■ من هو كريكور جابوطيان؟منذ الصغر، لديّ شغف في تصميم الأزياء، وشجّعني أهلي على ذلك، وخصوصاً والدتي. منذ نعومة أظفاري، كنت ألاحظ أموراً لم يكن يلحظها كثيرون في عمري. كنت أعطي رأيي بكلّ ما كانت ترتديه أمي، حتى إنّني كنت أحبّ أن ألمس القماش وأنتبه للألوان. أستعنت كثيراً بشقيقتي كفوتو موديل، بحيث أضع عليها شراشف وأقمشة وأصنع لها تصاميم. كنت محاطاً في طفولتي بنساء كثيرات.

■ مجموعتك لخريف وشتاء 2015 اسمها «أمل». لماذا؟
عادةً، أبدأ عملي بإحساس معيّن أو بحالة إيجابية حالمة أشعر بها وأجسّدها أو أعبّر عنها في تصاميمي. هذه طريقة تعبيري. الـ«أمل» الذي نحتفظ به في أنفسنا هو أقوى تعبير عمّا هو نحن عليه في الحقيقة.
■ ما الجديد في هذه المجموعة؟
كنت أحاول أن أجرّب تقنية النحت والسيليكون بأحجام وأشكال مختلفة. هذه التقنية تسمى Silicon Beading، أي كأنّك تطرّزين السيليكون. هنا، أدخلت طريقة عمل جديدة في مجال عملي. هذه التقنية لا توجد في بيروت، فاضطررت للسفر إلى باريس للعمل عليها في مشاغل ومحترفات هناك.
■ شعرنا بأنّ مجموعة «أمل» موجّهة إلى العرائس؟
هي ليست مخصّصة لهن، لكن بإمكان العروس أو أي سيّدة لديها مناسبة الاختيار منها. وقد يكون اللون القشدي (off-white) هو الذي أعطى هذا الانطباع.
■ نشعر بأنّك تستعمل كثيراً هذا اللون وتميل إلى الألوان الحيادية؟
أحبّه وأستعمله دائماً. وهذا تحدٍّ كبير، لأنّ عليّ أن أبيّنه في كلّ مرّة بحلّة جديدة. لكن بالطبع أصمّم فساتين وتايورات وأزياء بألوان كثيرة بحسب طلب السيدة. أفضّل الألوان الراكزة أكثر من الفاقعة والصارخة، كما أحبّ الأزرق والأحمر الداكنَيْن، والعنّابي، والباذنجاني. وهذا عامل من العوامل التي تبيّن أنّ هذه التصاميم من توقيعي.
■ يبدو أنّك تستعمل نوع قماش معين؟
أستعمل الغازار، والزيبلين (zibeline)، وتول الحرير، والكريب. فكرة تقديم نوع قماش واحد في المجموعة صعب أيضاً، ما يجعلني أسيراً لتيمة معيّنة وهنا تكمن الصعوبة.
■ هل تطمح إلى تصميم ملابس جاهزة؟
أتمنى دخول هذا العالم. هذا المجال مختلف تماماً عن الهوت كوتور. من الصعب تصميم ملابس جميلة وعملية ومريحة ويمكن ارتداؤها كل يوم. يخطر على بالي كثيراً خوض هذا المجال، لكنّني تراجعت مراراً بانتظار الوقت المناسب. عادةً يبدأ المصممون من الهوت كوتور، وينتقلون إلى الـready to wear بعدما يصنعون اسماً. هكذا تُباع ملابسهم بسهولة أكبر.
■ أين تعرض تصاميمك؟
أقدّم تصاميمي في جلسات تصويرية ضمن استديو أو مكان معيّن. وأحياناً أدعو إلى حفلة استقبال، وعادة تكون في الكويت، حيث معظم زبائني. وأفكّر في تقديم مجموعتي المقبلة في قطر.
■ ماذا عن السوق اللبنانية؟
إنّها صغيرة ويُطلب مني فساتين أعراس أكثر من أي شيء آخر. ولكن أشتغل على نطاق أوسع في الدول العربية.
■ ماذا عن باريس وميلان ونيويورك؟
أطمح إلى تقديم أعمالي هناك، لكن أفضّل أن تكون مسيرتي خطوة تلو خطوة.
■ هل لا تزال باريس أكثر العواصم شغفاً بالموضة؟
طبعاً. أكثر دور الأزياء التي تُصمّم هوت كوتور هي فرنسية. كما أنّ أهمّ المصمّمين العالميين هم فرنسيون.
