لا يعرف الجيل الجديد الكثير عن تاريخ المريجة والليلكي وتحويطة الغدير، هذه القرى الثلاث التي لم تعد تعرف نفسها منذ أن وصلتها الحرب، واجتاحها المدّ العمراني. غادر معظم السكان الأصليين، كما انقرضت البساتين والأشجار. القلة الذين بقوا يضفون طابعاً خاصاً في المنطقة التي تحاول بلديتها شيئاً فشيئاً استعادة أهلها من خلال مشاريع سكنية يتحمّس البعض لينضووا فيها.
الأمر لا يختلف بالنسبة إلى الجنوبيين، الذي هجّرهم الاحتلال من قراهم. وعندما تحرّرت قراهم، صارت رحلتهم إلى قراهم شبه أسبوعية. يعبرون خلالها أوتوستراد الجنوب، الذي لم يعد مجرد مسافة يقطعونها، بل عبارة عن حكايات وقضايا تذكّرهم بها كلّ محطة من محطات الطريق.
الطرفان يعيشان في بلد تزداد فيه يوماً بعد يوم حدة الوضع الاقتصادي، ما يتيح ازدهار قطاعات اقتصادية تتوجه إلى الفئة الفقيرة من المواطنين، مثل سوق الثياب المستعملة، التي شكلت طويلاً ملجأ الراغب في ارتداء الجديد، من دون أن تقصم المدفوعات ظهره.
أما لمن استطاع، فلا حلّ إلا بالاغتراب. والخطوة أسهل بكثير من الماضي، وخصوصاً بعدما بات التواصل متاحاً بعيداً عن الرسائل البريدية وأشرطة «الكاسيت».
(بلدي)