك أي شيء اسمه هداف». كوفاتشيتش، يدرس، عبر أسطوانات مدمجة، أداء أبرز صانعي الألعاب. يسمّي أولاً السلوفاكي ماريك هامسيك، يليه مواطنه لوكا مودريتش، ثم الإسباني أندريس إينييستا، ومواطن الأخير دافيد سيلفا أيضاً. يتعلم منهم كيف يعملون من أجل الآخرين. لا يتابع، للتعلم، مِمَن انتهت أزمنة لعبهم باعتزالهم. لذا يفضّل أبناء جيله المصنّفين نجوماً في العصر الحديث للعبة. شاب في سن العشرين، هاجسه الأول والأخير، بذل قُصاراه لإعادة فريق بحجم إنتر الى منصة البطولات مرة أخرى. يحمل إرث النادي على كتفيه. وعلى هذا الأساس، يجب أن يكون مثقلاً بالهمّ، لكن صانع الألعاب هذا، عادةً، ولأسباب غير مفهومة، يكون ضاحكاً. يضيع فرصة، يضحك أو بالحدّ الأدنى يبتسم، يسجل هدفاً يزيد عرض ضحكته. يحبه الجمهور لذا يدافع عنه أمام أي انتقاد، إذ يخشى التفريط بهذه الموهبة وتكرار السيناريو ذاته عندما خسر البرازيلي فيليبي كوتينيو الذي رحل إلى ليفربول الإنكليزي، إذ إن كوفاتشيتش مع مرور المباريات بات نجم الفريق من دون أي منازع، بمهاراته الفنية العالية وبدقة تمريراته المذهلة.
أخيراً صار اسم كوفاتشيتش على مفكرة كلٍّ من ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين ومانشستر يونايتد الإنكليزي، لكن رئيس نادي إنتر السابق ماسيمو موراتي والحالي الإندونيسي إيريك ثوهير يؤكدان أنه يمكن الاستغناء عن الجميع ما عداه. «إنه الحجر الأساس لبناء فريق قوي» .