كاد سوء تفاهم، ومناكفات حصلت داخل بلدية طرابلس أن تتسبّب في حصول إشكالات عدة مع أصحاب البسطات في ساحة التل، إثر إبلاغهم الأسبوع الماضي أنهم سيُمنعون من العمل خلال فترة عيد الأضحى. أحدث الأمر صدمة لدى هؤلاء، هم الذين كانوا يستندون في وضع بسطاتهم في ساحة التل وغيرها من الساحات العامة في طرابلس، إلى قرار من بلدية طرابلس صدر قبل سنوات يسمح لهم بذلك خلال عيدي الفطر والأضحى.
ولكي لا يُمنعوا من وضع بسطاتهم في ساحة التل كما حصل خلال عيد الفطر الفائت، سارعوا إلى تنفيذ اعتصام أمام مقر البلدية مساء يوم الجمعة الماضي، وهدّدوا بتصعيد تحركهم إن لم يسمح لهم بوضع البسطات خلال فترة عيد الأضحى.
بعض أعضاء البلدية تضامنوا مع أصحاب هذه البسطات، ومنهم عربي عكاوي، الذي حضر وشاركهم اعتصامهم. وهو أوضح لـ«الأخبار» أن «البلدية أوجدت عرفاً منذ سنوات، يقضي بالسماح لأصحاب هذه البسطات، وأغلبهم يعمل في سو ق الأحد، بوضع بسطاتهم في ساحة التل لمدة أسبوع تقريباً، قبل العيد وبعده، وهو عرف تمسكوا به لأنه يؤمن لهم مداخيل مالية بسيطة، لكنها تعني لهم الكثير ويرفضون التخلي عنها».
عندما أقرّت بلدية طرابلس هذه الفكرة قبل سنوات، كان الهدف منها «وضع البسطات في مكان واحد وتنظيمه خلال فترة العيد تحديداً، لمنع انتشار الفوضى في شوارع المدينة، وجرى شراء خيم وضعت في الساحة لهذا الغرض لم تتجاوز تكلفتها 3 ملايين ليرة»، وفق ما يقول عضو البلدية محمد شمسين. لكن شمسين أشار إلى أن هذه الخيم «اختفت وظهر بعضها في أماكن أخرى، مع أن البلدية تجاوبت مع مطلب أصحاب البسطات في أخذ الخيم معهم، إنما ليس لبيعها بل لإعادة استخدامها مجدداً في موسم العيد المقبل».
حلّت مشكلة
أصحاب البسطات لترتفع صرخة التجار

ضياع هذه الخيم أو تبخّرها من مستودعات البلدية أمر يؤكده عكاوي أيضاً، لكنه لا يبرّر منع أصحاب البسطات من وضعها في الساحة، ما دفعهم بعدما رفضت البلدية التجاوب معهم إلى التواصل مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي تجاوب معهم، وتدخل لدى بلدية طرابلس وقوى الأمن الداخلي، فعادت البسطات مجدداً إلى ساحة التل.
من يمر اليوم في الساحة يلاحظ بوضوح انتشار هذه البسطات على اختلافها، التي تحولت إلى ما يشبه سوقاً شعبياً على غرار سوق الأحد الشهير في المدينة، لكنه موجود في قلب المدينة وليس على أطرافها.
تضم البسطات بضاعة شعبية وبسيطة ومختلفة، من الألبسة والأحذية؛ بعضها مستعمل (بالة) وآخرها شعبي، والمواد المنزلية وشوكولا العيد، والخردوات على أنواعها، وقطع النحاس التقليدية والأنتيكا، وأدوات التجميل والأدوات الكهربائية ومفروشات بسيطة والمكسرات وقطع أثرية قديمة وغير ذلك.
لكن انتشار هذه البسطات جعل تجار المنطقة يشتكون من أن هذه البسطات تؤثر سلباً على حركة البيع والشراء لديهم، وطالبوا بإزالتها أو نقلها إلى مكان آخر، غير أن شكاواهم لم تجد آذاناً صاغية.
يوضح عكاوي أن هذه الشكاوى ليست جديدة، «فالتجار يشكون من البسطات المنتشرة في كل طرابلس، لا من هذه البسطات فقط، وحجتهم أنهم يتكلفون أموالاًً ورواتب وضرائب، بينما أصحاب البسطات لا يتحمّلون أي شيء من هذا، وهي شكاوى محقة. لكن ماذا نفعل إذا كان البلد راكب هيك؟». ويضيف عكاوي إن «مئات أصحاب البسطات الموجودة في طرابلس هم من السوريين، وهؤلاء تزداد كل سنة الصعوبة في تحجيمهم، بينما أصحاب البسطات في ساحة التل هم من اللبنانيين، وهو أمر يمثل ضغطاً على البلدية بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في طرابلس، الذي يجعلها تتجاهل أوضاعاً كهذه ضمن حدود معينة».