■ كيف وافقتِ على المشاركة في لجنة تحكيم برنامج «يلا نرقص»؟شاهدت نسخاً أجنبية من البرنامج الأميركي So You Think You Can Dance وأعجبت بها، وبما أنّ الباليه الكلاسيكي تخصّصي الذي برعت فيه منذ الصغر، كما أنّني صعدت على أهمّ مسارح العالم، وافقت على «يلا نرقص». لقد عُرضت عليّ سابقاً المشاركة في لجان تحكيم برامج عدّة، لكنّني رفضت، لأنّني لم أكن أحبّ الانضمام إلى عمل تلفزيوني لا أبرع فيه، وبعيد عن مجال دراستي، وخصوصاً أنّ الجلوس في لجنة التحكيم مسؤولية لا يُستهان بها، تتطلّب توجيه ملاحظات حول أداء المشتركين. سبق أن عرضت mtv برنامج «الرقص مع النجوم»، الذي يركّز على المنافسة بين المشاهير، لكن «يلا نرقص» مختلف، لأنّه يبحث عن المواهب الراقصة، كما أنّه جديد في العالم العربي. الرقص يدلّ على ثقافة كل بلد، وبما أن التنوّع سمة الدول العربية، سنكتشف العديد من أنواع الرقص التي يتميّز بها كل بلد.

■ ما رأيك في اللجنة، وهل هي متجانسة؟
اللافت أنّ لجنة التحكيم منوّعة وتضمّ بيار دولاين (من أب إيرلندي وأم فلسطينية ــ فرنسية)، وشارل ماكريس (من أب يوناني وأم لبنانية)، والممثلة المصرية روجينا. كلّ واحد يملك ثقافة في نوع رقص معيّن، الأمر الذي يؤدّي إلى تنوّع في البرنامج. اللجنة ذات جذور عربية، وهذا سينعكس إيجاباً على العمل. وحده الراقص يقرّر فوزه أو نجاحه، والتحدي في So You Think You Can Dance هو أن يكون المشترك بارزاً في مختلف أنواع الرقص، لا في نوع واحد فحسب.

■ قد يقال إنك تتبعين موضة البرامج التي تبحث عن المواهب؟
لم تسبق لي المشاركة في مشروع تلفزيوني يبحث عن المواهب. إنّها أولى تجاربي في هذا الإطار، وقد لا تكون الأخيرة. وجدت الفرصة مناسبة للإطلالة في برنامج راقص لأنّه من ضمن عملي وموهبتي. أستمتع بمشاهدة برامج المواهب الغنائية على غرار «ذا فويس» و«للعرب مواهب»، فهي تجلب نوعاً من المتعة وتشدّ المشاهد، لكنّني لا أفكّر في الانضمام إليها.

■ هل تجدين أن الوضع في الدول العربية مناسب لولادة برنامج رقص؟
الشعوب العربية بحاجة إلى الابتعاد عن جو الكآبة والحزن، والانتقال إلى الفرح والرقص. لقد كثرت الهموم لدى المواطن العربي، وتعد البرامج الفنية فسحة جميلة تبعده عن الحزن. أصبح التلفزيون علاجاً للناس، وقد يتحوّل إلى مدمّر للنفس إذا تعمّق المشاهد في الأحداث السياسية ومشاهد القتل والدمار. الأغاني في سبعينيات القرن الماضي كانت تعد علاجاً للناس من ضجّة الحروب وارتداداتها، كما أنّ الشعوب العربية تبحث باستمرار عن مصادر السعادة والنكتة والبهجة، ويجري تفريغ الحزن بواسطة الفن، سواءٌ في التمثيل أو الرقص.

الفنّ مرض
ويجب ألا يُشفى منه الإنسان


الإعداد لمسلسل لرمضان 2015 عن رواية «واحة الغروب» لبهاء طاهر، كتابة مريم نعوم وإخراج كاملة أبو ذكرى


■ كيف سيستقبل المصريون البرنامج؟
أعتقد أن صداه سيكون إيجابياً في المحروسة. الرقص لا يعبّر عن السعادة فحسب، أو حالة الفرح التي يعيشها الراقص، بل يُبكي الجمهور أيضاً. في عام 1993، شاركت في مسابقة باليه في العاصمة الروسية، ورقصت على أغنية «التوبة» لـ«كوكب الشرق» أم كلثوم (كلمات عبد الفتاح مصطفى، وألحان رياض السنباطي). يومها، سألني أحدهم عن مدى الحزن في داخل المغنية فيما أنا أرقص على نوتاتها بفرح. قد نرقص من حزننا وألمنا وشعورنا بالأسى.

■ وما رأيك في المشتركين؟
كل مشترك في «يلا نرقص» هو فنان موهوب، وبالطبع من يشارك في البرنامج هو شخص يحبّ الرقص أوّلاً، ويسعى إلى التطوّر والتقدّم.

■ هل تخافين من الانتقادات إثر هذه التجربة؟
لا أخاف الانتقادات، وأعلم أنّها ستلاحقني طوال فترة البرنامج، وهذا طبيعي. لن أكون مالكة قرار رفض أو قبول المشتركين، لأنّ الرأي يعود إلى اللجنة مجتمعة.

■ سيُقال إنك تشاركين في برنامج جريء يعرض على قناة لبنانية؟
يتوجّه «يلا نرقص» إلى الوطن العربي ككل. لا أحب التمييز بين الجنسيات العربية، فقد سبق أن تكلمت عن دراما عربية تجمع الممثلين، وحالياً أبحث عن برامج تجمعنا معاً: «لو كنّا مش متفقين بالسياسة ومالو لو نتفق بالفنّ».