■ من أين تستلهم أفكار تصاميمك؟
أنا من الذين يحبون أن ينظروا إلى كل شيء، فأتشرّب الصور وتختمر في رأسي. ودائماً أسجّل أفكاري على ورق حتى أحتفظ بها. مثلاً، أبدأ بفكرة أجسّدها، ومن ثم أطوّرها أو أعدّلها وأحياناً كثيرة أغيّرها حتى تنتهي الأمور إلى أفكار أخرى. أحبّ أن أُدخل عفويتي إلى عملي، وليس لديّ طقوس معينة خلال البدء بالعمل. الأفكار تأتي وحدها. كما أحب أن يكون عملي هواية وليس وظيفة حتى لا أفقد الشغف الذي يوصلني إلى الإلهام. كما أؤمن بأن الجو الإيجابي ينعكس إيجاباً على جو العمل وعلى الإنتاج.
■ هل تستعين بمواهب شابة على طريقة المصمّمين العالميين الذين يقدّمون تصاميم مع فريق عمل كبير؟
أحبّ أن أكون قبطان المركب والمسؤول الأوّل عن داري وتصاميمي. عندما اشتغلت مع المصمّم إيلي صعب، أعطيت من ذاتي ولكن ضمن الخط الذي تنتمي إليه هذه المدرسة، وهذه نقطة قوة بالنسبة إليه. كان شيئاً جميلاً ، لكنني أحببت أن أرسم لنفسي مساراً خاصاً ومختلفاً. الدور الكبيرة تستعين بمواهب شابة ربما لإدخال دم جديد على تصاميمهم أو لتجنّب التكرار. أما أنا، فلا يزال لديّ متسع من الوقت لكي أبرهن عن توجّهي وخطّي وتصاميمي.
■ لماذا يميل المصمّمون اللبنانيون إلى التصاميم الآمنة مثل فساتين السندريللا بخلاف مصمّمي الغرب الذين يطلقون العنان لخيالهم؟
ربّما هم يفكرون بطريقة تجارية مربحة.
■ ماذا عنك؟
أفكّر في تصاميم ترتديها المرأة وتحبّها ولا أفكّر في تصاميم كالتحف لا تُباع ولا تُرتدى.
■ ماذا يخطر في بالك عندما تبدأ بالتصميم؟
أول ما أفكّر فيه جسم المرأة الذي أحترمه كثيراً. فأنا أجرّب أن أهذّبه، بمعنى أن أبرز مفاتنه وفي الوقت نفسه أعمل بالمعطيات الموجودة أمامي. الأهمّ في الهوت كوتور هو المقاس، لأنّ عليك أن تفصّلي القصّة والقماشة على هذا الجسم. أحبّ أن أقدّم تصاميم أحبّها وأقتنع بها وتظهر حقيقتي، ولكن بالطبع أفكر في تصاميم تُباع. مهارة المصمّم هي في معرفة ماذا يليق بكلّ سيدة، وكيف يُبرز مفاتنها ويخبّئ عيوبها.
■ لأي امرأة يصمم كريكور؟ وبأيّ امرأة يفكر عندما يعمل؟
أصمّم للمرأة القوية التي تملك حضوراً أو طلّة. ليس بالضرورة أن تكون جميلة وذات مقاييس مثالية أو متناسقة. هناك نساء أنيقات ويرتدينَ ملابس جميلة، ولكن عندما يتحدثنَ يفقدنَ بريقهنّ.
■ ما أكثر ما يهمّك في المرأة؟
الكراكتير والكاريزما.
■ من هي الأجمل بالنسبة إليك؟
تلك التي تعرف مكامن قوّتها وتشتغل عليها. يمكن لكلّ امرأة أن تكون جميلة وذات شخصية مميزة. الأجمل بالنسبة إليّ هي الواثقة من نفسها، والتي لا تقارن نفسها بأحد كما يقول كارل لاغيرفيلد.
■ هل يختلف ذوق المرأة الغربية عن العربية؟
نحن في عصر العولمة. فلم يعد هناك مقارنة بين الشرق والغرب. هناك من يرى أنّ المرأة الغربية تهتم أكثر بالأزياء. أنا لا أرى هذا صحيحاً. لدى بعض العربيات ذوق ونظرة فنية أكثر من الأوروبيات أو الأميركيات مثلاً. المرأة هي المرأة مهما كانت جنسيّتها. لكن يمكن أن يكون لثقافتنا ومحيطنا وبيئتنا تأثيرها على ذوقنا.
■ كوكو شانيل تقول إنّ البساطة تصنع الجمال، فكيف يمكن للبساطة أن تفعل كل ذلك بينما تُنفق ملايين الدولارات على الفساتين والحُلى والأكسسوارات؟
هذا ما أركّز عليه في تصاميمي. عندما أصمّم فستاناً أركّز على فكرة معينة. أنا لا أحب أن تتضارب الأفكار. يمكن أن تكون البساطة في فستان أسود طويل مع ظهر مفتوح وعقد ألماس كبير. هذه البساطة لا تخلو من الفخامة الناعمة. هناك بعض اللبنانيين الذين يحبّون «العجقة» في ملابسهم وأكسسواراتهم كما يحبون الفساتين المطرّزة مع ماكياج صارخ. أنا أحبّ مثلاً أحمر الشفاه مع ماسكارا فقط، من دون كحل العينين. أو العكس، إذا كان ماكياج العينين قوياَ أفضّل الشفاه الميناميلية. ففي مجموعتي الأخيرة مثلاً ظهرت العارضة بماكياج ميناميلي مع أحمر شفاه فقط (Effet Nude).
