في طريقنا إلى موقع تصوير مسلسل «علاقات خاصة» (كتابة نور الشيشكلي ومؤيد النابلسي، وإخراج رشا شربتجي، وإنتاج «أونلاين برودكشن» لزياد شويري)، بدا المشوار من بيروت إلى جونية (شمال العاصمة اللبنانية) طويلاً. شعور يعود إلى الأسئلة التي باتت شبه ثابتة عند زيارتنا لأي عمل سوري يُصوّر خارج دمشق: ماذا لو تمكّن هؤلاء من الاستمرار في إنجاز أعمالهم داخل بلدهم من دون أن تمر السنوات الثلاث الماضية؟ ومتى يمكن أن نجري زيارة مشابهة في العاصمة السورية؟
تصل السيارة إلى موقع ساحر. عن يسارنا طريق جبلية تؤدي إلى مزار «سيدة حريصا»، وعن يميننا إطلالة واسعة على البحر. بينما تدور الكاميرا في إحدى الشقق الفخمة هناك، ينغل فريق الفنيين مثل النمل لإعداد المشاهد المتلاحقة. وكعادتها لا تجلس رشا شربتجي وراء المونيتور إلا بعد تجريب المشهد مراراً مع ممثليها، ثم تملي توجيهاتها الدقيقة على مساعديها، لنسمع منها أخيراً كلمة «تسجيل».
إذا حلّ أحدهم ضيفاً على موقع تصوير تقوده مخرجة «زمن العار»، فالأكيد أنّ الملل سيتمكّن منه لأنّها من أكثر من يعمل بروية شديدة. في الوقت الذي لا يهدأ فيه مدير الإنتاج حمادة جمال الدين عن حوارات واتصالات طويلة لتأمين كل المستلزمات مع الأخذ بعين الاعتبار الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، يحرص الأخير على التنسيق مع الممثلين الذين يصلون إلى لبنان تباعاً. كل ذلك يمنعه عن الكلام معنا لأكثر من ثوانٍ معدودة يخبرنا خلالها أنّه سيتجه إلى دمشق قريباً ليجهّز تصوير حوالى 20 في المئة من مشاهد «علاقات خاصة» الذي سيبصر النور قبل رمضان 2015.
على خط موازٍ، تكشف لنا الأحاديث الجانبية مع فريق العمل أنّنا سنكون قريباً أمام مسلسل عربي ستّيني يغوص في عالم آدم وحواء من خلال خمس قصص حب. قصص يطرحها بجرأة وحيادية مع التوقّف عند أخطاء تلك العلاقات وصوابيتها، إذ يذهب النص دائماً إلى الحدود القصوى، محاولاً أن تكون الشخصيات واقعية وسط خلط سوري ــ لبناني ــ مصري يروق الجهة المنتجة.
كتابة نور الشيشكلي ومؤيد النابلسي، وإخراج رشا شربتجي، وإنتاج «أونلاين برودكشن»


هكذا، سيكون المشاهد أمام مجموعة نماذج هي: رنا، وأيهم وسيما، وحسام وفرح، ومالك ولامار، وتيم ومايا.
في حوارها مع «الأخبار»، تقول رشا شربتجي إنها وافقت على النص لأسباب عدة، أوّلها «أنني أتعامل مع النص كمشاهدة من دون النظر بالدرجة الأولى إلى تكنيك السيناريو. قرأت 13 حلقة منذ اليوم الأوّل، لأنّ النص مشوّق وأحداثه بسيطة لا تحمل الكثير من الفلسفة. وهي في الوقت نفسه توافق المرحلة، فالجمهور بحاجة إلى الخروج من الأجواء المحمومة». وتضيف «لذا يمكننا الإبحار في زمن الحب حتى لو عدنا إلى كلاسيكيات القرن الماضي، إضافة إلى مرونة واندفاع الكاتبين وحداثة النوع بالنسبة إلي وإقبال الفضائيات والجمهور عليه».
لكن النظرة المسبقة على أي عمل طويل باتت تفترض أنّه يغرق في الثرثرة وقصص الحب الهزيلة والفصام الكلي عن الواقع المأزوم من دون التطرق إلى القضايا المهمة. ترد شربتجي على ذلك بالقول: «بناء المدينة الفاضلة لا يندرج ضمن مهمات الدراما، إنّما علينا خلق المتعة أوّلاً، وربما الحديث عن الحب هذه الأيام هو جوهر القضية، وخصوصاً أنّه لو كان الحب سائداً في مجتمعاتنا لما وصلنا إلى هنا، كما أنّ علاقة المرأة بالرجل هي العمود الفقري لأي مجتمع، وهي ليست سطحية أبداً. أما إذا كانت مهمتها التوثيق، فإنّها بحاجة إلى وقت طويل، فتضميد الجروح يحتاج إلى سنوات».
على صعيد الممثلين، أسندت البطولات إلى باسم ياخور، وديما قندلفت، وجيني إسبر، وأحمد زاهر من مصر، إضافة إلى ميرفا القاضي وعمّار شلق من لبنان، فيما قالت لنا مصادر في الكواليس إنه جرى الاتفاق مع الممثل المصري ماجد المصري. أما نحن، فكان نصيبنا الأكبر من الدردشة على الأرض مع ياخور وقندلفت اللذين يجسدان تيم ومايا، وهما ثنائي من ديانتين مختلفين تزوّجا من دون موافقة الأهل لتبدأ رحلة من المواقف الصعبة.
فيما تفضّل قندلفت عدم الحديث عن تفاصيل العمل بسبب ضغوط اليوم الأوّل من التصوير، يرفض ياخور تصنيف مشاركته في هذا المسلسل بأنّه نتيجة العروض المتاحة أو الظروف الاستثنائية. «هناك عروض كثيرة، والممثلون يتحمّلون مسؤولية الانتقاء أكثر من أي وقت مضى»، يقول بطل مسلسل «ضيعة ضايعة»، مضيفاً: «المعادلة الناجحة هي إنجاز عمل بسمات اجتماعية نبيلة بعيداً عن النصوص المفتعلة، وهذا ما ينطبق على «علاقات خاصة»، الذي يطرح مشكلات منوّعة تتعلّق بالفرز الطائفي ضمن الظروف السورية، إضافة إلى قصص لبنانية ومصرية مهمّة، فضلاً عن حياة النجوم التي نجدها بمجرد الغوص فيها منخورة بالمشاكل».




ماجد بدل عابد

يوضح بعض الفنيين حقيقة المشكلة بين الشركة المنتجة والنجم السوري عابد فهد، مؤكدين لنا أنّها نتيجة «عدم التزامه العقد الذي وقعه، ومن ثم تنفيذه لشروط شركة أخرى وقّع معها عقداً يلزمه عدم العمل مع غيرها في رمضان المقبل». في المقابل، يهمس لنا أحد المعنيين بأنّ الاتفاق صار جاهزاً مع النجم المصري ماجد المصري لأداء دور مدير أعمال فنانة مشهورة (تؤدي دورها ميرفا القاضي) الذي كان من المقرر أن يؤديه فهد. أما رشا شربتجي، فتقول إنه «عندما أختار عابد فهد لدور ما ويفشل الاتفاق، أعيد بلورة الشخصية لأنّه ليس هناك بديل لهذا الممثل. كنت آمل أن يكون معنا»، مشددةً على أنّ «القصة انتهت».