■ هل توقفت عن الرقص؟
للأسف، منذ 3 سنوات توقفت عن رقص الباليه الكلاسيكي بسبب انشغالي بالتمثيل، لكنّني ما زلت أتابع أخبار هذا العالم. توقفت عن المشاركة في العروض، ولم أتخيّل أن يأتي يوم أبتعد فيه عن هذا الفن. أحبّ الإحساس الذي يمتزج مع الموسيقى، فذلك الشعور هو صلة الوصل بين الراقص والمشاهد. كل عضلة في الجسم تتحرّك خلال التمايل على النوتات. الباليه ليس مهنة بقدر ما هو «فاشن» (موضة)، والفنان يجب ألا يتوقف نهائياً عن الرقص، بل يجب أن يُدرِّس ويخرّج راقصين جدداً.

■ بين التمثيل والباليه أين وجدت نفسكِ؟
لقد كنت راقصة أولى في أكاديمية «باليه القاهرة» (دار الأوبرا المصرية)، وهي فرقة مدعومة من الحكومة. تُعد مصر من الدول القوية في تخريج راقصي الباليه، لأنّها تحتضن أكاديمية متخصصة وتُخرّج راقصين محترفين يشاركون في مختلف المهرجانات الفنية.

■ هل يتقن أحد أبنائك رقص الباليه؟
ابنتي (7 سنوات) تحب الباليه وهي تدرسه حالياً، وأتمنى أن تكمل مسيرتها على هذه الطريق.

■ ما مشاريعك الفنية حالياً؟
صوّر فيلم «يوم الستات» للمخرجة كاملة أبو ذكرى والكاتبة هناء عطية وإنتاج إلهام شاهين. العمل السينمائي هو بطولة جماعية وفيه الحزن والفرح والبهجة معاً. هو خليط بين مشاعر عدّة ستترك أثراً لدى المشاهد. يروي الشريط قصة نساء يعشن في قرية مصرية بسيطة وإلى جانب منازلهن مركز شبابي وحمّام سباحة يُخصص يوماً في الأسبوع للنساء، فيقرّرن أن يجربن السباحة فيه.

■ هل سيبصر الفيلم النور في عيد الاضحى؟
لا، سيشارك في الدورة المقبلة من «مهرجان كان السينمائي الدولي».

■ ماذا عن رمضان 2015؟
أُعدّ أنا والمخرجة كاملة أبو ذكرى عملاً جديدا عن رواية «واحة الغروب» للكاتب المصري بهاء طاهر، وستكتبه للتلفزيون مريم نعوم.
■ ما سرّ التعاون الثلاثي بينكِ وبين أبو ذكرى ونعوم؟
إنه على الأرجح تعاون رباعي، إضافة إلى مديرة التصوير نانسي عبد الفتاح. هناك انسجام بيننا، وراحة نفسية خلال العمل. نعمل بمحبة، ونعيش سعادة في الكواليس.

■ لماذا لم تشاركي في أعمال درامية مشتركة؟
لقد شاركت سابقاً في مسلسل «هدوء نسبي» للمخرج التونسي شوقي الماجري، وكان تجربة جميلة وناجحة. لم أعثر بعد على العمل العربي الذي أجد نفسي فيه. أميل إلى الدراما الحقيقية والمشاعر الإنسانية، ولا أحبّ أداء الأدوار التي لا يصل إحساسي من خلالها.

■ مَنْ من المخرجين اللبنانيين والسوريين تلفتك أعماله؟
تلفتني أعمال نادين لبكي وقد شاهدت فيلم «سكّر بنات» (كراميل) ولفتني بتفاصيله الدقيقة. كما كنت من أشدّ المعجبين بالفيديو كليبات التي أخرجتها، فهي تعمل بتأنٍّ. كذلك، تعجبني أعمال المخرجَين السوريين حاتم علي، ورشا شربتجي وتابعت مسلسلها «زمن العار» (كتابة حسن سامي يوسف ونجيب نصير) الذي لفتتني تفاصيله أيضاً.

■ كيف تجدين الأعمال الدرامية بعد تولي عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية المصرية؟
هي في تقدّم مستمر، وعادت الأمور إلى منحاها الطبيعي وتحرّكت عجلة الإقبال على السينما. المصريون يتفاءلون خيراً بحكم السيسي، لأنّ من أهمّ عوامل نجاح الفنّ هو الاستقرار. وخلال حكم السيسي تحرّك الفنّ قليلاً، وأعيدت المهرجانات إلينا على غرار «مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي».

■ من أين تأتين بكل هذه الطاقة الإيجابية؟
لقد كتبت سابقاً على صفحتي على فايسبوك «يا ريتني بطارية فأُشحن». للأسف، الناس يحبّون أن يروا الفنان في أبهى حلّة، ولا يعرفون مدى معاناته العائلية والمهنية. فأحياناً أصوّر مشاهد وسط درجة حرارة عالية، وأحياناً أخرى أنهمك بواجباتي العائلية، ولا يكون لديّ متسع من الوقت للراحة. يفرّغ الفنان ذلك التعب والضغط في عمله، ومن هنا يبرع في مشاهد الحزن.

■ متى تفكرين في الاعتزال؟
الفنان الحقيقي لا يفكّر في الاعتزال نهائياً. الفنّ مرض، ويجب ألا يُشفى منه الإنسان. قد آخذ فترة استراحة لسنوات عدّة، لكنّني لن أغيب عن الشاشة. لن أعتزل التمثيل أبداً، فالفنّ تواصل أو إحساس نفسي لا يمكن طرده من الجسم.