■ تقول كوكو شانيل أيضا إنّ الأناقة ليست بارتداء فستان جديد. فما هو مفهومك للأناقة؟
شكلياً، الأناقة في المظهر الهادئ والحضور. وفي المضمون، أجد أنّ الأناقة تكمن في طريقة تقديم المرأة لنفسها. يمكن أن ترتدي امرأة تايور شانيل، فيما تظهر أخرى بملابس عادية، لكنّ الأخيرة يمكن أن تبدو أكثر أناقة من الأولى في طلّتها وطريقة كلامها وحضورها وترتيبها.
■ مَنْ مِن النجمات ارتدينَ تصاميمك؟
«رانيا» ملكة الأردن، إضافة إلى فنانات غناء ونجمات لا أريد ذكر أسمائهنّ.
■ هل راودك حلم التصميم للملكة رانيا؟
بالطبع، وكنت أفكّر كيف يمكن أن أصل إليها.
■ كيف حدث اللقاء بينكما؟
قصدتني مساعدتها لتصميم فستان زفاف لها، وهذا ما حصل. بعدها، زارتني المساعدة الشخصية للملكة لتطّلع على تصاميمي، فأعجبت بعملي وأخبرت الملكة عنّي ومن ثم دعتني لمقابلتها. هي عادةً لا تلتقي بالمصمّمين ولكن عندما التقتني قالت لي بضحكة جميلة: أحببت التعرّف إليك لأنّك «كتكوت».
■ من هي المرأة الملهمة بالنسبة إلى كريكور؟
مجموعة نساء في امرأة واحدة. هي المرأة الملهمة الوهمية (Muse Immaginaire). أحبّ جمال الممثلة الأوسترالية كايت بلانشيت وأناقتها وأحبّ أن أصمّم لها. كما أحبّ أناقة إمبراطورة إيران السابقة فرح ديبا.
■ إلامَ تطمح على الصعيدين الشخصي والعملي؟
أريد أن أكون سعيداً في حياتي، وأن أترك بصمة في عملي.
■ أين ترى كريكور جابوطيان بعد خمس سنوات؟
في بيروت.
■ هل تسافر؟ وما هي المدينة الأقرب إليك؟
أسافر كثيراً ضمن عملي، لكنّني أحب إسطنبول.
■ ما هو روتينك اليومي؟
أستيقظ الساعة السادسة صباحاً، وعند الثامنة أذهب إلى النادي في شارع الحمرا لممارسة الرياضة لمدّة ساعتين. وعند الساعة الثانية عشرة ظهراً يبدأ عملي في المشغل في التباريس (الأشرفية). مكتبي هو مشغلي.
■ من تحبّ من المصمّمين العالميين؟
كريستيان لاكروا، كارل لاغرفيلد، جان بول غوتييه وغاليانو.
■ عندما تسمع بهذه الأسماء بماذا تفكّر؟
مادلين فيونيه؟
أحاسيس (Sensuality)
■ كوكو شانيل؟
ثورية ونسوية.
■ كريستيان ديور؟
الكلاسيكية الباريسية
■ فالنتينو؟
الرقة والرهافة
■ طوم فورد؟
التفاخر بالذات (Egocentrism)
■ زهير مراد؟
غلامور
■ إيلي صعب؟
ملوكية
■ لمن تحب أن تصمّم من المشاهير؟
أحب أن أصمّم لفيروز ونورا جنبلاط وريما خشيش.
■ ما هي نصيحتك للمرأة؟
كلّ امرأة جميلة، وأنصحها بأن تكون ذاتها وأن تثق بنفسها وتُظهر نقاط قوّتها.
■ ما هي القطعة التي لا تتخيّل أن تخرج المرأة من دونها؟
في السهرات الـ«كلاتش»، وفي الأيام العادية ليس هناك من قطعة معينة.
■ هل تفكّر بتأسيس عائلة؟
لست مع فكرة الزواج. فالإنسان مخلوق معقّد، فكيف إذا اجتمع بإنسان آخر؟
■ لو لم تكن مصمّماً لكنت ماذا؟
نحّات أو مهندس معماري أو فنان.
■ هل تقرأ؟
ليس كثيراً، فالعمل يأخذ الكثير من وقتي، لكنّني قرأت أخيراً كتاب «في غرفتي» للفرنسي غيوم دوستان.
■ هل تسمتع إلى الموسيقى؟
الموسيقى أساس في حياتي. أسمع لأم كلثوم، وفيروز، وديسكو السبعينيات، وموسيقى كلاسيكية، وهيفا وهبي... كذلك أحب الموسيقى الفولكورية الأرمنية.